إغلاق باب الترشح لانتخابات الرئاسة الليبية

قال الصديق حفتر، الابن الأكبر لقائد الجيش الوطني الليبي، خليفة حفتر، اليوم الإثنين، إنه مستعد للترشح لرئاسة البلاد، لكنه حذر من أن الانتخابات على مستوى البلاد في الدولة العضو في منظمة أوبك لا يمكن أن تتم إلا مع توافر استقرار أمني وتشكيل حكومة جديدة.

وعزز الصديق خليفة حفتر، الذي لا يضطلع بمسؤوليات عسكرية، صورته العامة على وسائل التواصل الاجتماعي في غمرة حالة من عدم اليقين حول احتمالات اعتزام والده الترشح للرئاسة في المستقبل.

ودافع الصديق (43 عاما) في مقابلة عن دور عائلته في البلاد وسعى إلى تقديم نفسه على أنه يمثل جيل الشباب الليبي.

وقال في باريس متحدثا عبر مترجم: «أعتقد أن عندنا المقدرة بشكل إيجابي في رأب الصدع بين الليبيين وترسيخ مبدأ المصالحة الوطنية بين كل أفراد الشعب الليبي وهذا الدور من صميم ما تقوم به العائلة في الدفاع عن الوطن في الجانب المدني».

وحين سُئل عما إذا كان سيرشح نفسه في أي انتخابات رئاسية في المستقبل، قال إن الأمر كله يتوقف على الظروف حينذاك، لكنه أوضح أنه إذا ترشح فسيمثل جميع الليبيين.

وقال: «أما ترشيحي للرئاسة فهذا (حسبما) يراها الشعب الليبي هيكون فيه إضافة إيجابية وعندي قدرة على تغيير المشهد بصورة إيجابية وفاعلة.. وأنا جاهز لمساعدة أفراد الشعب الليبي في أي موقع.. من أي موقع يكون لنا القدرة فيه.. وهدفنا هو خدمة الليبيين، وإظهار بلدنا في الصورة الجميلة التي يجب أن تكون فيها».

وقال حفتر الابن إنه ليس لديه مشكلة «شخصية» مع الحكومة الحالية، لكن يتعين تشكيل حكومة جديدة من التكنوقراط تضطلع بوضوح بمهمة الإعداد للانتخابات.

وأضاف: «بحكم ما رأينا من الحكومة الموجودة الآن، أثبتت هذه للأسف الشديد فشل هذه الحكومة القيام بدورها وهو الإعداد للانتخابات وأصبحت تقوم بمهام أخرى غير المهام المنوطة بها ولا يمكن اجراء انتخابات في ظل هذه الحكومة».

وأردف أنه لا يعارض القوانين الانتخابية الحالية التي تنتظر موافقة البرلمان.

ومضى يقول: «قانون الانتخابات اللي موجود الآن.. إذا كان مبني على رضا واتفاق بين كل أفراد الليبيين.. فهو مقبول عندنا».

وأكد نجل حفتر إنه لا يمكن إجراء انتخابات دون استقرار الوضع الأمني ​​في جميع أنحاء البلاد.

وتابع: «أي انتخابات في عدم استقرار أمني لن تكون الإرادة حرة ونزيهة».

لا يزال الليبيون يترقبون ما ستؤول إليه اجتماعات اللجنة المشتركة لإعداد قوانين الانتخابات 6+6 بشأن التوافق على الصيغة النهائية للقوانين الانتخابية.

رئيس وفد مجلس النواب في لجنة 6+6، جلال الشويهدي، نفي صدور بيان تداولته العديد من وسائل الإعلام، يفيد بانتهاء أعمال اللجنة وإقرارها النسخة النهائية لمشروع قانوني انتخاب مجلس الأمة ورئيس الدولة بعد إجراء التعديلات الواردة إليها.

فيما أكد عضو لجنة (6+6) عن مجلس الدولة ماما سليمان أن البيان المسرب لا يعبر عن اللجنة، وأن ما تم تداوله «لن يكون ملزما لجميع الأطراف بل سيزيد الوضع تأزيما».

حول هذا الموضوع، دارت نقاشات الجزء الأول من برنامج «حصة مغاربية»، وفيه قال الكاتب والباحث في العلوم السياسية، فرج زيدان، إن هناك هدفا من إصدار هذا البيان المزور في هذا التوقيت، وخصوصا بعد الإحاطة الأخيرة التي صدرت عن المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي، التي قال فيها إنه لا مناص من إدخال تعديلات على القوانين، فضلا عن ضرورة وجود حكومة موحدة تسبق الانتخابات.

وأضاف زيدا، من بنغازي، أن باتيلي كان يلوح بالخطة البديلة عن مجلسي النواب والدولة، والقول إنهما لم يستطيعا المضي قدما في إنهاء نقاط الخلاف، فضلا عن أن ثمة نقاط فنية ستحول دون إجراء الانتخابات، وتتطلب في نهاية الأمر التماهي مع متطلبات المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، ومن ثم يبدو أن الأطراف التي تسعى إلى عرقلة دور مجلسي النواب والدولة بعد ان فُرض على لجنتي (6+6) ضرورة تنقيح مسودة القوانين الانتخابية، لا سيما قانون الانتخابات الرئاسية، يبدو أن الغاية من هذا البيان هو خلق حالة من التشويش حول أهلية وقدرة المجلسين في مسألة الاستمرار في التوافق، وإعطاء رسالة أخرى بأن المجلسين لا يتعاملان بإيجابية مع ملاحظات مفوضية الانتخابات، ومن ثم فإن الخطة البديلة ستكون الأقرب بشكل عملي لمسألة الانتخابات الآن».

من جانبه، قال المتحدث باسم مبادرة القوى الوطنية الليبية، محمد شوبار، إن المبادرة سبق وتحدثت منذ اجتماعات لجنة (6+6) التي عُقدت في مدينة بوزنيقة المغربية، وأكدت أنه لا يوجد أي توافق بين مجلسي النواب والدولة حول النقاط الخلافية.

وأضاف من تونس، أن صدور هذا البيان وتفنيده من أطراف أخرى يؤكد أن مسألة الخلافات لا تزال قائمة حتى اليوم، وهذا ما دعا عبد الله باتيلي والمجتمع الدولي إلى توسيع دائرة المشاركة في الحوار، حتى يمكن الوصول إلى قوانين قابلة للتنفيذ، وقوانين انتخابية تُفضي إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية.

وتابع أن هذا الأمر يؤكد أيضا أن الأجسام السياسية اليوم، وتحديدا مجلسي النواب والدولة، ليس لديهما أي رغبة في الوصول إلى الانتخابات، بل إنهم يسعون دائما إلى عرقلة أي عملية سياسية تُفضي إلى الرجوع لصندوق الاقتراع من جديد.

كشفت مصادر ليبية أن الولايات المتحدة أجرت اتصالات مع بعض الشخصيات الليبية من مختلف المناطق، وعرضت عليهم الانضمام للجنة سياسية جديدة لإعداد خارطة الطريق والقوانين الانتخابية.

يأتي هذا بينما دعت القيادة العامة للجيش الليبي مجلسي النواب والدولة لتشكيل حكومة تكنوقراط تشرف على الانتخابات، كما طالب الجيش الليبي بالتوصل لحل ينهي الانقسام السياسي، فضلا عن اضطلاع البعثة الأممية بمسؤولياتها نحو انتخابات شفافة ونزيهة.

ففي ظل الانقسامات والخلافات بشان مخرجات لجنة 6+6 المعنية بقوانين الانتخابات، يأتي الحديث عن اتصالات أميركية مع بعض الشخصيات الليبية للانضمام للجنة سياسية جديدة يفترض أن تشكلها البعثة الأممية لتكون مسؤولة عن إعداد خارطة الطريق والقوانين الانتخابية ولتكون بديلا للجنة الـ75، التي تمخضت عنها حكومة الوحدة الوطنية.

الاتصالات، ووفقا لمصادر ليبية، جرت من خلال اجتماعات لجنة 6+6 بالمغرب، أي أنها استبقت نتائج اجتماعات اللجنة، كما أن هذه الاتصالات شملت بعض الأعضاء في ملتقى الحوار السياسي السابق.

وبحسب مراقبين، فإن تشيكل هذه اللجنة يعني إقصاء مجلس النواب والأعلى للدولة من المشهد، محذرين في الوقت نفسه من انفراد واشنطن بتشكيل اللجنة والسيطرة عليها، ما يعني تحكمها في خارطة الطريق التي يمكن أن تتمخض عنها بما يتوافق مع رؤاها ومصالحها في الداخل الليبي.

وفي وقت سابق، قدم المبعوث الأممي في إحاطته أمام مجلس الأمن في فبراير الماضي، مبادرة تهدف إلى تمكين إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية خلال العام 2023، حيث نصت مبادرته على إنشاء لجنة رفيعة المستوى لتنظيم الانتخابات واعتماد إطار قانوني وجدول زمني لإجرائها، وهي المبادرة التي دعمتها الولايات المتحدة.

غير أن البرلمان الليبي والمجلس الأعلى للدولة رفضا ما تضمنته خطة باتيلي حينها، خصوصا فيما يتعلق بإعداد القوانين الانتخابية، إذ أكد البرلمان على اختصاصه بإصدار التشريعات، وعدم قانونية إصدارها من أي جسم غير منتخب.

حول هذا الموضوع قال الكاتب والباحث في العلوم السياسية، فرج زيدان: «كنا نتوقع أن الولايات المتحدة وحتى البعثة الأممية لا تتعاطى بجدية مع أعمال لجنة 6+6، لا سيما وأن أميركا الآن ترى أن فتح باب الاقتراع يشمل أحد المترشحين، عندما نتحدث عن سيف الإسلام القذافي، فوفقا لمسودة 6+6 التي تشترط صدور حكم نهائي، ومن ثم هذه المسألة لا تنطبق على المترشح الذي صدرت بشأنه أحكام غيابية، ومن ثم سيسمح له بالترشح في إطار شمولية العملية السياسية».

وأضاف في تصريحات من بنغازي لبرنامج «حصة مغاربية» الذي يعرض عبر قناة «الغد»: «هذه المسألة يبدو أنها لا تروق للولايات المتحدة وشركائها في حلف الناتو، لا سيما بريطانيا، وهي ترجعنا وتذكرنا بنفس المسألة المتعلقة بعدم إمكانية إجراء الانتخابات الرئاسية في ما يتعلق بمسألة القوة القاهرة التي لم يستطع رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عماد السايح البوح عنها بشكل أساسي».

وتابع أن «هناك مسالة أخرى تخص المذكرة التي قدمها السايح في هذا التوقيت تحديدا، ودلالة هذا التوقيت خطيرة»، موضحا أن «المذكرة تتعلق بملاحظات المفوضية حول بعض النصوص الواردة في قانون الانتخابات الرئاسية وقانون انتخاب مجلس الأمة بغرفتيه، ويبدو أن من بين أهم الملاحظات أنها تقول إنه لا يمكن إجراء العملية الانتخابية بشكل متزامن كما جاء في مسودة قانون الانتخابات الرئاسية».

من جهته، قال الكاتب والباحث السياسي، أحمد أبو عرقوب: «أعتقد أن صعوبة إجراء الانتخابات الرئاسية، والمعادلة الصفرية التي تحكم في ليبيا، من حيث تعدد الرؤوس، وعدم رغبة أصحاب المصالح في استمرار الوضع كما هو عليه، وحملة السلاح في التسليم لرئيس أو شخص واحد مُنتَخَب من الشعب، وبالتالي سوف ينتهي دورهم، وسيكون هناك تهيد مباشر لمصالحهم، يؤجل عملية إجراء الانتخابات الرئاسية، ويجعل العوائق كثيرة أمام إجراء الانتخابات، كما يجعل الأصوات التي ترتفع مناهضة لإجراء الانتخابات الرئاسية كثيرة جدا».

وأضاف في تصريحات من طرابلس لبرنامج «حصة مغاربية» أننا «عندما نتحدث عن الانتخابات الرئاسية يجب أن نتحدث بواقعية، وعن المخاوف الموجودة على الأرض، وكانت هناك أكثر من مرة عرقلة لفكرة إجراء الانتخابات الرئاسية بدءا من عام 2014 عندما اقرت لجنة فبراير التعديل السابع، وكان يتضمن إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، تم تحريف هذه المسودة الأولى، وقيل إن مسألة الانتخابات الرئاسية تحال إلى البرلمان المتتخب، وفصل فيها البرلمان من الجلسة الأولى وصوت على أن يكون انتخاب الرئيس بشكل مباشر من الشعب، ثم في 2018 عندما تم تفجير مقر المفوضية العليا للانتخابات، وقت أن كانت تستعد للاستفتاء على الدستور، وبعدها في 2021 عندما تم تعطيل الانتخابات بحجة القوة القاهرة.

وتابع: «عموما الانتخابات الرئاسية في ليبيا هي الحل النهائي للأزمة السياسية، ولكن صعوبة إجرائها يحتم علينا البدائل التي ربما تكون انتخابات رئاسية بنظام القائمة، بحيث تستمر التوازنات الموجودة في الدولة الليبية، ولا ينفرد فيها شخص واحد بالحكم، بحيث يكون هناك ممثل لكل إقليم في قائمة واحدة بنظام المجلس الرئاسي كخطوة اولى نحو التغيير».