أين يوجد البشير؟ وهل يقبل طوق النجاة الأوغندي؟
أين يوجد البشير؟ وهل يسلمه المجلس العسكري الانتقالي في السودان إلى المحكمة الجنائية الدولية أم لا؟ وهل يسعى الرئيس المعزول إلى طلب اللجوء السياسي، خاصة بعد تلميح أوغندا بإمكانية فعل ذلك؟.. ثلاثة أسئلة تستحوذ على اهتمام الكثيرين دوليا وإقليما، بالإضافة إلى الداخل السوداني.
مكان آمن
لا يوجد تأكيد رسمي عن مكان وجود الرئيس السوداني المعزول، عمر البشير، الذي أطاحت به المؤسسة العسكرية الأسبوع الماضي، إذ اكتفى قادة البلاد العسكريون الجدد، بالقول إنه محتجز في مكان آمن”.
سجن كوبر
لكن وفق وسائل الإعلام السودانية، ومصادر أمنية، وكذلك مصدر في عائلة البشير، نُقل الرئيس السوداني المعزول، مساء الثلاثاء، إلى سجن كوبر في الخرطوم.
ووفق للمصادر، كان البشير محتجزا تحت حراسة مشددة في السكن الرئاسي الموجود داخل المجمع الذي يشمل أيضا وزارة الدفاع، قبل نقله إلى سجن كوبر في وقت متأخر من مساء الثلاثاء.
حبس انفرادي
وأشار مصدر في سجن كوبر إلى أن البشير محتجز في حبس انفرادي تحت حراسة مشددة.
وسبق وصول البشير إلى سجن كوبر عدد من القيادات العليا من النظام السابق، ووفق الصحف السودانية تم اعتقال 11 من المسؤولين الكبار السابقين، بينهم ولاة مدنيون.
وأكدت المصادر المطلعة لوسائل الإعلام السودانية، أن رئيس المجلس العسكري، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، اتخذ هذه الخطوة بعد التشاور مع أعضاء المجلس.
كما تم اعتقال مجموعة من قيادات حزب المؤتمر الوطني، الثلاثاء، أبرزهم عبد الرحمن الخضر والي ولاية الخرطوم الأسبق، ورجل الأعمال الشهير جمال الوالي، ووزير الدفاع الأسبق الفريق أول ركن عبد الرحيم محمد حسين، ورئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة بولاية الخرطوم أسامة ونسي، بجانب عدد كبير من مديري المكاتب التنفيذية وكوادر من حزب المؤتمر الوطني.
ويقع سجن كوبر إلى الشمال مباشرة من وسط الخرطوم على النيل الأزرق، وضم آلاف السجناء السياسيين خلال حكم البشير، الذي امتد 30 عاما، وهو أسوأ السجون السودانية سمعة.
اعتقال أشقاء البشير
ومساء الأربعاء، أعلن متحدث باسم المجلس العسكري السوداني، اعتقال اثنين من الأشقاء الخمسة للرئيس المخلوع، هما عبدالله حسن البشير والعباس حسن البشير.
كما أصدر المجلس قرارا بوضع منسقية الدفاع الشعبي تحت قيادة ضابط من القوات المسلحة لدمجها في الجيش، ومنسقية الدفاع الشعبي هي بمثابة وحدة احتياط مهمتها تقديم الدعم للقوات المسلحة النظامية.
وقال الفريق أول شمس الدين كباشي، للصحفيين، “تم اعتقال عدد من رموز النظام البائد، كما تم اعتقال شقيقي رأس النظام الفاسد عبد الله والعباس، وجاري البحث عن بعض من أخفوا أنفسهم”.
الجنائية الدولية
من جانبها، طالبت منظمة العفو الدولية، في بيان الأربعاء، بتسليم البشير فورا للمحكمة الجنائية الدولية، التي سبق أن اتهمته بارتكاب إبادة وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور في غرب البلاد.
وأضافت المنظمة، “يجب ألا ينظر النظام القضائي السوداني شبه المعطل في حالته، إن محاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية ليست فقط حيوية لضحايا الجرائم الوحشية، التي أدت إلى اتهامه، بل ينبغي أن تشكل خطوة أولى لضمان العدالة” في السودان.
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق البشير في اتهامات تتعلق بارتكاب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية أدت لمقتل ما يقدر بنحو 300 ألف شخص خلال تمرد في إقليم دارفور بغرب السودان بدأ في عام 2003، وينفي البشير هذه المزاعم، وانحسر العنف في دارفور على مدى السنوات الثلاث الماضية.
المجلس العسكري يرفض
ويرفض المجلس العسكري الانتقالي في السودان تسليم البشير للجنائية الدولية، وقال عمر زين العابدين، رئيس اللجنة السياسية المكلفة من المجلس العسكري في السودان، يوم الجمعة الماضي، إن المجلس لن يسلم البشير ليحاكم، مشيرا إلى أن الرئيس المعزول قد يمثل للمحاكمة داخل البلاد.
وتحدى البشير المحكمة وزار عددا من الدول الأعضاء فيها، ونشبت خلافات دبلوماسية عندما زار جنوب أفريقيا في عام 2015 والأردن في عام 2017 وأحجم البلدان عن اعتقاله لتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية في هولندا.
حق اللجوء
وربما تكون أوغندا طوق نجاة للبشير، حيث سبق أن قال وزير الدولة الأوغندي للشؤون الخارجية، أوكيلو أوريم، إن بلاده ستبحث منح حق اللجوء للرئيس السوداني السابق، رغم الاتهامات الموجهة إليه من المحكمة الجنائية الدولية، لكنه أضاف أن البشير لم يجر حتى الآن أي اتصال مع كمبالا.
وانتقد الرئيس الأوغندي، يوويري موسيفيني، المحكمة الجنائية الدولية في السابق، ووصفها بأنها أداة تستخدمها العدالة الغربية مع الأفارقة.
وعزل الجيش البشير بعد احتجاجات امتدت لأسابيع بلغت ذروتها بالاعتصام أمام مجمع وزارة الدفاع، وما زالت الاحتجاجات مستمرة ويقول قادتها إنها لن تتوقف قبل أن يسلم المجلس العسكري الانتقالي، الذي يدير شؤون البلاد حاليا، السلطة لقيادة مدنية قبل إجراء انتخابات.
الاحتجاجات مستمرة
وما زالت الاحتجاجات مستمرة في السودان، خاصة الاعتصام أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة.
ونظم الأطباء مسيرة بالعاصمة، الأربعاء، للانضمام إلى الاعتصام المتواصل خارج مقر القيادة العامة.
وخرج عشرات الأطباء بزيهم الأبيض من المستشفى الرئيسي في الخرطوم باتجاه ساحة الاعتصام على وقع هتافات “حرية، سلام، عدالة”.
كما خرج الصحفيون في مسيرة منفصلة، مطالبين بحرية الصحافة، ورافعين لافتات تطالب بأن يدير وسائل الإعلام الرسمية صحافيون “مستقلون ومهنيون”.
مطالب المعارضة
قال تجمع المهنيين، الذي يقود الاحتجاجات في السودان، صباح الخميس، إن قوى المعارضة انتهت من بلورة رؤيتها المتكاملة والنهائية حول هياكل السلطة المدنية الانتقالية ومهامها ولوائحها لإدارة الفترة الانتقالية.
وأضاف التجمع، في بيان عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، أن وفد اتصال من قبل قوى إعلان الحرية والتغيير أخطار قيادة القوات المسلحة بملخص لهذه الرؤية، والخطوات التي سيتم اتخاذها في الأيام التالية لعملية تسلم السلطة المدنية الانتقالية لمقاليد الحكم في البلاد.
وتتلخص الرؤية التي أعلنها التجمع في 3 مستويات للسلطة المدنية الانتقالية، هي مجلس رئاسي يضطلع بالمهام السيادية في الدولة، ومجلس وزراء صغير من الكفاءات الوطنية المشهود لها بالخبرة المهنية والنزاهة والاستقامة، يقوم بالمهام التنفيذية وتنفيذ البرنامج الإسعافي للفترة الانتقالية.
بالإضافة إلى مجلس تشريعي مدني انتقالي يقوم بالمهام التشريعية الانتقالية، تُمثل فيه النساء بنسبة لا تقل عن40%، ويضم في تكوينه كل قوى الثورة من الشباب والنساء ويراعى فيه التعدد الإثني والديني والثقافي السوداني.
التمسك بالاعتصام
وشدد تجمع المهنيين على تمسكه بالاعتصامات، وقال “الاعتصامات تمثل الضامن لإنجاز كافة مهام الثورة، وعلينا أن نستمسك بها، وأن ننتظم في صفوفها حتى تستلم السلطة المدنية الانتقالية مقاليد الحكم في البلاد، ونحن نثق أن نصر شعبنا قادم ولن تنجح قوة في صده عن بلوغ كافة مراميه”.