أول متحف لـ«الحضارة الإسلامية» في أوروبا يثير الجدل

شهدت مدينة لا شو دو فون الواقعة في كانتون نوشاتيل، السويسرية، افتتاح أول متحف لحضارات الإسلام، هو الأول من نوعه في أوروبا، وفق قول مديرته نادية كرموص، غير أن مصدر تمويل المشروع وموضوعه أثارا شيئا من الجدل، ذلك أن جزءا من الأموال تأتي من مؤسسات إسلامية متهمة بـ«الترويج لإسلام أصولي ومتشدد».

يقع المتحف الجديد في مبنى عريق، وفخم وأنيق، ومن الطراز الحديث، وعلى مقربة من محطة القطارات، ومطل على شارع ليوبولد روبر الذي يعتبر الشريان الرئيسي لمدينة لا شو دو فون، ومنذ بضعة أيام ثُبّتت لافتة فوق باب المدخل الرئيسي نقش عليها اسم «متحف الحضارة الإسلامية»، وقبل أسابيع من موعد الافتتاح، أثار المتحف، الذي أطلق عليه اختصارا من تسميته الفرنسية تسمية «موسيفيMucivi» ضجة في المدينة المشهورة بصناعة الساعات، والتي تتربع فوق قمم جبال كانتون نوشاتيل، المعروف بروح الانفتاح والتسامح.

ويمتد متحف Mucivi على مساحة تبلغ 750 مترا مربعا، ويتكوّن من ستة أقسام، تشرح تاريخ حضارة الإسلام منذ فترة ما قبل الوحي وحتى زماننا المعاصر، من المقرر ضمن البرنامج، أن تكون هناك أيضا معارض مؤقتة، لمرة واحدة أو مرتين في العام، تتناول موضوعات تتعلّق بالأحداث الجارية.

الطرف الأساسي الذي يقود الهجمة هو الفرع المحلي لحزب الشعب السويسري «يمين شعبوي»، الذي يُعارض بقوة أي نوع من إتاحة المجال أمام الإسلام، كما سُجّلت معارضة من قبل مواطنين عاديين عبروا عن تخوفاتهم من خلال الحيّز المخصص لآراء القراء في الصحيفة اليومية المحلية «لِمبارسيال»، وفي معرض الردّ قالت مديرة المتحف نادية كرموص، «ليس الهدف من المشروع الدعوة والتبشير، وإنما أردنا أن نسلط الضوء على حضارة الإسلام وتنوّع ثقافته، ويمثّل متحفنا دعوة للحوار ورحلة للتأمل».

ويوفر المتحف للزائرين دليلا صوتيا بأربع لغات «الفرنسية والألمانية والإنجليزية والعربية»، وتبلغ قيمة رسم الدخول 20 فرنكا للشخص الواحد، ويوجد في المبنى أيضا مكتبة متخصصة، مفتوحة للجمهور، تضم أكثر من 20 ألف عمل فني، وتصف السيدة السويسرية الجزائرية الأصل الفرنسية المولد، التي ترتدي الحجاب الإسلامي وتترأس الجمعية الثقافية للنساء المسلمات في سويسرا، نفسها بأنها امرأة روحانية، تأخذ الإسلام بعزيمة من دون أن تفرضه على الآخرين، وبالنسبة لها، تعتبر بأن افتتاح المعرض هو بمثابة تحقيق حلم حياتها.

النظرة الإيجابية للإسلام

وأضافت كرموص، أن هذه هي المرة الأولى على مستوى أوروبا التي يقوم فيها مسلمون بإنشاء مشروع من هذا القبيل «بالتأكيد، ليست الانتقادات هي التي ستجعلني أستسلم، بالعكس، إن الجدل الناشئ عن افتتاح المتحف يدل على مدى أهمية المشروع في هذا الوقت الذي أصبحت فيه مجرد كلمة إسلام تشكّل تهمة»، حسب قولها.

ومن أجل تحقيق مشروع المتحف الدائم، عهدت المؤسسة الوقفية التي تملك المبنى منذ عام 1999 بالمهمة إلى أوليفيي شينس، الأمين المساعد لمتحف علم الأجناس في نوشاتيل، وإلى اثنين من الباحثين.

وقد أكد شينس، بأنه تمكن من القيام بعمله في أجواء من الحرية ومن دون أي ضغوط خارجية، وأن مهمته كانت ضمن أطر واضحة، وقال: من الطبيعي أن يقدّم المتحف صورة إيجابية عن الإسلام وتياراته، ولا يُعقل أن يقوم مسلمون بإنشاء متحف يُسيء لدينهم، ومن ثمّ يبقى مجال النقد مفتوحا، وفقا لقول عالم الأجناس.

والواقع، أن محتوى المتحف ليس هو الذي يثير النقد والجدل، وإنما تكلفته التي تجاوزت 4 ملايين فرنك والتي ساهمت فيها أطراف من الكويت وقطر، مثل مؤسسة قطر الخيرية التي تدرجها الإدارة الأمريكية ضمن قائمة الهيئات الداعمة للإرهاب وتتهمها بالتخفي بعباءة العمل الخيري.

 

مقدّمة لانعزالية مجتمعية؟

وكشفت نادية كرموص عن أنها قامت ولأكثر من عشر سنوات بطرق أبواب العديد من الأطراف السويسرية والأوروبية بحثا عن الدعم المالي، ولكن دون جدوى، ثم إنها اتصلت بسيدات من أغنياء الكويت وقطر خلال زيارتهن لسويسرا، وتمكنت من إقامة علاقات ثقة معهن، وأشارت إلى أن الدور الذي لعبته جمعية قطر الخيرية لا يعدو الوساطة لدى أطراف مانحة أخرى، وأكّدت أن هذه المؤسسات لا تتدخل بأي حال من الأحوال في محتويات المتحف، على حد قولها.

ترى الباحثة مالّوري شنوفلي، أنه يتعيّن الإعتراف بالجمعيات الإسلامية ومنحها صفة «المنفعة عامة»، وأنه يجب تمكين المسلمين من وسائل الحصول على التمويل في سويسرا.

ومن أجل تغطية تكاليف تشغيل المتحف على المدى الطويل، والتي تُقدّر بنحو 600 ألف فرنك سنويا، تُراهن المؤسسة على مشروع عقاري جديد يجرى البحث عن التمويل اللازم له، وتقدّر قيمة بنحو 22 مليون فرنك، ويُتوقع أن ينشأ بالقرب من المقر الحالي للمتحف، ويتضمن مُجمّعا بمساحات تجارية و57 شقة من الطراز الراقي، فضلا عن قاعة للصلاة وقاعات أخرى لدورات تعليم اللغة والدين، ومسبحا يتناوب عليه الرجال والنساء.

غير أن ثمة مَن لا يُخفي تشككه وتخوفه من المشروع: «أنا سعيد بزيارة المتحف، وجميل أن نتعرّف على الإسلام الذي كان له ماض مزهر»، وفق تعبير إيفان بيران، رئيس فرع حزب الشعب السويسري في نوشاتيل، وأضاف، لكن المشروع العقاري التابع له الذي تظهر منه مقدمة للانعزالية المجتمعية في مدينة لا شو دو فون، وأرى أن هناك رغبة في غرس إسلام متشدد من ورائه مشاكل، حسب رأيه.

 

شبهة الصلة بالإخوان المسلمين

 

من جانبها، انتقدت سعيدة كيلر مساهلي، رئيسة المنتدى من أجل إسلام تقدمي، ما اعتبرته «سذاجة المواطنين والسلطات في مدينة لا شو دو فون»، حيث قالت، للإذاعة العمومية الناطقة بالفرنسية RTS، على مدى عقود، وقطر والسعودية وتركيا تحاول تصدير الإسلام من وجهة نظرها، عبر تمويل إقامة هياكل مماثلة، ولهذا السبب وقعت يوغوسلافيا السابقة في قبضة السلفية والوهابية»، ونوّهت إلى أن من شأن هذا المتحف أن يمنح الشرعية للإسلام السياسي على حساب المؤسسات الأخرى التي ليس لديها ذات الإمكانيات، على حد قولها.

من جهة أخرى، ثار الجدل أيضا حول صلة محمد كرموص، زوج نادية، بجماعة الإخوان المسلمين، ففي كتابه الصادر تحت عنوان «المقاومة!»، كشف المراسل الفرنسي أنطوان بيلون عن معلومات من المخابرات الفرنسية تتهم محمد كرموص بأنه قام مرتين بنقل عشرات الآلاف من اليورو نقدا لدعم مشاريع خاصة بجماعة الإخوان المسلمين في أوروبا، الأمر الذي نفته نادية كرموص مردفة: نحن مشغولون جدا بافتتاح المتحف، وحينما يكون لدينا وقت، سنرفع دعوى قضائية ضد هذا الصحفي.

أما بالنسبة للسلطات المحلية، التي لا تزال ترحّب بافتتاح المتحف، فإنها تقف موقفا دفاعيا في مواجهة وابل من الإنتقادات التي تتهمها بالتساهل، حيث قال تيو هوغينا إيلي، عُمدة مدينة لا شو دو فون: نه مشروع خاص، ولسنا نملك المسوغات القانونية لحظره”، وأكّد قائلا: ليس لدينا أية وسيلة لإجبار هذه الجماعة على الشفافية بشأن مصادر تمويلاتها المالية، وأملنا الوحيد أن تقوم المصارف بمهمتها على الوجه الصحيح.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]