بدأ تجار قطاع غزة بإدخال بضائعهم عبر معبر “كرم أبو سالم” التجاري، دون دفع الضريبة الازدواجية التى تفرضها حكومة حماس السابقة مع الإبقاء على الضريبة التي تفرضها السلطة الشرعية على السلعة الواحدة، لأول مرة منذ سنوات من الانقسام الفلسطيني، في خطوة من شأنها أن تخفف الأعباء المالية على كاهل المواطنين في القطاع في ظل ارتفاع معدلات البطالة والفقر بشكل غير مسبوق، بعد إلغاء رسوم الجمارك على السلع.
يأتي هذا بعد أن تسلمت حكومة التوافق الفلسطينية، الأربعاء الماضي، إدارة معابر قطاع غزة بموجب اتفاق المصالحة الأخير الذي وقع في 12 أكتوبر/ تشرين الاول الماضي بين حركتي (فتح وحماس) برعاية مصرية.
وفور تسلم حكومة التوافق الفلسطينية مهامها على المعابر، أعلن وزير الشؤون المدنية الفلسطينية حسين الشيخ، إلغاء جميع الرسوم والجمارك التي كانت تجبيها حركة حماس.
وقال الشيخ، في تصريح صحفي، إن حكومة الوفاق قررت “إلغاء جباية أي رسوم لم ينص عليها القانون الفلسطيني، وكانت تُجبَى على دخول البضائع”.
وكان التجار في قطاع غزة يشتكون من فرض ضرائب إضافية كانت تجبيها حكومة حماس في غزة، رغم التزامهم بدفع الضرائب إلى السلطة الوطنية الفلسطينية.
وفرضت حكومة حماس بعد سيطرتها على قطاع غزة، ضرائب إضافية ومتنوعة على العديد من البضائع التي يدخلها التجار إلى القطاع من المعابر؛ وذلك لتمويل وزاراتها وهيئاتها الحكومية.
وقال أحد تجار السلع الغذائية في قطاع غزة، إنه أدخل أول شحناته إلى قطاع غزة بدون دفع الضريبة المزدوجة وأذونات الاستيراد والتي تضمنت عصائر وسلعا غذائية أخرى.
وأوضح التاجر لـ”الغد”، أن إلغاء تلك الضرائب المفروضة منذ سنوات على السلع المستوردة، والتي تصل نسبتها 25%، من شأنها أن تخفض أسعار السلع التي يشتريها المواطنون.
من جانبه، وصف سائق إحدى الشاحنات التي تنقل البضائع من معبر كرم أبو سالم التجاري، ما جرى بمثابة حلم لهم، وقال: “اليوم ندخل شاحنات البضائع بدون أي رسوم إضافية وبدون ضرائب، لأنها غير قانونية، وقبل الانقسام لم تكن مفروضة، ونتمنى أن يسري القرار بشكل دائم”.
وقال لـ”الغد”، “القرار سينعش الأسواق ويخفف من أسعار السلع التي يشتريها المواطن بتكلفة عالية، بعد أن توحدت الضرائب وباتت ضريبة واحدة تدفع لحكومة التوافق الوطني فقط”.
وعن تلك الضرائب التي كانت تجبيها حكومة حماس السابقة، أوضح أسامة نوفل، مدير الإدارة العامة للدراسات الاقتصادية في وزارة الاقتصاد الوطني، أنه “في عام 2014 مع تشكيل حكومة التوافق الوطني، امتنعت الأخيرة عن توفير الأموال اللازمة لتشغيل الوزارات في قطاع غزة، مما دفع إلى إصدار قرارات مختلفة في مجال الضرائب والرسوم، حيث تم استحداث ما يسمى رسوم إذن الاستيراد في وزارتي الاقتصاد والزراعة، إضافة إلى تعلية الجمارك على استيراد السيارات بنسبة 25%، وفي محصلة تلك القرارات كان هناك إرهاق على المواطن”.
وبين نوفل في حديثه لـ”الغد”، أن “حجم الأموال التي كانت تجبيها الحكومة السابقة خلال الفترة الماضية في قطاع غزة كضرائب إضافية، بلغت 70 مليون شيكل شهرياً، وهي عبارة عن رسوم وتعلية جمركية وضرائب على السيارات”.
وقال نوفل: “في حقيقة الأمر هذه الرسوم والضرائب بعد صدور قرار حكومة التوافق الوطني بإلغائها أصبح المواطن الفلسطيني والتاجر في قطاع غزة يتمتع بنفس النظام الضريبي الموجود في الضفة الغربية”.
وعلى الرغم من أهمية قرار إلغاء الضرائب التي كانت تفرضها حكومة حماس السابقة على البضائع في قطاع غزة، فإن إنعاش الاقتصاد الفلسطيني في القطاع لا يتم فقط من خلال ذلك كون أن القرار له تأثير محدودة النتائج، حيث يوضح أن “المطلوب هو رفع الحصار عن قطاع غزة وهو المحرك الوحيد لعجل الاقتصاد”، وفقا لنوفل.
وأضاف المسؤول في وزارة الاقتصاد، أنه “يتطلب من حكومة التوافق التواصل مع المجتمع الدولي من أجل الضغط لرفع الحصار عن قطاع غزة كون ذلك الأمر سينعش الاقتصاد في قطاع غزة بشكل كبير”، مشيراً إلى أنه ينبغي على الحكومة التواصل مع الجانب الإسرائيلي من أجل السماح للتجار ورجال الأعمال في قطاع غزة استيراد السلع الممنوعة من الدخول للقطاع ويقدر عددها 500 سلعة.
بدوره، قال ماهر الطباع المختص في الشأن الاقتصادي، إن إلغاء الضرائب المزدوجة سيسهم في انتعاش الأسواق ويخفف عن كاهل المواطن في قطاع غزة، كما سيؤدي إلى زيادة هامش أرباح التجار نتيجة تقليص ما يدفعونه من ضرائب وجمارك، والتي بدورها ستنعكس على المواطن ايجابا بانخفاض أسعار السلع.
وأضاف الطباع في تصريح لـ”الغد” أن “من المفترض بعد توحيد جباية الضرائب لحساب حكومة التوافق الوطني، أن يكون هناك رؤية واضحة صوب قطاع غزة الذي يعاني على مدار 11 عاماً من النقص الشديد في العديد من المشاريع التنموية التي تتوافق مع الزيادة السكنية العالية جداً في القطاع”.
وأعرب الطباع عن أمله أن تتضمن موازنة حكومة التوافق الوطني في عام 2018 العديد من المشروعات التنموية التطويرية الخاصة بقطاع غزة لسد النقص الذي تسبب به الانقسام في قطاع غزة على مدار عقد من الزمن.
