إميل أمين يكتب: إرهاب منهاتن.. عودة «الإسلاموفوبيا» من جديد

قبل أن ينقضي شهر أكتوبر/تشرين أول الماضي كانت منظمة التعاون الإسلامي تصدر تقريرا مفرحا يشير إلى أن ظاهرة الإسلاموفوبيا شهدت تراجعا خلال الربع الثالث من عام 2017، خاصة في الدول الغربية.

لم يعد تعريف الإسلاموفوبيا في واقع الأمر في حاجة إلى تعريف إصطلاحي من كثرة ترديده، غير أننا نذكر بأنه حالة الخوف المرضي من الإسلام والمسلمين، تلك التي تسود الكثير من المجتمعات الغربية، وللمرء أن يلمسها في قراءة الصحف المحلية والقومية الأروبية والأمريكية، وعبر الشاشات التي تقدم برامج عنصرية متحاملة، ناهيك عن السلوك العام في أماكن الدراسة والعمل، وانتشار التحرش بالمسلمات والمسلمين على حد سواء في كافة مناحي الحياة.

يعن لنا هنا التساؤل: هل نحن أمام ظاهرة حديثة العهد أم نسق غربي قديم؟

الجواب مثير للتأمل، ويمضي في اتجاهين، الأول إسلاموفوبيا عرفتها الطبقات المثقفة والمفكرة ذات المراتب والدرجات العليا، لا سيما عند المستشرقين بنوع خاص منذ قرون طويلة.

فيما النوع الآخر عرفه العوام على نحو خاص مؤخرا، وتصاعد مداه إلى عنان السماء بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 بنوع عام.

هنا يمكن القطع بأن علاقة أمريكا بالإسلاموفوبيا قد مرت بمرحلتين قبل تفجير برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك ومبنى وزراة الدفاع الأمريكية في واشنطن حيث كانت حملة الكراهية للإسلام  والمسلمين قائمة في أمريكا ، وبعد ذاك الحدث البغيض الأجرامي الذي راح ضحيته آلاف الأبرياء ، لتتحول الإسلاموفوبيا إلى حالة عامة من الكراهية.

لم تتوقف نيران الكراهية عند الولايات المتحدة الأمريكية فحسب، بل انتقلت من ثم إلى أوروبا، وكان واضحا أن هناك من ينفخ في النار ويعمل على توجيه مشاعر الكراهية والسخط على الإرهاب إلى كراهية وسخط على المسلمين عموما، وذلك بتصوير المسلمين جميعا على أنهم إرهابيون، وأن هذا الإرهاب مصدره الإسلام ذاته كدين يدعو أتباعه إلى الجهاد ضد الكفار ، ويعتبر غير المسلمين جميعا كفار، بل يسمح للمسلمين بالحكم على مسلمين آخرين لا يوافقونهم في التطرف والغلو بأنهم كفار.

والشاهد أن الحديث عن أمريكا تحديدا يستدعي إشارة ولو عابرة إلى حالة من حالات التشدد اليميني الذي بلغ مرحلة التطرف سيما بعد حرب العالم 1967 والتي أخذت في التصاعد وصولا إلى تجلياتها سيئة الذكر في زمن إدارة جورج بوش الأبن ، الذي قسم العالم بين الذين معنا والذين ضدنا، فسطاط الخير وفسطاط الشر ،دار الحرب ودار السلام.

مهما يكن من أمر فإن أمريكا التي تعرف دستوريا بأنها جمهورية علمانية الهوية، هي في واقع الأمر مغرقة في الهوى الديني وهناك أصوات متطرفة عديدة يسعدها إشعال أوار المواجهات ذات المسحات الدوجمائية شمال ألارض وجنوبها ، شرقها وغربها.

لماذا الحديث الآن عن الإسلاموفوبيا من جديد؟

غداة الحادث الأليم والمدان بكل قوة من أي نفس سوية والذي جرت به المقادير في حي منهاتن بمدينة نيويورك وراح ضحيته ثمانية قتلى وإصابة خمس عشرة آخرين ، على يد الاوزبكي الاصل المدعو ” سيف الله صابيوف”، تلقى مركزان إسلاميان في ولاية نيوجيرسي القريبة جغرافيا من نيويورك والتي تحفل بالالاف من ابناء الجالية العربية بعضهم قضى هناك أكثر من خمسة عقود من عمره ، تهديدات عبر إتصالات هاتفية  بحسب قناة “إن بي سي” الأمريكية، لا سيما المركز الاسلامي في مدينة باترسون والذي كان يزوره منفذ هجوم منهاتن بشكل دوري.

هل يعني ذلك أن ظاهرة الإسلاموفوبيا التي كانت قد بدات تتوارى بعد جهود علمية وفكرية حثيثة قام عليها رجالات البحث العلمي والأكاديمي من مثقفين أمريكيين بعد إحداث نيويورك وواشنطن قد عادت من جديد لتستعلن في سماوات أمريكا وأوروبا؟

غير خاف على أحد أن جرائم تنظيم الدولة التي ادعت أنها إسلامية طوال العامين الماضيين على نحو خاص قد لعبت برؤوس الكثيرين هناك، وعادت بهم إلى نقطة الصفر، وإلى الأحضان الفكرية للذين قالوا بحتمية الصراع بين الشرق والغرب، وبين الإسلام من جهة واليهودية والمسيحية من جهة ثانية، كما أشار هنتنجتون في تنظيره لصراع الحضارات.

ليس مفاجئا ان يكثر الحديث هذه الايام أيضا عن وثائق بن لادن التي وجدت أثناء اغتياله، وكأن الأمر مصادفة قدرية أو موضوعية لا يهم، فالأهم هو تذكير الرأي العام بأن الذين سلكوا مسلكه، قد وقر لديهم أنهم استطاعوا هزيمة الاتحاد السوفييتي في أفغانستان، ولذلك هو على مقدرة كذلك من هزيمة الولايات المتحدة الأمريكية وفاتهم أن الذي هزم السوفيت هي الصواريخ التي زودتهم بها الولايات المتحدة وجعلتهم يتفوقون بها على قوات الأحتلال السوفيتي.

وفي كل الأحوال يمكن القطع بأن مسلمي الولايات المتحدة الأمريكية أمام إختبار صمود وتحدي غير يسير، ومطلوب منهم معايشة ذلك الالم المزدوج الذي تسبب فيه “سيف الله ” وأمثاله من قبل، وهو ألم لو تعلمون شديد، إذ يكفي نظرة التخوين في عيون الانجلوساكسون لكل عربي وشرق أوسطي،  مسلم كان أو غير مسلم.

ما جرى في مانهاتن حادثة، أما الكارثة ألاشد وقعا وهولا، فتبقى في الإرهاب عينه الذي بات خلايا غير عنقودية ولم تعد الجيوش تقوي عليه… هذه هي معركة العقول في القرن الحادي والعشرين، والتي سيقدر لها الاستمرا طويلا طالما بقيت العدالة غائبة والحقوق مهضومة والصراعات مفتوحة أمس واليوم وإلى أن يعود ميزان العدالة الدولي إلى نصابه.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]