«أميرة» لمحمد دياب يحصد 3 جوائز في مهرجان فينيسيا السينمائي

أعادت أزمة فيلم أميرة للواجهة الشكل المبتكر والفريد من المقاومة الذي ابتدعه الأسرى الفلسطينيون والذي يعتمد على تهريب “نطفهم” خارج السجون لتتمكن زوجاتهم من الحمل، بعد أن منعهم الاحتلال من حقهم الإنساني بلقاء زوجاتهم.

وقال الأسير المحرر الفلسطيني، عبد الفتاح دولة، إنه أحد الذين شاركوا عبر لجنة الأسرى في مفوضية التعبئة والتنظيم، في مراسلة صناع الفيلم المثير للجدل، لوقف عرضه في دور السينما، مؤكدا “لا نقبل أن نخون أحدا من صناع هذا العمل”.

قصة الفيلم أثارت الكثير من الغضب فلسطينيا وعربيا، وتدور حول فتاة فلسطينية تكتشف أنها ليست ابنة أسير فلسطيني بل سجان إسرائيلي، وهو ما اعتبره كثيرون يشكك في نسب الأبناء الذين تم إنجابهم عبر النطف المهربة.

وأشار الأسير المحرر عبد الفتاح دولة في لقاء مع قناة الغد، إلى أنه يجب لهذه الفكرة ألا تستمر كونها تمس أمرا مقدسا يخص الأسرى الفلسطينيين بسجون الاحتلال.

وأكد أن هناك مبادرة لعقد لقاء مع صناع الفيلم عبر منصة زوم، وإجراء حوار حول هذه الأزمة وأسبابها.

واستجابة لهذه الحالة من الغضب قرر الأردن سحب الفيلم من الترشيح لجوائز الأوسكار فيما تبنى الكثيرون وجهة نظر تطالب بمنعه من العرض ومعاقبة القائمين عليه، كما لقي مخرجه المصري محمد دياب الكثير من الانتقادات في الأوساط المصرية، بينما رأى آخرون أن المنع ليس حلا بل يجب السماح به وترك الاختيار للجمهور لمقاطعته أو حضوره.

وذكر دولة في حديثه للغد أن فكرة الفيلم شريرة وتحمل العديد من المغالطات، ومغايرة لواقع حياة الأسرى في سجون الاحتلال.

واستعرض الأسير الفلسطيني السابق بعض المعلومات حول عملية “تحرير النطف” من السجون، التي وصفها بالمعقدة، إذ يتم التنسيق مع مستشفى قبل عملية الإخصاب.

وأكد أن هناك فصلا تاما بين الأسرى وذويهم داخل السجون، ومنع التواصل، إذ لا يكون سوى خلف الزجاج والهاتف لنقل الصوت.

ولفت إلى أن تفاصيل الفيلم جاءت بعيدة عن حقيقة معاناة الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية.

في ظل التنديد الفلسطيني بالمحتوى الذي قدّم عن الأسرى في فيلم أميرة، واعتبارهم بأنه يمثل تعديا وإساءة  لكرامة الأسرى وبطولاتهم وتاريخهم  الكفاحي بتناوله عملية تهريب “النّطف” من سجون الاحتلال، خرج مخرجه محمد دياب لتبرير ما حدث، معتبرا أنه يصوًر قضية الأسرى بشكل إيجابي وإنساني.

كما أشار دياب إلى أن الفيلم ينتقد الاحتلال بوضوح.

وكانت ردود الأفعال على فيلم أميرة واسعة، حيث أوقف الأردن عرضه، استجابة لتنديد نشطاء عرب وفلسطينيين بالفيلم واتهامه بأنه «يسيء إلى الأسرى الفلسطينيين.

كما أطلق رواد مواقع التواصل الاجتماعي حملات مطالبة بسحب الجوائز التي حصل عليها.وتأتي هذه الإدانة في ظل حالة الغضب الفلسطيني الواسع، الذي عم الشارع الفلسطيني، حيث غرد المئات من المواطنين ضد الفيلم، مطالبين بسحبه وعدم عرضه ومحاسبة المسؤولين عنه.

وقالت مؤسسات الأسرى، إن جهودًا تبذل وما زالت مستمرة بالتعاون مع وزارة الثقافة، ومنظمة التحرير الفلسطينية، وكذلك القوى الوطنية والإسلامية، لمواجهة كل من ساهم في إنتاج فيلم “أميرة”، ووضع حد لكل من تسول نفسه لتشويه نضال الأسرى الفلسطينيين وعائلاتهم.

وأضاف: “نحن نعتبر أن الأسرى الفلسطينيين ومشاعرهم الأولوية لنا وقضيتنا الرئيسية، لذلك سيتم وقف أي عروض للفيلم، ونطالب بتأسيس لجنة مختصة من قبل الأسرى وعائلاتهم لمشاهدته ومناقشته”.

وتابع: “نحن مؤمنين بنقاء ما قدمناه في فيلم أميرة، دون أي إساءة للأسرى والقضية الفلسطينية”.

فيما أكدت مؤسسات الأسرى، أن جزءًا أساسيًا في الصراع مع الاحتلال وأدواته، هو الصراع على الرواية، معتبرة أن الاستمرار في التعاطي مع الفيلم والترويج له، هو خيانة لنضال الشعب الفلسطيني.

وقالت مؤسسات الأسرى (هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، والهيئة العليا لمتابعة شؤون الأسرى)، إنها تتابع عن كثب قضية فيلم “أميرة”، والذي تم بإنتاج مشترك (مصري- أردني – فلسطيني)، حيث يتناول الفيلم قضية “النطف المحررة” من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، بطريقة تتساوق بشكلٍ مباشر مع رواية الاحتلال، بتجني كامل على الحقيقة.

وذكرت أن قضية “النطف المحررة” شكلت على مدار السنوات القليلة الماضية أبرز الإنجازات التي تمكن من خلالها الأسرى كسر السجن، وصناعة الأمل بالإرادة، وأصبحت محط اهتمام عالمي، ومن المؤسف أن الطاقم القائم على الفيلم، لو كان لديه نية حسنة تجاه النضال الفلسطيني، كان الأجدر أن يسلط الضوء على إبداع وعبقرية الأسير الفلسطيني وتحدي الجدران والأسلاك الشائكة لصناعة الحياة، ففي القضية ما يكفي من تفاصيل لصناعة أهم الأفلام الناجحة، بدلًا من اختراع الأكاذيب

.وأكدت مؤسسات الاسرى في بيانها، رفض الفلسطينيين لقضية تمس نضالهم هو صفعة لكل القائمين على الفيلم، داعياً جماهير الشعب الفلسطيني وكافة المؤسسات بمقاطعة الفيلم وعدم السماح بعرضه داخل فلسطين.

وقال وزير الثقافة عاطف أبو سيف، في بيان صحفي اليوم الأربعاء، “الفيلم يمس بشكل واضح قضية هامة من قضايا شعبنا ويضرب روايتنا الوطنية والنضالية، ويسيء بطريقةٍ لا لبس فيها إلى تاريخ ونضالات الحركة الأسيرة الفلسطينية، التي نعلم جميعًا مدى قدسيتها وأهميتها على المستويين الشعبي والرسمي وعلى المستوى القومي”.

وأشار إلى أنه تم عقد اجتماع قبل أكثر من ثلاثة أسابيع حضرته مكونات الحركة الوطنية والأسيرة من أجل تداول الخطوات الواجب اتخاذها من أجل التصدي للتداعيات السلبية لهذا الفيلم.

فيما خاطبت الوزارة نظيرتها الأردنية بهذا الخصوص، إضافة إلى التواصل مع الهيئة الملكية للأفلام وتوضيح ما يشكله الفيلم من إساءة ومساس بقضية الأسرى مقدسة.

وحذر أبو سيف من تداول هذا الفيلم الذي ستكون له انعكاسات خطيرة على قضية الأسرى، وبخاصة أنها تسيء لِأُسَرِهم بعدَ إنجابهم الأطفالَ من عملية تهريب النطف، مطالباً وزارة الثقافة في الأردن ومن الجهات الرسمية أن تنظر بخطورة إلى تداعيات نتائج هذا الفيلم المسيء.

وأضاف: “الفنان هو صوت قضيتنا الوطنية الفلسطينية ورافعة من روافع المواجهة مع الاحتلال ومع من يستهدف قضايانا الوطنية المقدسّة، وهذا هو الدور الطليعي والطبيعي الذي شغله المثقف والفنان والكاتب الفلسطيني منذ فجر صراعنا مع الاحتلال”.

وأشار إلى أن مهمة الفنان الحقيقية هي الانتصار للقيم والمثل الإنسانية العليا، وإرادة الأسير الفلسطيني وهو يتحدى كل سياسات إدراة السجون بالإصرار على الحياة من خلال هذا الفعل البطولي الخارق في تهريب النطف حتى تستمر الحياة رغم أنف السجان لهو عمل يستحق الثناء والإنحاء تقديراً لهذه المعجزة البطولة.

وبدورها، عبرت لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية عن استيائها الشديد من أحداث الفيلم من البداية حتى النهاية، والتي دارت حول قيام الأسرى الفلسطينيين الذين تتبخر أعمارهم في السجون “الإسرائيلية” بتهريب النطف من أجل إنجاب الأبناء من سفراء الحرية.

وقالت لجنة الأسرى، في بيان صحفي اليوم الأربعاء، إن فيلم أميرة لم يعبر عن الحالة والواقع الذي تعيشه الحركة الوطنية الفلسطينية الأسيرة، موجهة نداءً للجهات الفلسطينية المختصة في شؤون الأسرى الرسمية والمؤسساتية ولوزارتي الثقافة والخارجية والسفارات من أجل متابعة هذه القضية مع الدول التي تم عرض الفيلم فيها ومنع عرض الفيلم الذي استغل قضية الأسرى لتحقيق منافع وامتيازات فنية ومادية على حساب أعدل وأنبل قضية في التاريخ.

اختارت المملكة الأردنیة فیلم “أمیرة” للمخرج محمد دیاب، لیكون ممثلاً لھا في ترشیحات أفضل فیلم أجنبي في جوائز أكادیمیة علوم وفنون الصور المتحركة صُناع السینما (الأوسكار) الرابع والتسعين.

ویقام حفل توزیع الجوائز في ھولیوود في مارس من العام المقبل، ومن المرتقب اختیار القائمة القصیرة مطلع 2022.

وقبل أیام حصل فیلم “أمیرة” على تنويه خاص من لجنة تحكیم مھرجان أیام قرطاج السینمائیة، حیث شارك في المسابقة الرسمیة، كما ینافس خلال أیام في مھرجان البحر الأحمر السینمائي الدولي، حیث تم اختیاره ضمن قسم اختیارات عالمیة.

ومؤخراً شارك فیلم “أمیرة” في مھرجان أیام فلسطین السینمائیة، وقبلھا شھد عرضه الأول في العالم العربي بمھرجان الجونة السینمائي، وشھدت عروضه إقبالاً كبیراً من النجوم ووسائل الإعلام والجمھور، وكذلك أبطال وصُناع الفیلم، وأقیمت ندوة نقاشیة مع وسائل الإعلام والنقاد والحضور من الجمھور بعد عرض الفیلم.

وفي عرضه العالمي الأول بمھرجان فینیسیا السینمائي، حصد فیلم “أمیرة” ثلاث جوائز، وتلقى الفیلم ومخرجھ محمد دیاب والأبطال وباقي صناعھ سیلاً من الإشادات من نُقاد ومواقع عالمیة، بالإضافة لاستقبال الجمھور الإیطالي لھ بـ7 دقائق من التصفیق.

الجوائز، التي فاز بھا فیلم “أمیرة” ھي جائزة لانتیرنا ماجیكا، التي تمنحھا جمعیة تشینیتشیركولي الوطنیة الاجتماعیة الثقافیة للشباب (CGS)، جائزة إنریكو فولتشینیوني، التي یمنحھا المجلس الدولي للسینما والتلیفزيون والإعلام السمعي البصري بالتعاون مع منظمة یونسكو، وجائزة إنترفیلم لتعزیز الحوار بین الأدیان.

وتدور أحداث الفیلم حول “أمیرة”، وھي مراھقة فلسطینیة ولدت بعملیة تلقیح مجھري بعد تھریب منيّ والدھا نوار السجین في المعتقلات الإسرائیلیة، على الرغم من اقتصار علاقتھما على زیارات السجن یظل نوار بطل “أمیرة”، ویعوضھا حب من حولھا عن غیاب والدھا، لكن عندما تفشل محاولات إنجاب طفل آخر ویُكشف أن نوار عقیم، تنقلب حیاة “أمیرة” رأساً على عقب.

ویضم فریق عمل فیلم “أمیرة” عددا كبیرا من النجوم العرب، في مقدمتھم صبا مبارك وعلي سلیمان، والممثلة الشابة تارا عبود، التي یقدمھا الفیلم لأول مرة سینمائیاً في دور “أمیرة”، مع قیس ناشف وولید زعیتر.

الفيلم من مونتاج أحمد حافظ، الذي سبق له التعاون مع دیاب في فیلم “اشتباك”، ومن تألیف الثلاثي محمد وخالد وشیرین دیاب.

الفیلم من إنتاج فیلم كلینك (محمد حفظي)، وAgora Audiovisuals (منى عبد الوھاب)، وأكامیدیا بیكتشرز (معز مسعود)، بالاشتراك مع الطاھر میدیا برودكشن (یوسف الطاھر)، وThe Imaginarium Films (رولا ناصر).

ویشارك المخرج الفلسطیني ھاني أبو أسعد وأمیرة دیاب وسارة جوھر كمنتجین للفیلم، منتج منفذ ھشام العربي، ومنتج مشارك دانییل زیسكند، وحصل على دعم من الھیئة الملكیة الأردنیة للأفلام، وتقوم شركة Pyramide بالمبیعات الدولیة للفیلم، بینما تتولى شركة MAD Solutioرns بالاشتراك مع Lagoonie Film Production توزیع الفیلم في العالم العربي، وتتولى MAD مھام التسویق للفیلم.