ظلت قضية حفر الأنفاق على الحدود الشرقية لقطاع غزة مع الأراضي المحتلة مثار ذعر كبير لإسرائيل، بخلاف مثيلتها ذائعة الصيت على الحدود مع مصر، بعدما لعبت تلك الأنفاق دورا حاسما في تكبيد الاحتلال خسائر فادحة في حرب غزة الأخيرة، بينما كانت وسيلة لأسر جنوده.
وأعلنت حركة المقاومة الإسلامية «حماس» مقتل 7 من عناصرها في انهيار أحد الأنفاق اليوم، الخميس، بعدما فُقد الاتصال بهم أمس، الأربعاء، بسبب سوء الأحوال الجوية، أثناء عملية أمنية كان ينفذها مقاتلو كتائب عز الدين القسام الذراع العسكرية للحركة شمال شرق القطاع.
وكانت العملية الأمنية التي راح ضحيتها 7 من عناصر «حماس» فيما أنقذ 4 آخرون، لترميم أحد الأنفاق التي استخدمها مقاتلو الحركة في حرب غزة الأخيرة في أغسطس/آب 2014 التي سميت بـ«العصف المأكول».
وفي هذه الحرب كشفت فصائل المقاومة الفلسطينية على رأسها «حماس» تطويرها استراتيجية قتال جديدة و«فعّالة» ضد الجيش الإسرائيلي الذي اعتاد اجتياح شرق قطاع غزة، وهي تلك الأنفاق التي كان يحفرها مسلحو تلك الفصائل للوصول إلى خلف نقاط جيش الاحتلال وصولا للمستوطنات القريبة من الحدود الشرقية للقطاع، مما أثار ذعرا كبيرا داخل إسرائيل.
وخلال الحرب التي دامت 51 يوما متواصلة، تمكن مسلحو فصائل المقاومة من استهداف عدة كتائب لجيش الاحتلال ما استدعى قادته للقول: «سلاح الأنفاق رادع استراتيجي سيحسم أي مواجهة مقبلة خاصة في العمليات البرية لصالح المقاومة»، مشيرين إلى أن «المقاومة استعدت جيدا لوقت طويل مضى لهذه الحرب».
وتعد منطقة الشجاعية وخان يونس أكبر مناطق وجود تلك الأنفاق، وهي أيضا أكثر المناطق التي دُمرت بالقصف الإسرائيلي، وفي حوار مع القناة العاشرة العبرية في أيام الحرب، قال العقيد ساعر تسور، من الفرقة 401، إن جنود الاحتلال يسمعون أصوات تحركات وتنقلات قوية تحت سطح الأرض ما يدل على وجود عناصر المقاومة في الأنفاق.
وعلاوة على استخدام فصائل المقاومة لأسلحة غير تقليدية في مواجهة العدوان الإسرائيلي ووصلت صواريخها إلى عمق الأراضي المحتلة في القدس وغيرها، اعتبرت الصحف العبرية الأنفاق بمثابة مفاجأة فشلت الاستخبارات في تقدير قوتها، ما كبّد جيش الاحتلال أكبر حصيلة قتلى في تاريخ مواجهاته مع غزة.
وردا على سقوط قتلى في مواجهات مباشرة غير مسبوقة بين مقاتلي فصائل غزة الذين وصلوا عبر الأنفاق إلى نقاط الجيش الإسرائيلي، شنّ الاحتلال أعنف غاراته على قطاع غزة لتصل حصيلة الحرب لأكثر من 2100 شهيد فضلا عن تدمير بنيته التحتية وتشريد نحو مليون نسمة.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2014، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، عن قلقه إزاء حفر أنفاق بين غزة والأراضي المحتلة، قائلا أثناء تفقده لأحد تلك الأنفاق بالقرب من معبر إيريز في الجانب الإسرائيلي أنه «مصدوم» من وجودها.
وأعلن الجيش الإسرائيلي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بدء تنفيذه خطة بناء عوازل خرسانية بطول الحدود الشرقية مع قطاع غزة لإيقاف وصول عناصر المقاومة إلى نقاط تمركز الجيش فيما وراء حدود غزة، وإلى المستوطنات التي يشتكى ساكنوها من سماع أصوات حفر أسفل منازلهم حتى الآن.
