إميل أمين يكتب: أبو مازن.. لا ينتظر نصائح كيري

 

بعد سبعة عقود من النضال الفلسطيني المختلفة أشكاله وأنواعه.. ترى هل يمكن للفلسطينيين أن ينتظروا نصائح من العم سام كي يصلح لهم شأن قضيتهم المصيرية أمس واليوم وغدا؟

منطلق التساؤل ولاشك الحديث الدائر عن نصيحة أرسلها وزير الخارجية الأميركي السابق “جون كيري” إلى الرئيس محمود عباس، وكأن كيري أضحى الآن ملاك الرحمة الذي يشفق على الشعب المسلوبة حقوقه تحت أعين الأمريكيين أنفسهم منذ زمن بعيد.

القصة باختصار غير مخل تدور حول رواية نشرتها أكثر من صحيفة عربية وأجنبية، بل إن “معاريف” الإسرائيلية بدورها أشارت إليها، ومفادها أن الوزير الأميركي السابق قد التقى أحد المقربين من الرئيس أبو مازن في لندن مؤخرا، ودارت بينهما محادثة مطولة ومفتوحة حول عدد من المواضيع المتنوعة، وفي النهاية حمَّل “كيري” الطرف الفلسطيني رسالة إلى أبو مازن مفادها أنه :”يجب أن يتحلى بروح المثابرة ويلعب على عامل الوقت، وألا ينكسر أو يستسلم لتوجهات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، سيما وأن هناك فرصة حقيقية لأن يغادر البيت الأبيض مطرودا عما قريب”.

والشاهد أنه منذ أن راجت هذه القصة وهناك حالة من الجنون والسعار قد أصابت الإعلام الإسرائيلي، والجميع يحاول أن ينفي صدقية القصة، ويبتكر من طرفه تفسيرات وتأويلات لتحريفها، وكأنها هي الدواء الناجع الذي طال إنتظاره لحل الإشكالية الفلسطينية، هذا مع العلم أن كيري أمضى أربع سنوات في الخارجية الأميركية كان فيها مثالا للساعة الأوميجا الشهيرة، بمعنى أنه لا يقدم ولا يؤخر، ولم يستطع تحريك العناد والعنت الإسرائيليين قيد أنملة.

يعن لنا أن نتساءل في هذا السياق: هل كان أبو مازن في حاجة إلى نصيحة كيري هذه؟

باختصار غير مخل لم تقدم الولايات المتحدة الأميركية للقضية الفلسطينية سوى التعقيدات طوال عقود الأزمة، وخيردليل على ذلك أن أوسلو ولدت بعيدا عن أعين الأميركيين، ولولا نصيحة عالية وغالية القيمة من الفرنسيين بنوع خاص لما أمكن التوصل إلى تلك الاتفاقية اليتيمة في العام 1993 بين الطرفين، فقد نصح هؤلاء الفلسطينيين والإسرائيليين بالجلوس معا، والإتفاق أو الإفتراق أيضا معا، الأمر الذي أصاب الأميركيين لاحقا بحالة من الهذيان، فكيف لواشنطن روما العصر مالئة الدنيا وشاغلة الناس أن يحدث ذلك من وراء ظهرها، وقد أعتبرت إتفاقية أوسلو خيانة لها وطعنة في ظهرها.

واقع الحال لم يكن أبو مازن في انتظار نصيحة كيري لأن ترامب حطم بالفعل الأمل الأخير في بلورة حل الدولتين، بما فيه من مضمون الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

يكتب الباحث والمؤلف الأميركي المعروف “هنري سيغمان ” عبر مجلة “ناشيونال انترست” الأميركية الشهيرة يقول :”ترامب دق المسمار الأخير في نعش حل الدولتين، وذلك حين منح إسرائيل الضوء الأخضر لخلق الواقع على الأرض، بصرف النظر عن انتهاكها للمعايير المقبولة والقانون الدولي، من خلال تصريحه الذي قال فيه إن الوقت قد حان للاعتراف بالواقع، الواقع الذي يقول إن القدس هي عاصمة لإسرائيل، وإن إسرائيل تصنع شرعية لنفسها”.

لماذا لن تصلح نصيحة كيري حتى وإن رحل ترامب من البيت الأبيض، والفرصة هنا لرحيله متصلة كما هو معروف بأبعاد قضية “روسيا –جيت” وما يمكن أن تسفر عنه من تداعيات قريبا؟.

السبب لأن إسرائيل متجذرة بشكل عضوي في الروح الأميركية منذ أزمنة التكوين الأولى، وعليه فمسألة الرئيس ترامب وإن عقدت المشهد إلا أنها ليست الحكم النهائي أو المطلق لبلورة مشهد أميركي شعبوي ونخبوى معا من القدس بداية ومن الأراضي الفلسطينية عامة، فهناك الملايين الذين يرون في تلك الأراضي حقوقا شرعية ومقدسة لليهود مهما يكن من زيف هذا التوجه وبهتانه.

قبل أن يتكرم السيد كيري بنصيحته الجوفاء كان القرار الفلسطيني حاضرا عبر رؤية وطنية للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، قرار يحفظ للشعب الفلسطيني حقوقه الأخلاقية مهما كان من شأن الإعتماد الإسرائيلي على القوة الخشنة وبعيدا عن صنوف القوة الناعمة التي لا دالة لواشنطن أو تل أبيب عليها .

قبل كيري أنهى أبو مازن قول كل خطيب فأميركا لن تكون شريكا في عملية السلام إلا بعد إلغاء قرار الرئيس ترامب بشأن القدس، فلا يمكن ولا يصح أبدا أن تضحى واشنطن القاضي والجلاد معا، وقد أثبتت الشراكة أبدا ودوما مع واشنطن أنها غير مأمونة أو مضمونة العواقب، بل هي متقلبة تذهب دوما إلى فلسفة ذهب المعز وسيفه.. هل أتاك حديث الأونروا، وكيف أن أمة الوفرة والثراء الأميركية تستخدم حفنة دولارات من أجل تجويع الشعب الفلسطيني وإرغامه على كسر إرادته؟

لم يكن أبو مازن في حاجة لنصيحة وزير خارجية الرئيس الذي تسبب في كوارث للعرب لا تقل عن تلك التي شارك فيها “ليند بنز جونسون ” في العالم 1967، ذلك أن باراك أوباما قاد أكبر عملية تفكيك بل وتفخيخ للدول العربية والشرق أوسطية لصالح أمن وإستقرار إسرائيل، فيما أثبتت الأيام أن وعوده البراقة لم تكن إلا حديثا مغشوشا، ومنها ما هو متصل بحق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة.

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]