إسرائيل وإيران.. هل تحقق «لغة القوة» ما لم يحققه التفاوض؟
ترى إسرائيل أن لغة القوة هي الوحيدة الكفيلة بردع إيران وأنشطتها النووية، ودائما ما تؤكد تل أبيب، أن “كل الخيارات لا تزال مطروحة لمواجهة التهديد النووي الإيراني، كما أعلن الرئيس الإسرائيلي، إسحق هيرتسوغ، الأحد الماضي.
وخلال مراسم تقديم السفير الأمريكي الجديد، توم نايدس، أوراق اعتماده، قال هيرتسوغ: “إذا لم تتخذ الأسرة الدولية الخطوات اللازمة لإحباط المشروع النووي الإيراني، فإن إسرائيل ستضطر إلى الدفاع عن نفسها بنفسها”، مضيفا “أن التحدي الأكبر الذي تواجهه تل أبيب وواشنطن حاليًا هو التهديد الإيراني”.
ورغم تأكيده أن إسرائيل “سترحب بأي حل دبلوماسي شامل للقضية بشكل يضمن إزالة التهديد الإيراني إلى الأبد”، إلا أنه شدد على أنه “في حال لم يتم التوصل إلى مثل هذا الحل، فإن إسرائيل لا تزال تحتفظ بجميع الخيارات التي ستظل مطروحة على الطاولة”، لكن هل استخدمت إسرائيل القوة فعلا ضد إيران؟
لغة القوة
وفيما يبدو تجاهلا لمحاولة المجتمع الدولي إحياء الاتفاق النووي من جديد في فيينا، تخطط إسرائيل في اتجاه آخر يعتمد على إيقاف طموحات إيران النووية بالقوة، ليس بالتفاوض.
وبالعودة إلى يوم السبت الماضي، حيث سمع السكان القريبون من منشأة نطنز النووية دوي انفجار هائل، كما شاهدوا ضوءا في السماء، لتتردد أقاويل باحتمال تعرض المنشأة لتخريب جديد، لكن قيادة الدفاع الجوي الإيراني قالت، في بيان، إن ذلك ناجم عن اختبار لمنظوماتها الصاروخية في سماء منطقة بادرود، التابعة لمدينة نطنز، نافية وقوع انفجار أو وجود ما يدعو للقلق.
وبعد مرور أيام أعاد الصحفيون طرح السؤال حول سبب الانفجار على المتحدث باسم الخارجية الإيراني،ة سعيد خطيب زادة، أمس الإثنين، كما لو كانوا متشككين من رواية الدفاع الجوي، ليجيبهم بأنه “ليس لديه أكثر مما قالته هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة وأمانة مجلس الأمن القومي، مضيفا “لو كان ما حدث تخريبًا إسرائيليًا، لأبلغنا المواطنين بذلك”.
إقحام المسؤول الإيراني اسم إسرائيل لم يأتي من فراغ، حيث ارتبط اسم منشأة نطنز بإسرائيل خلال الآونة الأخيرة، إذ تعرضت خلال الأشهر الـ18 الماضية إلى التخريب، ووجه المسؤولون الإيرانيون أصابع الاتهام إلى إسرائيل، لكن بقيت التفاصيل طي الكتمان.
تطور جديد
وفي تقرير حصري يحمل تفاصيل مثيرة تُكشف للمرة الأولى، قالت صحيفة “نيويورك بوست” الأمريكية، إن إسرائيل نفذت 3 عمليات كبيرة خلال الشهور الـ18 الماضية ضد المواقع النووية الإيرانية، مستعينة بنحو ألف من أفراد الموساد.
ووفقا للصحيفة الأمريكية، نفذت إسرائيل هذه الهجمات بدقة كبيرة باستخدام أسلحة عالية التقنية، منها طائرات مسيرة وطائرة كوادكوبتر وعملاء داخل منشآت إيران النووية.
الصحيفة الأمريكية ذكرت أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، بات يركز على سياسة جديدة تعتمد على تنفيذ ضربات سرية داخل إيران، اعتمادا على القدرات الواسعة التي بناها الموساد هناك، كاشفة تفاصيل 3 عمليات كان أولها في الثاني من يوليو/تموز من العام الماضي، في مركز إيران لأجهزة الطرد المركزي المتقدمة (ICAC) في نطنز، حيث وقع انفجار غامض أثار حيرة المسؤولين الإيرانيين حينها.
وقالت الصحيفة، إن نتائج تحقيقات الإيرانيين كانت صادمة، إذ اكتشفوا، وهم يحققون في كيفية وصول المتفجرات إلى المنشأة، أنه عند تجديد مبنى المنشأة في عام 2019، تظاهر عملاء إسرائيليون بأنهم تجار بناء وباعوا لهم مواد بناء مليئة بالمتفجرات، لتقوم إسرائيل بتفجيرها بعد ذلك بعام.
تجنيد علماء إيران
لم يكتف جهاز الموساد بذلك، بل تواصل عملاؤه مع 10 علماء نوويين ممن لديهم إمكانية الوصول إلى الحرم الداخلي للقاعة A1000 تحت الأرض، وكان بالداخل ما يصل إلى 5000 جهاز طرد مركزي. ولعب عملاء الموساد على وتر احتياجات هؤلاء العلماء في الحياة وتمكنوا من إقناعهم بتبديل مواقفهم وتجنيدهم، وأقنعوهم بأنهم يعملون لصالح منشقين دوليين وليس لإسرائيل، وبشكل لا يصدق وافق العلماء على تفجير المنشأة شديدة الحراسة.
ونقلت الصحيفة عن مصادرها، أن طائرة مسيرة حلقت في المجال الجوي الإيراني وسلمت القنابل إلى موقع متفق عليه ليجمعها العلماء، ثم جاءت عملية التهريب، عبر شاحنة توصل الطعام إلى العاملين في المنشأة، ثم قام العلماء بجمع القنابل وتركيبها في المنشأة.
وبعد أن أعلنت إيران بدء استخدام أجهزة طرد مركزي متطورة من طراز IR-5 و IR-6 في القاعة تحت الأرض، تم تفجير نظام الطاقة الآمن، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي، وتدمير 90% من أجهزة الطرد، ما أدى إلى توقف المنشأة عن العمل لمدة تصل إلى تسعة أشهر. وأشارت الصحيفة إلى أن العلماء الذين جندهم الموساد لا يزالون على قيد الحياة وبصحة جيدة.
بعد ذلك أراد الموساد أن يوقف عملية صناعة أجهزة الطرد نفسها، وليس فقط مجرد تفجير عدد منها في نطنز، بحيث يعطل محاولة استعادة العمل في نطنز، فتحولت أنظاره إلى منشأة كرج على بعد 30 ميلاً شمال غرب طهران، حيث توجد شركة تكنولوجيا أجهزة الطرد المركزي الإيرانية (TESA).
قصف نطنز
فكر الموساد في كيفية قصف المنشأة، فجاءته فكرة استهدافها بطائرة كوادكوبتر، لكن كيف تدخل هذه الطائرة إلى إيران؟
كانت الإجابة في أن الموساد أدخلها قطعة قطعة بمساعدة عملائه هناك، ثم في 23 يونيو/حزيران، تم تجميع القطع ونقلها إلى موقع على بعد 10 أميال من مصنع TESA، ثم أطلقها الموساد مستهدفة المصنع ما تسبب في انفجار كبير، ثم عادت إلى موقع الإطلاق لكي يتم استخدامها فيما بعد. أي إن الطائرة لا تزال داخل إيران متأهبة لهجوم جديد، وربما حاولت تنفيذه بالفعل يوم السبت الماضي وتم اعتراضها.
فهل كان الانفجار الأخير في نطنز صناعة إسرائيلية؟