أكرم عطا الله يكتب: «علمانية… برا.. برا»..!

 

رسالة قوية أرسلها ذاك الشاب المجند لحركة حماس أول من أمس وهو يفض اعتصام ساحة السرايا الذي دعت إليه لجنة الأسرى للاحتجاج على وقف رواتبهم من قبل السلطة، عندما كان يصرخ وسط الحشد صرخته المخيفة “علمانية برا برا” أي العلمانيون خارجا.. خارج ماذا؟.. الإجابة معروفة لدى العارفين والمتابعين والذين استمعوا لبعض الشباب الذين تركوا حركة حماس وتحدثوا عن طبيعة التربية في الحلقات بداية التجنيد والنظرة للآخر.

ليس المهم كثيرا فض الاعتصام والذي لا أحد يمكن أن يعطي تفسيرا لما قام به عناصر من حركة حماس.. فعودة الرواتب هي فائدة للحركة أولا، ولأن فض الاعتصامات هي سمة عربية لدى أنظمة الحكم وما حدث في رام الله نموذجا ولا تحتكرها حماس وحدها لكن الجديد هنا أن فض الاعتصامات يكتسب بعدا أيدلوجيا وليس فقط صراعا على السلطة بل للأيدلوجيا المدجج بها ذلك الشاب والذي أسقط ما لديه في لحظة الشعور بالنشوة، نشوة القوة الدافع الرئيسي في جهاده في موقعة السرايا.

ليس المهم هنا اختلاط المفاهيم والجهل بالمصطلحات لدى الشاب أو الذي قام بتلقينه تلك الثقافة بكل تلك الديمغاغوجية التي كانت تشي بها هتافاته ولغة الجسد وصرخاته، بل المهم أننا أمام حقيقة تقول أن هناك جيلا يتم تربيته على حقائق مغلوطة تنتهي به إلى أن يرى في الآخر لمجرد الاختلاف معه ما يستدعي إقصاءه، وفي مرحلة ما ربما فإن اتهامه جاهز وإذا كانت العلمانية هي ما يهاجمه ذلك العنصر فإن حركات الجسد كانت وكأنها تتحدث عن جريمة ولائحة اتهام وتلك معضلة يسقط أمامها كل حديث التوافق والوحدة والمشاركة، وكل مفاهيم بناء المجتمعات الحضارية للعودة إلى مرحلة السيف وتنميط البشر وفقا لنمط محدد لا ينبغي الاختلاف معه أو الخروج عنه وإلا فإنهم سيطردون هذا في أحسن الأحوال.

وإن كانت العلمانية في أوروبا كإحدى نتاجات الثورة الصناعية في تلك القارة تعتبر بداية انطلاقة العمل السياسي وتكوين المجتمع المدني وتنحية سلطة الكنيسة التي ظلت السبب الأبرز لقرون عدة في تخلف تلك القارة وبعد أن تم إلزام القساوسة والرهبان داخل أديرتهم بعيدا عن السياسة بدأت أوروبا تشهد ذلك التطور الذي نعيش اليوم على فتاته، بل يطمح كثير من الشباب العربي بالهجرة  إلى تلك الدول، ومن هنا فإن الفصل بين الدين وبين العمل السياسي هو نقطة الانطلاق التي حدثت.

بالتأكيد لمن قرأ مجلدات كتاب الكاتب الشهير  ويل ديورانت “قصة الحضارة” في إحدى أجزائه عن الإصلاح الديني وعن الصراعات التي دارت بين رجال الكنيسة والمجتمع الذي أراد التطور في ظل قيود حكم رجال الدين يدرك طبيعة التجارب التاريخية وقد حاول رجال الدين آنذاك أن يتحدوا حركة المجتمع وبالتأكيد قال كثير منهم “علمانية برا برا” ولكن في النهاية كان هناك معادلة سارت باتجاه واحد فالدين ينطلق من حقائق وثوابت والحياة متحركة وبالتالي فإن حكم رجال الدين يعني تبكيت المجتمع ومنعه من الحركة وهي سمته الرئيسية .

العلمانية هي ما تشهده أوروبا من بناء مساجد واحترام الأديان، وإن ساقتني الأقدار في أحد أعياد الأضحى لأكون في الولايات المتحدة الأميركية وقد قررت الجالية الإسلامية في واشنطن أن تقام صلاة العيد في أحد أهم الشوارع الحيوية التي تربط طرق العاصمة الأميركية، لكن منذ ساعات الفجر الأولى كانت الشرطة الأميركية تغلق الشوارع وتعيد تنظيم الحركة لضمان نجاح صلاة العيد دون أي يبدي أي من المجتمع الأميركي أية ملاحظة أو غضب، بل وضعت الشرطة في خدمة الصلاة ولو فعلوها في مجتمع عربي ربما لن يقبل أن يتم إغلاق أحد شرايينه.

يتمسك رجال السياسة الذين رأوا في الدين أحد أهم وسائل السيطرة وطريق للحكم دوما بعملية الربط بين الدين والسياسة فهو المبرر الوحيد لوجودهم، ومن هنا فإن دولا كثيرة منعت تشكيل الأحزاب على أساس ديني لأن الدين لله والوطن للجميع وهناك رجال دين يقومون بكل الأدوار اللازمة للحفاظ على الضمير الديني للمجتمعات، والحقيقة أن النظام العلماني لم يمس بجوهر الدين بل ظل محافظا عليه ولم يفعل به كما فعل رجال السياسة الذين أعطوا ما يريدون من تفسيرات ولوى لعنق التعاليم لخدمة الهدف السياسي وهذا تنكيل بالدين.

ولننحي هذا النقاش الفكري جانبا لانه غائب أساسا في المجتمعات العربية ولم يسمع به هؤلاء الذين يتم تلقينهم في حلقات سياسية بعيدا عن العلم والتاريخ والثقافة، فتلك حرفة مختلفة لكننا أمام حقيقة كان يصرخ بها من هو بيننا، تلك الحقيقة التي يفترض أن تدعونا لقراءة أكثر عمقا لحقيقة الأشياء في ذروة نقاشنا عن المصالحة والتوافق والعمل السياسي ومتطلباته والذي ان ارتبط بالدين فإن الحديث عن تنازلات وقواسم مشتركة هو حديث منفصل عن الواقع، الحقيقة أننا أمام ظاهرة لم تتغير كثيرا معتقدين أن الأمر اختلف بفعل التجربة، لكن نحن امام معضلة أن بيننا من يتم تربيته على أن الآخرين لا مكان لهم في ظل حكمه، كيف يمكن حلها..؟!

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]