كشفت النتائج الأولية الرسمية، الصادرة اليوم الخميس، للانتحابات البرلمانية الأردنية، عن تراجع مقاعد الإسلاميين بصفة عامة، و”الإخوان” بصفة خاصة، الذين شاركوا لأول مرة في الانتخابات البرلمانية بعد مقاطعتها لمدة تزيد عن 8 سنوات، بحجة التزوير ضد الجماعة.
وحصل “إخوان الأردن”، وفق تقدير الدوائر السياسية والحزبية والإعلامية، في عمّان، على درجة “مقبول”، ورغم تواضع الرقم، إلا أن الحصول عليه تم بمناورة إخوانية “مكشوفة” بحسب المراقبين، ومن بينها ما كشفت عنه ردة الفعل الأولية التي صدرت من قطاعات متنوعه “شيشانية، وشركسية” على نتائج الانتخابات النيابية التي أظهرت سيطرة جماعه “الإخوان المحظورة” على مقاعد الكوتا الشيشانية والشركية .
ويتساءل سياسيون عن الجهة التي ستمثل “الشيشان والشركس” تحت قبة البرلمان؟ لا سيما وأن النواب الفائزين سيمثلون برنامج ما يسمى التحالف الوطني للإصلاح (تحالف الإخوان)، وقبل ذلك التساؤل عن سر هذا الإصرار الإخواني على السيطرة على مقاعد الشيشان والشركس تحت قبة البرلمان؟ ويقول الكاتب والمحلل السياسي الأردني، مصطفى الريالات، إن السلوك الاخواني كان يمثل ميكافيلية مكشوفة وانتهازية سياسية لتحقيق هذا الهدف، ولا يتوقف الأمر عند هذا القدر، ذلك أن الأمر يمتد للتساؤل عن الحضور الاخواني في المشهد السياسي الأردني الذي أظهرت الانتخابات انهم يتضاءلون في المجتمع الأردني الذي علمهم الدرس الكبير.
وأوضح أن الرقم الذي حصولوا علية لا يشكل أهمية بالغة قياسا بعدد أعضاء مجلس النواب، ولا يجعل هذا الرقم من الإخوان لا قوة مركزية ولا حتى ثلث معطل، كما أن مزاج بعض النشطاء في المحافظات تحديدا في مادبا و المفرق و الكرك و الطفيلة، ظهر واضحا أنه معاكس لوجود الاخوان المسلمين في البرلمان لجهة أنهم لا يمثلون الدوائر الانتخابية والمحافظات فهم : “بِـلا أجندة واضحة” وليست لديهم “قدرة على المناورة السياسية”، فضلا عن كونهم يفكرون “بعقلية الفصيل” ويقدمون “مصلحة الجماعة” على “المصلحة العامة” ويفتقدون “للخبرة السياسية الكافية”، اضافة لـ “ضعف الوععي السياسي والمعرفي” ولن يكونوا قادِرين على تحقيق انجاز وملموس، لأن هذا الانجاز لا يتحقق بالكم فقط، وانما بالكيف ايضا.
وكان التحالف الوطني للإصلاح (تحاف جماعة الإخوان) قدم نفسه كلاعب رئيس على الساحة الأردنية، تحت شعار « دولة مدنية»، بعيدا عن شعاره السابق “الإسلام هو الحل”، بل وقدم التحالف نفسه كاطار وطني جامع ضم مقاعد الكوتات «الشركس والشيشان والمسيحيين» وشخصيات مختلفة، واستخدم مظاهر وأدوات معلنة وكانت لافتة للنظر باعتبارها غير مسبوقة “إخوانيا” وتتعارض مع أفكارهم، ومنها أغاني وموسيقى خلال المهرجانات، وابراز سيدات دون حجاب في مقاطع الفيديو التي أصدرها تحالف الإخوان، باعتبار أنه يسعى إلى الدولة المدنية.
ووفقا لتقرير صحيفة الدستور الأردنية، فإن قيادة الجماعة استخدمت خطابين مزدوجين في عملها الانتخابي، الأول كان باتجاه القواعد الاخوانية لحثها على المشاركة في الانتخابات والحشد لها واستثمار الفتاوى الدينية بهذا الاتجاه علاوة على التأكيد لهذه القواعد بان هذه المرحلة تكتيكية ويجب استخدام هذه الاساليب لحماية الجماعة وحسب تعبيرهم “الوصول الى الدولة الاسلامية”، أما الخطاب الثاني فكان خارج اطار الجماعة ويستهدف المجتمع المحلي الأردني بكافة أطيافه، وطمأنة الداخل الاردني والخارج بأن الجماعة لا تشكل اي خطر مرحلي على الدولة الأردنية.
وداخل “التحالف الإخواني، فإن من نجح منهم كان بسبب كونهم شخصيات معروفة مجتمعيا علاوة على الجانب العشائري الذي دعمهم.. وكشفت النتائج الأولية عن فشل “الإخوان” في تحقيق نتائج ايجابية مقارنة مع القوائم التي طرحوها وأعداد المرشحين، وخطط التحالف بالحصول على أكثر من 30 مقعدا، ما يعكس ضعف الأداء، ونفاد رصيدهم داخل الشارع الأردني، حتى حصولهم بكل السبل على تقدير “مقبول”.
ويتناول الكاتب والمحلل السياسي الأردني، ماهر أبو طير، السيناريو المقبل، والمتعلق بوضع الاسلاميين في البرلمان، وهل سيكون وجودهم مجرد مذاق للمعارضة، أم «استردادا مضاعفا» لرخصة الجماعة التي ذهبت الى طرف آخر “جمعية الإخوان”، أم أنها ستقود إلى مصالحة علنية، تعتمد على تفاهمات سرية، تفسر مشاركة الاسلاميين بالأساس.
وقال أبو طير، هذا السيناريو يحتاج الى وقت، فقد تراهن الدولة على وجود ممثلين من اتجاهات سياسية أخرى لتحجيم الإسلاميين، أو على كون كتلة الإسلاميين ليست كبيرة، بمعنى تركهم للذوبان التدريجي داخل البرلمان.
وأضاف، يمكن القول بكل بساطة، أن وجود الإخوان في البرلمان، يعني مرحلة جديدة مختلفة تماما عما مضى، فلا يمكن من حيث المبدأ، أن تواصل عمّان الرسمية ذات الطريقة مع جماعة سياسية، بات لها عدد من الممثلين تحت القبة، والأمر يشهد برمته تحولا جذريا، يقودنا الى مصالحة أو خفض جزئي لمنسوب المواجهة، نحن أمام مرحلة «اعادة التموضع» في العلاقة بين الدولة والإخوان المسلمين.
