إميل أمين يكتب: أفغانستان.. زلزال آسيوي قادم 

قبل أن يحل شهر أيلول سبتمبر، ستكون القوات المسلحة الأمريكية قد أكملت انسحابها من أفغانستان، وذلك بعد عشرين سنة من التواجد على الأرض، غازية محتلة، وإن تسترت برداء محاربة الإرهاب، والعمل على  إقامة ديمقراطية  حقيقية.

ترحل القوات الأمريكية بطريقة مثيرة للغرابة، ما يفتح أبواب التأويلات عن السر الكامن وراء ترك مخازن أسلحة أمريكية متقدمة ممتلئة عن آخرها، وكأن هناك جزءا آخر من المسلسل الأفغاني لم تعرض فصوله على  الشاشة الأممية بعد.

يبدو الانسحاب الأمريكي وكأنه زلزال استراتيجي لآسيا وللآسيويين،  فقد استراحوا لعقدين طويلين من تبعات مواجهة الأصولية والتطرف في الداخل الأفغاني، وألقوا بالمسؤولية على كتف الأمريكيين، بل ربما كانت تلك فرصتهم الذهبية، وهذا باعتراف الصينيين أنفسهم، والذين قال بعضهم أن أسامة بن لادن قدم لنا أفضل خدمة، فقد شغل العم سام عن متابعتنا  ومراقبتنا.

لم يكن الكلام هنا لسان حال الصينيين فقط، إذ أن الروس بدورهم، عرفوا كيف يثأروا  لأنفسهم مما فعله بهم حلف الناتو مع انهيار الاتحاد السوفيتي، الأمر الذي أعتبره، بوتين، ولا يزال، أكبر خطأ استراتيجي في القرن العشرين.

انشغل الأمريكيون في مواجهة طالبان على الأرض، ومحاولة إقامة حكومة أفغانية تابعة تدور في فلك واشنطن، من عند حامد كرازاي وصولا إلى أشرف غنى.

لم تفلح أمريكا في أي من الهدفين، فها هي تنسحب على عجل، وبما يذكر الانسحاب السوفيتي من هناك أواخر الثمانينات، الأمر الذي عجل بسقوط الستار الحديدي، فيما طالبان تستولي على مقدرات الدولة،  بينما الحكومة الأفغانية غير قادرة على  الصد أو الرد، ولا تملك من أمرها سوى  الأحلام، ودع عنك التصريحات الأمريكية بأن قواتها  المسلحة قادرة على استخدام الطائرات المسيرة، أو الصواريخ البعيدة المدى لتغيير الأوضاع حال بلغت  طالبان حد الهيمنة المطلقة على  البلاد، وهو ما يبدو قريبا بالفعل.

في تلك الأثناء، عرفت  موسكو كيف تعيد بناء قواتها  النظامية، وباتت فرقها العسكرية مخيفة بالفعل للجار الأوروبي، وقد تحدث بعضهم مؤخرا  بأن الروس يمكنهم سحق الأوربين في أيام قليلة، ناهيك عن تطويرهم لمنظومات صاروخية تقليدية وفرط صوتية ما أنزل الله بها من سلطان، صواريخ مجنحة من نواع آفانغارد المرعب، وأخرى  من عينة، سارامات، الصاروخ ذو العشرة روؤس، والقادر على إزالة ولاية بحجم تكساس من على  خريطة الولايات المتحدة مرة وإلى الأبد .

وعلى الجانب الصيني، بلغت الصين شأوا عاليا، على  الصعيدين، الاقتصادي والعسكري.

أما الاقتصادي فقد تحدثت الأصوات الأمريكية بالقول أن بكين أضحت  تهدد أمريكا عبر توازن الردع النقدي،  بمعنى قدرتها المالية، كيف لا  وهي التي تستثمر نحو ثلاثة  تريليونات دولار في أذونات الخزانة الأمريكية، ناهيك عن اعتبار السوق الأمريكي أفضل موقع وموضع لتصريف منتجاتها.

عسكريا، ها هي الصين تقوم بإنشاء سورها النووي العظيم تحت الأرض، والمكون من نحو عشرة آلاف رأس نووية، وفي البحر تبني حاملات طائرات غير مسبوقة  في العسكريات الحديثة، وباتت صناعاتها من الطائرات تقارب مستوى الأمريكية والروسية.

فجأة تصحو بكين وموسكو على فرار أمريكي من أفغانستان، ونشوء وارتقاء طالبان من جديد، مع  الأخذ في عين الاعتبار أن قصة الانسحاب برمتها غالبا معدة بمهارة لوقف مسيرة التقدم الآسيوي، وإحداث ارتباك واضح في مخططات الروس والصينيين معا.

بات التساؤل المطروح في دول آسيا الوسطى، وروسيا والصين: “ما الذي يتوجب فعله عندما تعود طالبان إلى منصة الحكم في أفغانستان، بأفكارها السلفية، ورؤاها  التي تجعل منها بيئة جاذبة للإرهاب والإرهابيين من عينة القاعدة وداعش، وغيرهما؟

لم يقف الجانب الآسيوي عند حدود علامات الاستفهام، بل تخطاها إلى بدء التنسيق العملي وطرح القلق الآني  في قمة منظمة شانغهاي المعقودة يومي 16 و 17 يوليو/ تموز  الجاري .

الهلع في آسيا  لا تعرفه روسيا  والصين فقط، فهناك ردات فعل مخيفة من تسرب فيروس الإرهاب من جديد إلى كازاخستان وطاجيكستان وقرغيزستان واوزبكستان، وهذه الدول الأربع واجهت مؤخرا بدرجة أو بأخرى، العواقب الأولى لتدهور الوضع في أفغانستان.

لماذا  تخشى الصين بنوع  خاص من الانسحاب الأمريكي من أفغانستان؟

المؤكد أن الصين تحتاج إلى نوع كبير جدا من الاستقرار في الجوار، وذلك حتى تحقق خططها الواسعة والشاسعة وبخاصة مبادرة “الحزام والطريق”،  والتي تشمل بناء الطرق السريعة  وسكك الحديد والجسور والمصانع على طول الممر الاقتصادي المؤدي من شينجيانغ عبر باكستان إلى المحيط الهندي.

من هذا المنطلق يمكن للمرء أن يفهم لماذا تتفاوض  بكين مع طالبان بمساعدة باكستان سرا، وفي الوقت نفسه ووفقا لمعلومات من مصادر هندية ، يدفع  الصينيون أموالا لطالبان.

هل على روسيا بدورها أن تقلق؟

لا تبدو الأوضاع الاقتصادية في الداخل الروسي في أفضل حال، وهناك عقوبات أمريكية وأوروبية مسلطة على  رقبة القيصر الروسي، فيما الخوف الأكبر الذي يتهدده يتمثل في صحوة الجماعات الراديكالية ذات الجذور المؤمنة بالعنف في الجمهوريات السوفيتية السابقة، ما يعني أن عقدين من الاستقرار والحصاد قد ذهبا أدراج الرياح.

الخلاصة.. آسيا في بدايات مخاض زلزال جيوسياسي والليالي حبلى بالمفاجآت.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]