أكرم عطا الله يكتب: نقل السفارة.. البيت الأبيض واليوم الأسود

 

لم تتوقف العنجهية الأميركية عن استعراض قوتها وبطشها بكل ما تملكه من أسلحة وصلف وغرور، ألهذه الدرجة بلغ بها الأمر أن تستعر مشاعر كل العرب والمسلمين والمسيحيين، والأكثر الفلسطينيين، لتعلن أن موعد نقل السفارة الأميركية في ذكرى النكبة السبعين لترش ملحًا على الجرح، والتي تتزامن مع الاحتفالات الكبرى التي أعلنت عنها وزيرة الثقافة الاسرائيلية ميري ريغيف، تلك ذروة الإهانة في عالم الغاب الذي يطل علينا شاهرًا أنيابه المسننة.

في عصر البلطجة تصبح الأوطان كقطع الحلوى، يتم تغليفها واهداؤها في مناسبات السقوط التاريخي، وتتحول العواصم الى لعبة “بوكر” في كازينوهات السياسة. وفي عصر العربدة يسجل البيت الأبيض النقطة الأكثر سوادًا في تاريخه المرصع بالذنوب منذ أن نصب نفسه شرطيًا على العالم، ليطلق رصاص “الكاوبوي” على الضمير وعلى العدالة الكونية.

هكذا بكل بساطة يستسهل تجريف الواقع دون أدنى اعتبار لتاريخ الشعوب وثقافتها وحضارتها، وكأن للقوة أن تعيد صياغة الحضارة الإنسانية تحت فوهات المدافع والصواريخ عابرة القارات، لينطلق أحدها من واشنطن نحو القدس في ذروة النشوة بهوس القوة، فمن يملك ايقاف هذا الجنون الذي فاض من عاصمته ليندلق على عاصمتنا..؟!

اسرائيل تستعد لاحتفالات النصر ونحن نجهز للنكبة، وما بين هذا وذاك يتقدم الوسيط متزلفًا بلا هوادة وبلا أي اعتبار حتى للتراث السياسي للدولة الأميركية نفسها التي حاولت أن تبدو على امتداد عقود أن لها موقفًا أكثر استقلالاً من اسرائيل، ولكنها تنكشف أمامنا الآن كدولة تم السيطرة على قرارها من قبل اللوبي الاستيطاني المحيط بالرئيس.

ليست المشكلة فقط في اسرائيل التي تتصرف سياسيًا تمامًا كما جرافاتها في الضفة الغربية، ولا في الولايات المتحدة فقط وإن كانت تلك مدعاة للدهشة من القوة العظمى، كيف تبدو بهذا القدر من الابتذال أمام حكومة المستوطنين في اسرائيل(؟!).. لكن المشكلة في أوروبا وفي العالم العربي اللذين يراقبان بصمت الشاهد على الجريمة دون أية محاولة للحيلولة دونها..!!

إنها جريمة مكتملة الأركان، لكن العدالة غائبة لدى أغلبية كونية مصابة بالذعر، أو لأن المصالح تسيَّدت على الأخلاق، وأصبحت مرشدة لها، وأن الضمير الانساني تمت رشوته ليتعلم حكمة الصمت، فكل شيء يبدو غريبًا في هذا العصر الذي فقد كل مبادئه التي كلفت ملايين الضحايا منذ أن قال المسيح كلمته قبل أن يسلموه إلى الرومان ليصلبوه، والآن يستمرون بملاحقته بالضرائب ليغلقوا كنيسة القيامة خوفًا من أن يقوم من جديد ليعيد إحياء زمن الأخلاق في عصر اللصوصية السافرة بلا خجل..!!

أن نلعن الواقع فهذا لا يكفي لوقف انحداره، وأن نلعن الزمن بصوت الضحية فلن نقنع الجاني بالكف عن الاستمرار؛ ففي علم النفس من يقول إن عيون الضحية الخائفة تدفع المجرم لارتكاب جريمته، لذا فإن السؤال: ما العمل خارج الشكوى ولعن الضمير الكوني؟.. هو سؤال العقل المطلوب في ذروة الملهاة التي يجسدها الاندفاع الأميركي ضدنا بكل طاقته.

نعم بالإمكان.. فعندما يتم دفعنا الى زاوية العدم فلا خيار نتكئ عليه سوى إرادة شعبنا التي أثبتت عبر التاريخ أنها أقوى من كل المؤامرات، وكل ما رسمته دوائر الغرف المغلقة على الورق تمزق تحت أحذية أطفال الحجارة، فماذا لو قرر شعبنا أن يبدأ ربيعه الذي طال انتظاره في ذكرى النكبة وفي موسم احتفال طردنا من أرضنا؟.. ماذا لو تحركت الملايين في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة تزحف لتصنع تاريخها كما الشعوب التي تسلحت بإصرارها وصنعت معجزتها؟.. هذا ممكن.

هذا الخيار الوحيد الباقي بعد موت الضمير العالمي وسبات الضمير العربي، وهو الخيار الوحيد الباقي كبطاقة حمراء يجب أن ترفع في وجه البيت الأبيض، وهو الخيار الأكثر نجاعة أمام الشكوى والتوصيف والتهديد الأعزل الذي يمارسه السياسيون الفلسطينيون والقوى والفصائل. لدينا ما يمكن أن نعيد دفة التاريخ لتصويب مسارها بالنهوض الوطني، إنه البرنامج الواقعي أمام بؤس الواقع،  اعتمدنا في السنوات والعقود الماضية على أقلية وسراب واندفاعات في الهواء كان ثمنها الدم والدمار، وآن الأوان أن نتسلح بالأغلبية القادرة والقاهرة، ودون ذلك فلنقرأ الفاتحة على روح الوطن، ولنقيم له خيمة عزاء كبيرة…!!!!

 

 

Atallah.akram@hotmail.com

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]