مع ترقب العالم لمعركة تحرير محافظة إدلب السورية من الإرهابيين، وهي المدينة التي تحولت إلى أكبر خزّان للتنظيمات الارهابية، وتحريرها يشكل نقطة تحول في الصراع والحرب على الارهاب.. ترصد الدوائر الأمنية والاستخبارية الغربية، أكبر تجمع للإرهابيين في منطقة الشرق الأوسط، وصفه الجنرال البريطاني، بريت أدمون، بأنه أكبر «حظيرة إرهابية» في العالم، من جنسيات تجاوزت 75 جنسية، وأن «الحدث الإرهابي» الفريد، يختفي وراء الصراع السياسي العالمي في سوريا، وانصب الاهتمام فقط على «المدنيين» المحاصرين في المدينة بين «أجنحة» قوات التنظيمات الإرهابية!
- وقصة خزان «المسلحين الأجانب» في إدلب، ترجع إلى تدخلات و«تيسيرات» قوى إقليمية ودولية وأطراف عربية، ساهمت في اجتياز الإرهابيين آلاف الكيلومترات وصولاً إلى سورية بزعم المشاركة في «الجهاد»، وجاءت الظروف المساعدة «الإجبارية»، بعد مطاردة عدد كبير من المسلحين الأجانب في بلدانهم واستهدافهم في كل من أفغانستان وباكستان ـ وهم الأكثر تمرساً بالقتال ـ وقد وجدوا في الساحة السورية موطئاً لانطلاقهم مجدداً منذ العام 2013، أي بعد عامين من اندلاع النزاع السوري.
- وشكلت إدلب (شمال غربي سورية) منذ العام 2015 وجهة لمجموعات عدة من التنظيمات والفصائل الإرهابية المرتبطة بتنظيم القاعدة، وصولاً إلى أصوليين أجانب متشددين..وتضم المجموعات الأجنبية مسلحين من أوزبكستان، والشيشان، وتركيا، وباكستان، وأفغانستان، وأكراد، وأفارقة من دول الساحل، ومن الأويغور، وهي أقلية إثنية في الصين، تمرس عناصرها في القتال في حروب عدة قبل أن ينتقلوا إلى سورية، ومن دول عربية ( تونس والمغرب والجزائر وليبيا ومصر وموريتانيا والسودان، وغيرها)، ومن دول أوروبية ( ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وبلجيكا)، بحسب رصد الدوائر الإستخبارية الغربية والعربية!!
وفي حين انضم الكثيرون منهم إلى تنظيم «داعش»، أبقى آخرون على علاقتهم الوطيدة بتنظيم القاعدة والمجموعة المرتبطة به، وهي حاليا «هيئة تحرير الشام»ـ جبهة النصرة سابقا ـ التي تسيطر على الجزء الأكبر من إدلب.. ويجد المسلحون الأجانب أنفسهم اليوم قاب قوسين من الوصول إلى طريق مسدود في محافظة إدلب، حيث يرجح محللون أن يقاتلوا حتى الرمق الأخير دفاعاً عن معقلهم..ويقول الباحث في مجموعة الأزمات الدولية، سام هيلر: «هؤلاء أشخاص لا يمكن دمجهم في سورية، تحت أي ظرف، ليس لديهم مكان للذهاب إليه وقد يكونون على استعداد للموت في أي حال، ولذلك يشكل هؤلاء «المسلحون الأجانب» الأكثر تشدداً، وفق محللين، العقبة الرئيسة أمام أي اتفاق حول إدلب.
- ويعد الحزب الإسلامي التركستاني أحد أكبر هذه المجموعات، وينتمي مسلحوه إلى الأويغور، الأقلية المسلمة التي تواجهها سلطات إقليم شينجيانغ الصينية بالقمع، واكتسب هؤلاء المسلحون خبرة في القتال في أفغانستان قبل توجههم إلى سورية ومساندتهم فصائل إسلامية ومعارضة في طرد قوات الجيش السوري من إدلب صيف العام 2015. واقتحموا آنذاك مخازن الأسلحة، وباتوا منذ ذلك الحين من بين الفصائل الأكثر قوة في الشمال..ويتمركز المسلحون التركستان الذين يقدر عددهم بنحو 9 آلاف في محيط مدينة جسر الشغور في جنوب غربي إدلب.
ويؤكد الخبير في شؤون الجهاديين في معهد الجامعة الأوروبية، تور هامينغ، أن المسلحين التركستان، ليسوا فقط هم المتشددين الآسيويين الوحيدين في إدلب، إذ انضم مقاتلون من الأوزبك إلى صفوف مجموعات صغيرة قريبة من «هيئة تحرير الشام». واكتسب هؤلاء مهاراتهم القتالية إلى جانب حركة طالبان أو تنظيم القاعدة في باكستان وأفغانستان، قبل أن يتوجهوا إلى سورية كامتداد لتنظيم القاعدة آنذاك، ومن بين تلك المجموعات كتيبة التوحيد والجهاد التي يرأسها، وفق أجهزة الأمن الروسية والقيرغيزية، سراج الدين مختاروف (28 عاماً) والمعروف أيضاً باسم أبو صلاح الأوزبكي.
- وبين تلك المجموعات، «لواء الإمام البخاري» الذي غالباً ما تسلط أشرطته الدعائية الضوء على جنود أطفال، وأن المقاتلين الأجانب الأكثر شراسة هم الشيشان، المحاربون القدامى الذين خاضوا معارك وحشية ضد روسيا والمرتبطون بـ «هيئة تحرير الشام» ـ االنصرة ـ وتشكل جماعتا «جند الشام» و «أجناد القوقاز» المجموعتين الشيشانيتين الأبرز في سورية.. وتؤكد الباحثة «جوانا باراسزكزوك» من مؤسسة «آي أتش أس جاينز» والتي تتعقب الإرهابيين الأجانب المتحدثين بالروسية في سورية، أن الكثيرين من الجهاديين الشيشان قدموا إلى سورية منذ العام 2012، وتزوجوا بسوريات وأسسوا عائلات، ومن المرجح أنهم سيفعلون كل ما بوسعهم لحماية ذلك كله، ولتحقيق هذا الهدف، ترجح «باراسزكزوك» أن ينضموا على أرض المعركة إلى تحالفات مع مجموعات أكبر كهيئة تحرير الشام ويوفرون القناصة وقوات الصدمة، ومن المتوقع أيضا أن يشكل المسلحين التركستان رأس الحربة في التصدي للهجوم على إدلب، وأن يشكلوا الحليف الرئيس لـ «هيئة تحرير الشام» التي تسيطر على الجزء الأكبر من المحافظة.
- الكل يعرف أن مدينة «إدلب» تحولت الى أكبر خزّان للتنظيمات الارهابية ، وتحريرها يعني الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وشعبها ، وفشل تفكيك الدولة. لهذه الاسباب قامت قيامة الدول الداعمة والراعية للتنظيمات المتطرفة ، بهدف حماية المسلحين واطالة الحرب في سوريا ، بحسب تأكيد المحلل السياسي الفلسطيني، محمد كعوش، للغد، وأن التدخل الخارجي يجب ان يتمحور حول اقناع التنظيمات الإرهابية للخروج من المدينة أو فتح ممرات آمنة لخروج المدنيين سالمين ، في طريق عبور الجيش السوري الى الشمال، ولكن اللافت للنظر والاهتمام، أن الخطاب السياسي لواشنطن، ومعها فرنسا وبريطانيا، لم يشر الى ضرورة خروج مسلحي التنظيمات الإرهابية من إدلب وريفها، بل تم التركيز على المطالبة بمنع الجيش السوري من اقتحام المدينة التي أسرتها « جبهة النصرة الإرهابية»، واستخدمت سكانها دروعا بشرية.
وأضاف «كعوش» للغد: العجيب هذا البكاء الميكانيكي الغربي على المدنيين في إدلب ، وهو بكاء غربي مستهجن لم نشهده عندما سيطرت المنظمات الارهابية على المدينة وريفها وحولوا الحياة فيها الى جحيم، ولكن الادارة الأميركية، ومعها من حالفها ، تريد الابقاء على جيوب ارهابية داخل الأراضي السورية، لاستخدامها ورقة ضغط على الحكومة في دمشق لتحقيق تنازلات سياسية، تفرضها واشنطن وتل ابيب.