إميل أمين يكتب: إسرائيل.. عالم ما بعد صاروخ ديمونة

إميل أمين

 صباح الخميس 22 أبريل نيسان الجاري، سقط صاروخ سوري بالقرب من ديمونة، وردت إسرائيل بهجوم في سوريا.

اختلفت الروايات حول الحادث، فهناك الرواية الإسرائيلية الرسمية التي قالت إنه صاروخ جو جو سوري طائش، كان يطارد طائرة إسرائيلية، فيما البعض الآخر استند إلى شبه الرواية الإيرانية التي أذاعتها وسائل إعلام إيرانية وقالت فيها إن الانفجار الذي وقع في وسط إسرائيل قبل يومين ربما كان متعمدا، وتصل القصص التي دارت من حول الصاروخ عينه إلى أن في الأمر ملمح ليد روسية، تظهر لتل أبيب أن أي دعم لأوكرانيا سوف يقابل بيد ثقيلة من محيط إسرائيل الجغرافي، حيث بات لروسيا قواعد عسكرية في سوريا تطال قلب تل أبيب.

مهما يكن من أمر رواية الصاروخ، فإن الرسالة كانت واضحة لا تشوبها شائبة، فهناك من مواقع ومواضع ما يسمى بالطوق، من هو قادر اليوم على الوصول إلى ديمونة.

جاء الصاروخ بعد أيام قليلة مما جرى في مفاعل ناطانز الإيراني، ما جعل أصحاب فكر المؤامرة يعتقدون جازمين بأن الملالي خبروا حكومة نتانياهو بأنهم جاهزون للرد، فقد كانوا هذه المرة على بعد ثلاثين كيلومترا من قلب مفاعل إسرائيل النووي، ما يعني أن لديهم المقدرة تاليا على ارتكاب كارثة نووية، لا سيما وأن إسرائيل بدورها لن توفر الرد النووي المباشر على إيران، ما يدخل الأقليم والمنطقة في سياق حرب نووية لا محالة.

هل إسرائيل بعد صاروخ سام الروسي الصنع والذي وصل إلى حدود جوهرة التاج الإسرائيلي، إن جاز التعبير، هي إسرائيل عينها من قبل؟

لعل الذين قدر لهم متابعة وسائل الإعلام الإسرائيلية منذ ذلك الخميس قد شعروا بأن ردات الفعل في الداخل الإسرائيلي قد اعتبرت الأمر حدثا خطيرا، حتى ولو كان بيان الجيش بأن الصاروخ انزلق عن طريق الخطأ ولم يكن مقصودا إطلاقه نحو النقب صحيحا.. لماذا هذا القلق وربما الخوف؟

باختصار مفيد، يمثل اختراق أي صاروخ من أي نوع، ومهما كانت الجهة التي تقف وراءه، وبخاصة إذا عصف من أقصى  الشمال حيث الحدود السورية إلى مفاعل ديمونة الواقع في صحراء النقب، فشلا ذريعا لأنظمة الدفاع الإسرائيلية، تلك التي أنفقت عليها إسرائيل عدة مليارات من الدولارات عبر العقدين الفائتين، ويبدو أنه حتى التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، وأحدث بطاريات صواريخ الباتريوت، وما خفي من أنواع أخرى، قد أخفقت في منع تسلل صاروخ كان يمكن أن يهدد إسرائيل بصورة غير مسبوقة منذ قيامها وحتى الساعة.

لم يستهدف الصاروخ مفاعل ديمونة، لكنه أحدث زلزالا في العقيدة العسكرية الإسرائيلية، وربما هذا ما عبر عنه الجنرال الإسرائيلي، يوسي لانغوتسي، قائد الوحدة 81 للتكنولوجيا، في مقال له عبر صحيفة معاريف الإسرائيلية، وفيه أكد على أن إسرائيل يحظر عليها أن تعتمد فقط على نظام دفاع فعال يعتمد على تكنولوجيا الصواريخ الاعتراضية، لاسيما وأن القبة الحديدية لا توفر سوى رد جزئي قصير المدى مع ثقوب وبكميات محدودة.

تأتي رواية الصاروخ الروسي مثيرة للجدل، ذلك أنه وفي مثل تلك الهجمات التي تحدث بشكل خاطئ، فإن الجانب الذي تعرض للهجوم لا يسارع بافتراض حسن النية، والإعلان عن أنه صاروخ طائش، بل يبدأ بافتراض أن الهجوم متعمد، بينما  الجانب المنفذ هو الذي يحاول أن يثبت أن الأمر تم بدون قصد، ولكن الغريب والعجيب هو أن الجانب السوري لم يتطرق لإطلاق الصاروخ، بل اكتفى بالحديث المقتضب عن الرد الإسرائيلي.

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تجري فيها الأقدار بمثل هذا الهجوم، إذ أخفق الجيش الإسرائيلي ثلاث مرات من قبل في اعتراض صواريخ أطلقت من مسافة تصل إلى 400 كيلومتر، ما يعني أن هناك بالفعل خللا جوهريا  في إستراتيجية الدفاع الإسرائيلية، فهل يعني ذلك قولا وفعلا أن أهداف إسرائيل الحساسة لم تعد محصنة؟

يمكن اعتبار ما جرى حادثة رغم خطورتها، وهو ما أكده وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، وزعيم حزب “إسرائيل بيتنا” المعارض، افيغدور ليبرمان، واصفا نتيجة إطلاق صاروخ برأس حرب بزنة 200 كيلوغرام بالقول: “كان يمكن أن تكون مختلفة تماما على إسرائيل”، بمعنى أنها لو أصابت المفاعل النووي في ديمونة لعرفت إسرائيل وجوارها الإقليمي، سيناريو مشابها لهيروشيما ومناظر لناجازاكي.

لكن الكارثة التي يدركها منظرو إسرائيل هي أن آخرين كُثر رصدوا الحدث الجلل، وفي ضوء التجربة وردات الفعل الإسرائيلية، حكما سيرتبون أوراقهم، ويعدلون إستراتيجياتهم لتضحى أهداف إسرائيلة أخرى بما فيها ديمونة على قائمة الاختيارات الخطيرة المستهدفة عند القارعة.

هل يعني ما تقدم أن أحدا يسعد أو يفرح لسيناريوهات الموت المحمولة جوا من وإلى إسرائيل؟

قبل الجواب بشكل مباشر، نذكر بما أورده في مذكراته الشخصية الجنرال “إسرائيل ليور” مدير مكتب رئيس وزارء إسرائيل ليفي أشكول، فقد كان الأخير يصيح في الخامس من يونيو حزيران 1967 بصوت عال: “ما الذي يريده هؤلاء؟.. هل يهدفون إلى البقاء على حد السيف إلى الأبد؟

كان أشكول يشير إلى رغبة جنرالات إسرائيل في الاستيلاء على أكبر مساحة من أراضي العرب، لكن إلى متى كان يمكنهم الاحتفاظ بها؟.

جاءت حرب أكتوبر 1973 لتثبت للإسرائيليين أن السواتر والحواجز لن توفر لهم السلام والأمان، بل تنشئ من حولهم الخوف والرعب، واللذين تفجرا مرة واحدة وسقط خط بارليف الذي قيل عنه إنه يحتاج إلى سلاح المهندسين الأمريكي ونظيره الروسي، أو قنبلة نووية لتفجيره.

حادثة صاروخ سام 5 الأخير، تستدعي قراءة إسرائيلية عميقة من أصحاب العقول الإستشرافية حول أكلاف الحرب والمواجهات المستحدثة يوما تلو الآخر ومقارنتها بالتضحيات الواجبة كي يسود السلام.

ذات مرة تحدث أحد شعراء إسرائيل عن السكين التي تولد مع كل طفل إسرائيلي يرى النور.. السلام هو الحل.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]