مؤشرات وصفتها برلين بأنها “خطيرة على الأمن القومي” حملها تقرير مكتب حماية الدستور (وكالة الاستخبارات الداخلية الألمانية) وتضمن لأول مرة إحصائية عن تزايد أعداد السلفيين والذين يطلق عليهم “الأصوليين المتشددين الإسلاميين” وارتفاع أعداد المنتمين لليمين المتطرف، وحذر التقرير من مخاطر قائمة بشن عمليات “عنف وإرهاب” من قبل “الجماعتين المتطرفتين” مما يهدد الأمن والاستقرار في ألمانيا.
تقرير الاستخبارات الداخلية الألمانية، فجر هواجس أمنية أثارت قلق الشارع الألماني، مع تزايد مخاطر السلفيين واليمين المتطرف، مما يعتبره مستشار الأمن الداخلي، الجنرال أدولف برونتين، تحذيرا في “الوقت المناسب” قبل أن تشهد ألمانيا عمليات عنف إرهابية.
وقال لصحيفة دي تسايت الألمانية، إن التقرير تضمن إحصائية دقيقة تشير إلى مخاطر ارتفاع عدد السلفيين المسجلين في الدوائر الأمنية إلى 8350 سلفيا نهاية عام 2015 مقابل 7900 في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، والزيادة خلال ثلاثة شهور فقط، وهو مؤشر يثير انتباه الوكالة الاستخبارية، إلى جانب أن عدد الأشخاص، الذين غادروا ألمانيا إلى سوريا والعراق للالتحاق بصفوف “الجهاديين” من التنظيمات الإرهابية في الشرق الأوسط بلغ 790 شخصا (مقابل 740 أعلن عنهم في أيلول/سبتمبر)، عاد ثلثهم منذ تلك الفترة إلى البلاد، بينما قتل 130 شخصا.من جهة أخرى، وأحصت الاستخبارات 230 محاولة لسلفيين ألمان الاتصال بجهاديين في مراكز استقبال طالبي اللجوء.
وحذر الخبير الأمني من محاصرة الأمن الألماني بين “فكي السلفيين واليمين المتطرف”، موضحا أن كل منهما يحمل عداءً للآخر، وهناك تناقض حاد بين فكر السلفيين واليمين المتطرف، والنتيجة تنعكس بالمخاطر على ألمانيا، مما يحتم ضرورة التحرك لرصد ومتابعة نشاط وتحركات كل من الجماعتين المشحونتين بالعداء والكراهية فيما بينهما.
الهواجس الأمنية التي تخيم على ألمانيا، وفقا لتوضيح الخبير الأمني، أدولف برونتين، عبرت عنها أيضا تصريحات هانس يورجن ماسن، رئيس الاستخبارات الداخلية، بأن الوضع الأمني “خطير” وأن المعلومات التي حصلت عليها أجهزته حول شن هجمات محتملة في ألمانيا كانت عام 2015 أكبر بثلاثة أضعاف مقارنة بـ2014، وهناك حالة من القلق إزاء التعبئة المتزايدة لدى اليمين المتطرف مع وصول 1,1 مليون طالب لجوء إلى ألمانيا، وأيضا حيال المواقف المعادية للمهاجرين بين فئة متزايدة من السكان ليست مرتبطة بحركات متطرفة.
الدوائر الأمنية والسياسية في ألمانيا، تخشى من ارتفاع أعداد السلفيين من “الإسلاميين المتشددين” مقابل تزايد أعداد المنتمين لليمين المتطرف، والتقارب بينهم وبين “محافظي اليمين” والسكان الرافضين للاجئين الجدد، مما يشير إلى احتمال وقوع أعمال عنف، خاصة في ظل أجواء من التطرف المتزايد في الدعاية المعادية لطالبي اللجوء لدى متطرفي اليمين، بعد أحداث رأس السنة في كولونيا، التي نسبت في غالبيتها إلى أشخاص من دول شمال إفريقيا.
وأوضح تقرير صادر عن مركز دراسات وأبحاث في الشئون الأمنية في برلين، أن تحذيرات مكتب حماية الدستور، تتضمن توقعات قائمة بانفجار أعمال عنف في ألمانيا نتيجة الاحتكاك بين مواقف وتوجهات السلفيين واليمين المتطرف، وكل منهما “وسع من دائرة منتسبيه” كما شهدت ألمانيا منذ عام تجدد الهجمات على مراكز استقبال اللاجئين، وفي نفس الوقت أظهرت استطلاعات الرأي أن حوالى 40% من الألمان يؤيدون استقالة المستشارة الالمانية انجيلا ميركل نظرا لاستيائهم من سياستها المتعلقة باللجوء، وأن مزيدا من السكان ينتقدون السياسة التي تنتهجها حكومة المستشارة ميركل إزاء المهاجرين.
وهي توجهات تصب إلى جانب “فكر اليمين المتطرف” مما يراه السلفيون إزدراء وكراهية للمسلمين من اللاجئين. وذكر التقرير أن هذه التوجهات تشحن العداء بين الطرفين مما تخشى معه الحكومة الألمانية من اللجوء إلى أعمال عنف أو تنفيذ عمليات إرهابية عدائية من الجهاديين.