أكرم عطا الله يكتب: نتنياهو.. الضم والكسر..!!

أكرم عطا الله

من يعرف بنيامين نتنياهو جيدًا يعرف أن هذا الرجل قادر على بيع السلعة الواحدة لأكثر من مشتري والحصول على عدة أثمان وخداع الجميع، ليس فقط لأنه امتهن بعد دراسته الجامعية في الولايات المتحدة كأول عمل مسوقًا لشركة أثاث مكتبي هناك، بل لأنه يملك من الدهاء ما مكنه من السير تحت المطر دون أن يبتل حتى اللحظة.

هو أصغر رئيس وزراء في تاريخ إسرائيل حين فاز عام 1996 على أحد المؤسسين وهو شمعون بيرس، كان عمر نتنياهو آنذاك 46 عامًا، ووصل قبلها إلى زعامة الليكود متجاوزًا كل الأمراء أبناء القادة، بينما لم يكن أميرًا حقيقيًا حيث والده اليميني المتطرف بن تسيون نتنياهو لم يعط أي منصب، وكان يعاني الإهمال والتهميش، ما اضطره الى الرحيل عن إسرائيل عام 63 وكيف تجاوز نتنياهو عام 92 وهو في الثانية والأربعين كل القادة التاريخين للحركة اليمينية وتجمع الليكود ليقف على رأس الحزب؟

أكثر رؤساء الوزراء فسادًا في إسرائيل لكنه أطولهم في الحكم محطمًا الرقم القياسي لمؤسس الدولة دافيد بن غوريون، أكثر من تلقى ضربات لكنه ظل واقفًا، تحيطه الشبهات والملفات الجنائية والمحاكم لكنه الأكثر شعبية الآن “يحصل الليكود على 41 صوتًا وفقًا لاستطلاعات الأسبوع الأخير هو الذي تمكن من تحطيم كل خصومه وقضى على حزب العمل وتلاعب بالجنرالات وأنهى أي منافسة داخل الحزب وخارجه.

حطم عملية السلام دون أن يدفع ثمنًا، جر العرب للتطبيع أيضاً دون أن يدفع أي ثمن، وجر الإدارة الأميركية لتبني أخطر المشاريع اليمينة أو بالأحرى برنامج حزب الليكود السياسي وأيضًا دون أن يدفع ثمنًا، ولازال يتصرف بغطرسة لا مثيل لها أمام الجميع في الداخل والخارج.

لا يعبأ نتنياهو بالعرب، فهو قارئ جيد للسياسة ويعرف أن السياسة ممكنات قوة وليست جمعيات تبشيرية وحسن نوايا ونداءات وبيانات، لذا تمكن من فعل ما يريد مطمئنًا لحالة عربية محطمة، وساهم في العقد الأخير في ذلك التحطيم، وكان أول من يجني ثماره فقد وقع الربيع العربي صافيًا بين يديه، فكل هذا الحراك الذي هز الإقليم كان أول من يستفيد منه نتنياهو.

تحطمت الحالة العربية وصنعت لها عدوًا وهميًا اسمه إيران، بل ساهمت إسرائيل بإيهام العرب بذلك بهدف أن تكون جزءًا من محور مضاد “مؤتمر هرتسليا الثالث عشر” وابتلع العرب الطعم كعادتهم ليسقطوا في حجره، فقد تمكن من التخطيط بدهاء واستعمل كل أدواته باحتراف بما فيها الجهل العربي ليصل الى حيث يريد، وقد نجح أكثر من توقع أكثر المتشائمين العرب الذين كانوا يرون، يعرفون، ويراقبون حالة الانكشاف العربي والهشاشة العربية، ولكن ليس الى هذا الحد من الانهيار.

وصل الى حيث أراد الوصول، وجعل برنامج الليكود اليميني خطة تقدمها الإدارة الأميركية، خطة لا يمكن لأي فلسطيني أن يقبلها، وهذا جزء من دهائه، وتقوم على ضم 30% من الضفة الغربية غير القدس، وتكون الأغوار في قبضة إسرائيل بشكل رسمي وباعتراف الإدارة الأميركية، وحين يرفض الفلسطينيون كما هو مخطط سيستكمل إجراءاته بالدعم الأميركي كأنه داعية سلام ويحمل الفلسطيني المسئولية.

أعلن أن الضم سيبدأ في الأول من الشهر القادم، وأحيانًا حتى في السياسة شر البلية ما يضحك، وهو معارضة مستوطنين لتلك الخطة باعتبارها سخية وتعطي الفلسطينيين أكثر مما يجب، وربما هذا هو السبب الأبرز لحالة الجدل القائمة والضبابية التي سادت لأسابيع اذ قدم المستوطنون تعديلات على الخطة، والتي رفعت للجنة الخرائط الأميركية الإسرائيلية المشتركة لإجراء التعديلات على الخطة “الكريمة” مع الفلسطينيين، والتي يقودها المستوطن الأكثر تطرفًا من حكومة إسرائيل نفسها السفير الأميركي في تل أبيب  فريدمان.

البعض من العرب واجه المسألة باحتجاج، والبعض من المستوطنين فعل ذلك، وكان على نتنياهو أن يمشي أيضاً بين حبات المطر أو أن يبيع السلعة مرتين، مرة للمستوطنين ومرة للعرب ويجني الثمن، وهي الفكرة الجنونية بالضم أولاً بالمستوطنات الكبرى التي تشكل 10% من مساحة الضفة الغربية، وهي الرشوة التي يقدمها للعربي بأنه لم يضم في ما كان ينوي ضمه، وهذا غير مختلف عليه في الخرائط، ثم يدعو السلطة لمفاوضات وعندما لن تقبل سيستكمل الضم وبهذا أيضًا سيظهر أنه قدم تنازلاً أو رشوة وهمية للعرب باعتباره لم ينفذ المشروع في الأول من يوليو.

أمام كل هذا الدهاء يبدو الفلسطينيون في حالة من الرثاء الشديد، حيث غياب الأفق والبرنامج واستكمال صراعهم واستيلاد صراعات جديدة وحالة من الفقر والأزمة المالية الطاحنة، والتي لم ينقذها حتى العرب حسب تصريح السفير الفلسطيني في القاهرة السيد ذياب اللوح الذي يعلن عدم الاستجابة العربية لطلب القرض وغياب المؤسسة، كل هذا تمكن من استغلاله نتنياهو ومن الطبيعي أن يحدث حين يكون الصراع بين طرفين أحدهما في غاية الدهاء والمقابل في غاية السذاجة ..والانكسار…!!!!

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]