المشهد الفلسطيني سوف يزداد اشتعالا عقب زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري للأراضي الفلسطينية المحتلة وتصريحاته المستفزة للفلسطينيين، حسب توقعات الدوائر الفلسطينية الشعبية والسياسية، وبعد أن منح “كيري” دولة الاحتلال “صكا” بمزيد من العنف .. والتوقعات كما يراها المحلل السياسي الفلسطيني، محمود الجرزي، أقرب للواقع بعد أن أعرب وزير الخارجية الأمريكي، أمس الثلاثاء، عن استياء أمريكا من موجه الهجمات الفلسطينية التي ليس لها مبرر!. وأوضح “الجرزي” لـ”الغد العربي”، أن الشعب الفلسطيني لم ولن يأمل خيرا من زيارة كيري، وهدفها المعلن هو وضع حدا لأعمال العنف واستعادة الهدوء، في الضفة الغربية المحتلة، ثم تكشفت حقيقة الزيارة بدعم دولة الاحتلال في مواجهة موجة غضب الفلسطينيين، أي أنه سحب شرعية مقاومة الاحتلال وممارسات العنف والانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة، للمقدسات الدينية المسيحية والإسلامية، ولمواثيق حقوق الإنسان واتفاقية جنيف، ومنح “الشرعية الأمريكية” للعنف والإرهاب الإسرائيلي.
وتتفق رؤية المحلل السياسي ومدير مركز الدراسات الفلسطينية في الأردن، محمود الجرزي، مع تقرير المركز الدولي للأبحاث العسكرية والسياسية بموسكو، الصادر اليوم الأربعاء، بأن وزير الخارجية الأمريكي، وفي أول زيارة له للضفة الغربية والقدس المحتلة منذ صيف 2014 أي قبل 16 شهرا، حمل رسالة واضحة تعيد تأكيد ثوابت الدعم المطلق لإسرائيل، ومع فشل الإدارة الأمريكية في تحريك مفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، دون أي توجه لممارسة ضغوط على الحليف “فوق الاستراتيجي” إسرائيل، حسب تعبير المركز الدولي الروسي، وتراجع الاهتمام الأمريكي عن دور الوسيط، وبدت الرغبة في “تهميش” ملف المفاوضات بين الجانبين، في حين تتسارع وتيرة بناء المستوطنات، والعنف الإسرائيلي في محاولة لردع الاحتجاجات الشعبية الفلسطينية.. وقال “الجرزي” للغد العربي، إن المشهد الفلسطيني سوف يزداد اشتعالا، عقب زيارة “كيري” ومباحثاته في رام الله والقدس المحتلة، بزعم البحث عن سبل استعادة الهدوء في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بتصريحاته المستفزة للفلسطينيين، عبر ثلاث رسائل:
أولا: أعلن صراحة عن إدانة ردود فعل الفلسطينيين في مواجهة عنف وإرهاب دولة الاحتلال، وأعرب عن استيائه من موجات الهجمات الفلسطينية، مؤكدا أنه لا يجد مبررا “للعنف الفلسطيني” وليس الإسرائيلي بالطبع، ولم يتطرق لأسباب ما يراه “موجة توتر” بين الفلسطينيين وإسرائيل، أي تجاهل تماما أسباب انتفاضة شعب في يواجه الاحتلال وحرمانه من حقوقه المشروعة في مواجهة عنف وإرهاب إسرائيل.
وثانيا، حسب تحليل “الجرزي”، منحت أمريكا حكومة نتنياهو خلال زيارة كيري، حرية ممارسة المزيد من العنف والحماية الأمريكية من ردود فعل دولية، بزعم أنه لا يمكن تصور “معايشة أعمال العنف والهجمات الإرهابية في الشارع يتم تنفيذها باستخدام السكاكين والمقصات والسيارات”، وأن هذه الأعمال الإرهابية تستحق الإدانة، وبهذه الرؤية المضللة بحث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، التدابير التي يمكن اتخاذها لوقف العنف، إلى جانب بحث التعاون الأمني بين البلدين، وفقا لبيان الخارجية الإسرائيلية الصادر عن الاجتماع، أي بحث كيفية وقف “العنف الفلسطيني” وليست تدابير بضبط النفس ووقف ممارسات المستوطنين العدائية العنصرية، والممارسات الإرهابية الإسرائيلية، وهي هنا “إرهاب دولة” وفقا للقانون الدولي.
وثالثا: تزامنت زيارة وتصريحات وزير الخارجية الأمريكي، مع الخطة التي أعلن عنها نتنياهو لـ”ردع الفلسطينيين” وإجهاض انتفاضة الغضب الفلسطيني، بما وصفه بتعزيز الإجراءات الأمنية ضد “الإرهابيين” في الضفة الغربية المحتلة، ورفع كافة القيود عن “أنشطة الجيش والأجهزة الأمنية” وكانت تصريحات نتنياهو واضحة أمام “كيري” بأنه سيطلق العنان لقوات الأمن والجيش “من أجل تعزيز وتيرة حربنا على الإرهابيين، وسنقوم بشق طرق التفافية خاصة بالإسرائيليين”، ولم يفت كيري التأكيد المكرر عن الدعم الأمريكي “المطلق” لإسرائيل.
ويؤكد المحلل السياسي الفلسطيني، أن هذه المؤشرات الثلاثة، سوف تزيد المشهد الفلسطيني اشتعالا، فضلا عن أن الفلسطينيين لم يأملوا يوما خيرا من الولايات المتحدة الأمريكية، وليس أمامهم إلا مواجهة الاحتلال وإرهاب المستوطنيين بكل الوسائل المتاحة أمامهم، من الحجارة إلى السكاكين وحتى الدهس بالسيارات.
