أكرم عطا الله يكتب: انقلاب المعايير..!

في بداية مارس للعام الماضي أصدر وزراء الخارجية العرب بياناً بعد ضغوطات من دول معينة أشاروا فيه إلى أن تنظيم حزب الله اللبناني يعد منظمة إرهابية رفضت حينها تونس والجزائر هذا التوصيف وتنصلت مصر من البيان.

قبل ذلك البيان بأسبوعين كان قد غادر دنيانا الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل الذي اعتبر صديقاً للحزب وحال الموت دون أن نسمع تعليقه حينها على القرار بفاصل أيام ولكن مدرسة هيكل في العالم العربي المنتشرة من الكتاب العرب عبروا عن استياء ورفض كبير لذلك الوصف بعكس شيوخ الفتوى الذين تلبستهم فوضى المذهبية التي اندلعت في الإقليم تحرق الأخضر واليابس وهنا كان الفارق واضحاً بين رجال الدين ورجال الفكر.

مطلع هذا الأسبوع كان وزراء الخارجية العرب أيضاً يعيدون تكرار المشهد بنفس الصياغات والجديد هذه المرة هزة سياسية في لبنان عنوانها استقالة أو إقالة الرئيس الحريري وحالة استقطاب كبيرة وحركة أكبر تشي ربما باستهداف جديد للحزب اللبناني،  وقد نفهم أن الحزب يتم تصنيفه في إسرائيل كحزب إرهابي ولكن ما علاقة العرب بالأمر؟ تلك ليست مصادفات وهنا الموقف المصري الذي عبر عنه الرئيس السيسي برفض اتخاذ إجراءات ضد حزب الله وذلك في مقابلة في الثامن من هذا الشهر مع محطة أمريكية يشي بنوع من التوازن أمام حالة الاندفاع نحو استهداف استقرار لبنان والمنطقة.

أن صراعاً مذهبياً في الإقليم انفجر فجأة في وجه العرب لم يدمر عواصمهم فقط بل منظومة القيم والمعايير التي كانت جزء من تماسك الدولة الوطنية الواحدة هذا الصراع الذي غذته إسرائيل أو عملت على تسعيره في مؤتمرات الأمن القومي “مؤتمر هرتسيليا الثالث عشر” والذي أوصى بتشكيل تحالف سني في مقابل محور شيعي وفجأة هناك في الإقليم من اندفع بهذا الاتجاه داعماً مجموعات متطرفة مارست إرهاباً حقيقياً في سوريا باسم الحفاظ على الدين أو إسقاط الدولة العلمانية لكن الأمر كان غير ذلك وأخيراً بدأ يقدم اعترافات مدهشة في الفضائيات عن سوريا ودعم الإرهاب هناك.

إن دولة القبيلة لم تتخلص بعد من إرثها المعياري الأكثر هشاشة ولكن الخطر أن يتحول هذا الإرث إلى مصدر إجماع ينعكس على كبرى المؤسسات العربية الجامعة في غياب لدول المركز الوطنية التي تجاوزت في مفاهيمها البنية التقليدية بل جرى استهداف تلك الدول وإضعاف دورها لتسييد ثقافة ما قبل الدولة والتي وجدت فيها إسرائيل نقطة ضعف عربية يمكن النفاذ من خلالها.

إسرائيل لديها أزمة بوجود سلاح تحت جدارها الشمالي أي أن المكون العسكري لحزب الله يرد في التقارير السنوية التي تقدمها مراكز الأمن القومي كمصدر تهديد، هذا مفهوم لمن يراجع ويتابع التقارير الدورية الإسرائيلية التي انتقلت من الحديث عن تراجع تهديد الجيوش النظامية إلى ما اسمته “بالمنظمات اللادولانية” في السنوات الأخيرة وهنا الموقف الذي تتخذه الجامعة العربية تحت ضغط دول معينة مريح لإسرائيل وهذا ما عبرت عنه صحيفة يديعوت قبل عام ونصف عندما  صدر البيان الأول الذي يتكرر الآن قالت حينها أنه إنجاز لإسرائيل لكن مذيع القناة الأولى في التليفزيون الإسرائيلي قال حينها “إن العالم العربي يقترب في مواقفه بالنسبة لإسرائيل” وهذا خارج طبيعة شكل الصراع الذي ترسخ في العقود الأخيرة.

كيف تحول الصراع من عربي إسرائيلي إلى عربي عربي؟ سؤال كبير تحته حدث تحولاً هائلاً في بنية المفاهيم وبنية الفكر غذته فضائيات كبرى وآبار نفط وغاز وشيوخ فتوى حتى تم تدمير العالم العربي الذي يحتاج الى عقود للوقوف على أقدامه من جديد،  كيف تلوثت المفاهيم؟ سؤال كبير ربما يحتاج دراسات كبيرة أحدثتها هزة الإقليم التي حدثت خلال السنوات الماضية وغيرت الاصطفافات بشكل مثير للصدمة، تحالفات عربية مع إسرائيل وعدو مشترك كيف تم ذلك؟  كيف أنفقت ما يقارب المائة وخمسون مليار دولار لتدمير سوريا وعندما فشلوا جاء الانتقام من الهزيمة.

لقد تغيرت المفاهيم وانقلبت المعايير فعندما يدعو شيخاً كبيراً جيوش الولايات المتحدة الأميركية التي دمرت العراق يدعوها لتدمير سوريا لله كما قال هذا يعني أننا أمام عصر انقلبت فيه المعايير الى الحد الذي يدعو للبكاء على الأمة وحينها كل شيء يصبح مباح،  هذا هو الزمن العربي الذي نعيشه وعلينا أن نصدقه..!!

Atallah.akram@hotmail.com

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]