إميل أمين يكتب: أمريكا والسير في الاتجاه الخاطئ

إميل أمين

 تبدو الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الراهن في عمق أزمة وجودية، ولعل هذا ما عبرت عنه نتائج عدة استطلاعات رأي جرت مؤخرا في الداخل الأمريكي، وباعتراف الأمريكيين أنفسهم.

هل الإشكالية في أزمة الطاقة، أم أن أزمة الجائحة والفيروس الشائه، هي التي تركت أثرا أكثر سوءًا، أم الركود والتضخم، وتراجع القدرة الإنتاجية الأمريكية، عطفا على التغيرات المناخية التي تتهدد الولايات المتحدة بشكل خاص بأعاصير وسيول وعواصف هذا الصيف؟

ربما هذا كله معا، وهناك ما هو أكثر، بل وأخطر، إنه النسيج المجتمعي الأمريكي المهترئ، والذي تتراجع صلابته يوما تلو الآخر، الأمر الذي دفع المفكر الياباني الأصل، الأمريكي الجنسية، فرانسيس فوكاياما للقول في كتابه الأخير والمعنون “سخط الليبرالية”، إن “أمريكا ليست في وضع جيد”.

في الأسبوع الأول من شهر يوليو تموز الجاري، كشف استطلاع للرأي أجرته جامعة “مونماوث” الأمريكية أن 9 أمريكيين من كل 10 يعتبرون أن بلادهم تسير في الاتجاه الخاطئ.

النتيجة المتقدمة هي الأسوأ في واقع الحال منذ أن بدأ هذا الاستطلاع في عام 2013، وربما الأكثر إزعاجا لعلماء الاجتماع في الداخل الأمريكي، هو قفز نسبة المستطلعة  أراؤهم والذين قالوا إن الدولة تسير في المسار الخطأ بنسبة 9 نقاط مئوية عن وقت طرح السؤال عينه في مايو آيار الماضي، ما يعني أن نسبة السخط تتزايد بشكل مضطر.

وبمزيد من تفكيك الأرقام، فإن 6% من الجمهوريين قالوا إن البلاد تسير في الاتجاه الصحيح، مقارنة بـ 18% من الديمقراطيين.

وفي الوقت عينه اعتبر 92% من الجمهوريين أن البلاد تمضي في الاتجاه الخطأ، وكذلك 91% من المستقلين، و8 من كل 10 من الديمقراطيين.

أما الطامة الكبرى في هذا الاستطلاع، فتمثلت في أن أكثر من ربع الأمريكيين يشعرون بأنه من الضروري حمل السلاح ضد الحكومة.

ماذا تعني المفردة الأخيرة من هذا الاستطلاع؟ وفي هذا  التوقيت المثير للشكوك تحديدا؟.

بداية.. تأتي المفردة الأخيرة، وفي وقت تسعى فيه إدارة الرئيس بايدن إلى التضييق قدر الممكن على فكرة حيازة الأمريكيين الأسلحة، وإن كانت الشبحية منها تحديدا، أي تلك التي لا توجد لها سجلات شرطية أو قضائية بنوع خاص، فيما  لا يمكن بحال من الأحوال إلغاء الحق في امتلاك السلاح الشخصي، إذ أن الأمر منصوص عليه في التعديل الثاني من الدستور الأمريكي نفسه.

لا تبدو النتيجة الأخيرة حادثة، بل كارثة، ذلك أن الجميع  يترقب بخوف وهلع كبيرين ما ستجره الأشهر الثلاثة القادمة  على البلاد من إمكانية حدوث صدامات مسلحة، تدخل البلاد في دوامة من العنف الأهلي، وربما الاحتراب العرقي والثقافي دفعة واحدة، وذلك على حدود انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي.

ليس سرا القول إن هناك حالة شحن نفسي وسياسي في ربوع الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي دعا كبير منظري مشروع القرن الأمريكي، روبرت كاغان، للقطع بأن انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024 ستكون تاريخا مفصليا في سياقات البلاد السياسية ووحدة الولايات، وكأنه يتكلم عن بداية زمن التفكيك.

والشاهد أنه في الخلفية التاريخية القريبة للمشهد الأمريكي، لا تزال هناك أزمة انتخابات 2020، بين دونالد ترامب، وجوزيف بايدن، سيما وأن هناك نحو 75 مليون أمريكي، لديهم قناعات راسخة بأن الانتخابات قد تم تزويرها، وأنه لا بد من الانتقام بشكل أو بآخر، لا من بايدن فحسب، بل من عموم الديمقراطيين دفعة واحدة، وهذا ما يقض مضاجع العقلاء من الجانبين الديمقراطي والجمهوري، إذ تتضح إرهاصات الصراع القادم لا محالة.

هنا وحال إضافة فكرة ميل ربع السكان الأمريكيين، أي 82 مليون نسمة تقريبا، لحمل السلاح ضد الحكومة الاتحادية، فإن الدولة الأمريكية، ذات السمات الإمبراطورية، تضحى حقا على مشارف خوف حقيقي، من نهاية زمن الفيدرالية، وفي أحسن الأحوال الدخول إلى أطر أحاديث الكونفيدرالية، وقبل أن ينفرط عقد الوحدة مرة وإلى الأبد، وهو ما توقعه عالم السياسة  والاجتماع النرويجي الأشهر يوهان غالتونغ، وبالضبط كما  جرى وتوقع مع الاتحاد السوفيتي قبل نحو ثلاثة عقود، وقد صدقت توقعاته قولا وفعلا.

يعن لنا في هذه السطور التساؤل: هل شخص الرئيس بايدن وراء الأزمة الأمريكية الحالية؟

قبل الجواب يتحتم علينا الإشارة إلى نتائج استطلاع رأي آخر قام به مركز Morning Consul والذي كشف عن أن معظم الولايات الأمريكية غير راضية عن أداء الرئيس بايدن، وبالتحديد 44 ولاية من أصل 50 لا يدعمون عمل بايدن، وأن 64% من الديمقراطيين تحديدا يريدون مرشحا ديمقراطيا آخر  غير بايدن، وقد جرى استطلاع الرأي في الفترة من 1 إبريل إلى 30 يونيو في 50 ولاية.

لم تأت زيارة الرئيس بايدن الأسبوع الماضي إلى الشرق الأوسط بأي جديد في أعين الأمريكيين يمكن أن يضاف لرصيد بايدن الضئيل جدا، كما أن ظروفه الصحية المتراجعة، واعترافه المثير للجدل حول إصابته بالسرطان، ثم الإعلان  الرسمي عن إصابته بفيروس كورونا، وغيرها من التداعيات،  قد دفعت  نسبة لا بأس بها من الأمريكيين للتساؤل : “هل إستقالة أو إقالة بايدن قريبة؟.

المثير إلى حد الضحك أمريكيا في الأيام القليلة الماضية، وعقب الإعلان عن إصابة بايدن بكورونا، ما صرح به ترامب من تمنيه الشفاء العاجل لبايدن، لا من منطلق محبته الغامرة  لخلفه، بل درءا لخطر أكبر يتمثل في إمكانية وصول كمالا هاريس نائبته إلى سدة الحكم إذا تنحى بايدن أو أجبر على ذلك بقوة المادة الخامسة والعشرين من الدستور الأمريكي، حال عجزه عن القيام بمهامه.

نعم بايدن من أضعف رؤساء أمريكا، وقد يكون أضعفهم بالفعل، غير أن الموضوعية تقتضي الاعتراف بأنه ليس السبب المطلق فيما آلت إليه أحوال البلاد والعباد، وهذا ما يحتاج إلى قراءة أخرى قادمة بإذن الله.

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]