إميل أمين يكتب: التغير المناخي … من ينقذ الأرض بعد انسحاب ترمب ؟

 

التغير المناخي … من ينقذ الأرض بعد انسحاب ترمب ؟

 

هل قدر لإنسان القرن الحادي والعشرين أن يكون هو السبب الأول والمسبب الرئيس في نهاية الحياة الإنسانية على الكرة الأرضية ؟

تساؤل مثير للجدل والشقاق ويدفع للتفكير بعد أن بدأت تظهر في الأفق حصيلة حساب الحصاد الذي جاء موافقا تماما لحساب الحقل ، فالبشرية اليوم تجني ما زرعته في تعاملاتها مع الطبيعة ، وبات على البشر أن يدفعوا ثمنا باهظا لما اقترفته أياديهم من جراء الاعتداء على الطبيعة وتلويثها في طريق إدراك الثروة وتحقيق الغني ومد الهيمنة وبسط النفوذ، هذه المنظومة الأنانية الأحادية والتي من أسف سيدفع الجميع اليوم ثمنها ولا شك ………….لماذا هذا الحديث الآن على وجه التحديد ؟\

 

بقلم ـ إميل أمين

المؤكد ان اعلان الرئيس الامريكي دونالد ترامب قبل ساعات قليلة الانسحاب رسميا من قمة باريس العالمية لمكافحة تغير المناخ هي ما دعا لقراءة احوال الكرة الارضية ، وهل بات الانفجار الايكولوجي ” البيئي ” قريب جدا ، بل ربما اقرب مما يخيل للمرء ام لا .

لا يهم الرئيس ترامب سوى اوضاع الاقتصاد الامريكي ،ويرى  ان اتفاقية باريس قد سببت غبنا كبيرا للامريكيين ، وانه انسحاب مؤقت الى حين التوصل الى اتفاقية اكثر عدالة مع بقية دول العالم حول احوال التغير المناخي العالمي .

 

في تقرير اخير  نشرته صحيفة الجارديان البريطانية  صادر عن  اللجنة الحكومية للتغير المناخي في الولايات المتحدة الأمريكية ويرأسها نائب  الرئيس الأمريكي الأسبق آل جور  نقرا عن  ارتباط كارثي جدي بين السياسات الصناعية العالمية   وما يحدث للتغير المناخي العالمي .

لم يكن التقرير قصرا على دولة بعينها  فحسب بل تناول  عدد كبير من دول العالم  المهددة حول  بالغرق من جراء  ذوبان ثلوج القطبين الشمالي والجنوبي  بسبب ارتفاع حرارة كوكب الأرض.

في مقدمة تلك الأماكن  دلتا مصر حيث يسكن ثلثي المصريين وتعتمد مصر على 60% من غذائها  عليها ،  تلك المنطقة الخضراء الخصبة ،  مرشحة للغرق والطمر تحت الماء وتاليا هجرة ملايين المصريين منها .

ورغم أن الأمر بالحسابات العلمية  لن يحدث قبل ثلاثين أو أربعين عاما إلا أن الأمر في أوله وأخره وجه من وجوه كارثية عديدة  لن تفلت منها دول العالم كافة،  فمن لا يصيبه الغرق ستبقى الزلازل والأعاصير ولاحقا البراكين والجفاف والاحتباس الحراري مع تبعات ما تقدم على الزراعة وانتشار ظاهرة التصحر ،  إضافة إلى قلة المعروض من المنتجات الزراعية كالقمح والذرة ، ونقص المياه ، ثم لاحقا الاضطرابات السياسية والحروب التي ستنشأ من جراء الصراع على موارد الحياة ، هذه   كلها ستبقى مهددة للجنس البشري ومستقبله .. هل من المزيد من التفصيلات ؟

 

في ظاهرة الاحتباس الحراري

 

يعزى الأمر كله في واقع الأمر إلى ظاهرة الاحتباس الحراري والذي هو الأساس والقاعدة لغالبية التأثيرات السلبية لما يجري على الكرة الأرضية ….ما هو الاحتباس الحراري في الأصل ؟

يقول علماء الفيزياء والجيولوجيا انه لكي تحافظ الكرة الأرضية على  متوسط درجة حرارتها لابد لها من أن تشع إلى الفضاء الخارجي نفس كمية الطاقة التي تتلقاها من الشمس ،  وهي تفعل ذلك عن طريق إصدار إشعاع موجاته طويلة،  والمفترض أن يكون المتوسط السنوي لدرجة حرارة الكرة الأرضية  هو 15 درجة  “سليزية” بسبب وجود غازات مختلفة  بصورة طبيعية في الجزء  الأدنى من الغلاف الجوي مثل الأوزون والميثان وأحادي أكسيد الكربون وبخار الماء . وهذه الغازات المعروفة باسم غازات الاحتباس الحراري تمتص بعضا من الإشعاع الصادر عن الأرض على شكل موجات طويلة  وتعيد إرساله .

وسطح الأرض يسخن بسبب الطاقة الناتجة من الأشعة التي يعيد الغلاف الجوي أشعاعها الى الأرض ولا يسمح لها بالمرور خارجها وهذا ما يعرف بمفعول الاحتباس الحراري .

ومن شان زيادة كمية الغازات المسببة للاحتباس الحراري  في الغلاف الجوي زيادة مفعول الاحتباس الحراري .

وعليه يمكن توقع ارتفاع درجة حرارة الأرض بسبب تلك الزيادة ، ولما كان نظام الكرة الأرضية  معقدا جدا فان ارتفاع درجة حرارة سطحها يعتمد على عدة عوامل مثل عمليات التغذية المرتدة والتأثيرات بين مختلف أقسام هذا النظام .

ولذا فان أي تغير في التوازن الإشعاعي للأرض بما في ذلك التغير الذي تسببه الزيادة في غازات الاحتباس الحراري أو الهباء الجوي من شانه أن يغير درجات حرارة كوكب الأرض ، مما يؤثر على أنماط الطقس والمناخ وبالتالي أشكال الحياة.

 

 هل موارد المياه في خطر ؟

 

منذ فترة ليست بعيدة كان أهم إنذار يصدر في شان التغيرات المناخية يرتبط بالماء ، سائل الحياة ،  فقد دعا عالم مناخ بارز في الولايات المتحدة الأمريكية الحكومة لتقديم دعمها من اجل الأبحاث التي تعني بتأثير تغير المناخ على موارد المياه ، أما العالم فهو ” د .جوناثان اوفريييك ” مدير معهد دراسات كوكب الأرض في جامعة أريزونا والذي قال أثناء شهادة له أمام لجنة العلوم والتكنولوجيا التابعة لمجلس النواب الأمريكي إننا ” لا نعرف كيف يؤثر التغير المناخي على موارد المياه ؟.

وفي محاولة العالم الفائز بجائزة نوبل الجواب أشار إلى أن العلماء لا يعرفون كيف ستتغير موارد المياه في المستقبل لكنه يضيف إن للحرارة تأثير كبيرا على موارد المياه ، فمع ارتفاع الحرارة ترتفع الرطوبة في الأجواء التي تسحب المياه من الأرض والغابات والزراعة من النباتات ومن أي مورد مياه مفتوح .

وعلى الجانب الأخر تفيد الدراسات الخاصة بجليد القطب الجنوبي بان الغازات المسببة لظاهرة الانحباس الحراري وصلت إلى أعلى مستوياتها في الغلاف الجوي مقارنة بأي فترة على مدى ثمانمائة ألف سنة سابقة على الأقل .

في هذا  الصدد يضيف ” توماس ستوكر ” احد معدي الدراسة قائلا  : “يمكننا القول بكل تأكيد أن تركيزات ثاني أكسيد الكربون والميثان اليوم أعلى بنسبة 28% و 124% على الترتيب من ذي قبل” .

أما احدث الدراسات الصادرة عن البنك الدولي فتشير إلى أن التغيرات المناخية تؤثر بصورة مباشرة على أسعار المواد الغذائية والدخول في كثير من الدول النامية  وهو ما يدفع الفقراء من سكان المدن  إلى مزيد من الفقر .

وانتهت مجموعة ابحاث التنمية بالبنك الدولي إلى القول أن الفقراء بالمدن سيتضررون بصورة اكبر وسيدخلون في حلقة الفقر بسرعة اكبر مع التغيرات المناخية التي ستشهدها البلاد .

 

الأسواق المالية تتأثر سلبا

 

 

الأمر  لا يتوقف على المياه بل يمتد كذلك إلى الأموال ففي تقرير نشرته وكالة أنباء رويترز الشهر قبل الماضي ، كان التأكيد على أن ارتفاع درجة حرارة الأرض نتيجة ظاهرة الاحتباس الحراري سيؤثر سلبا وبصورة بالغة على الشركات والأسواق المالية في وقت يقوم المستثمرون فيه بإعادة تقييم الشركات استنادا إلى حجم تعرض استثماراتها لمخاطر التغيرات المناخية .

ويقول التقرير الذي اعد بواسطة مجموعة من المؤسسات الاستثمارية التي تتولى الإشراف على أصول قيمتها ما بين 4 و 5 تريليون دولار إن بعض تلك الشركات ربما تتهاوى قيمتها بنسبة كبيرة قد تصل إلى 40% بسبب ارتفاع معدلات انبعاث الكربون .

والخسائر المالية يستتبعها ولاشك أخطار أخرى مثل خطر حدوث المجاعات وتلك هي الأشد فتكا بالبشرية ،وقد أكد على ذلك المؤتمر الدولي الثاني عشر للتغيرات المناخية الذي عقد في العاصمة الكينية نيروبي في الثاني من فبراير 2007 لمناقشة أسباب ارتفاع حرارة الأرض ، حيث حذر من أن وصول درجة الحرارة إلى 3-4 فهرنهايت يعني أن إنتاجية الأرض الزراعية من الحبوب خاصة من الأرز والذرة  ، ستنخفض بشدة بنسب تتراوح بين 25%- 35%  بما يجعل مئات الملايين  غير قادرين على إنتاج أو شراء الحد الأدنى من احتياجاتهم الغذائية ، ليزيد عدد المعرضين للمجاعات  والذين وصل عددهم إلى حوالي 800 مليون شخص على مستوى العالم .

كما أشار المؤتمر إلى انه بحلول عام 2080 قد تتراجع كمية المحاصيل المنتجة عالميا بنسبة 5% بما يعرض حوالي 70% من سكان إفريقيا للمجاعة .

كما أن التلوث البيئي الناتج عن التغيرات المناخية سيؤدي إلى نقص عمليات النمو والتكاثر بالنسبة للأحياء المائية في العالم بنسبة لا تقل عن 18% وترتفع هذه النسبة إلى حوالي 25% في المناطق التي تتعرض لتلوث اشد مشيرا إلى تقلص الأنواع التي تعيش في البر والبحر بنسبة 30% مقارنة بما كان عليه الحال قبل 30   عاما .

 

 

  الحفاظ على البيئة أو الدمار القادم

 

وحتى لا يضحى الحديث مجرد تنظيرات فكرية فحسب نلجأ إلى الأرقام التي لا تكذب  ولا تضلل سيما إذا كانت صادرة عن جهات لها مصداقية مثل معهد الاقتصاد الألماني في برلين والذي أشار إلى أن العالم يحتاج  بشكل ملح إلى سياسة للحفاظ على البيئة خوفا من العواقب الوخيمة فالتغيرات المناخية سببت في أل 30 سنة الماضية خسائر اقتصادية فادحة  وان موجة الحر التي عمت أوربا في 2003 ألحقت خسائر وصلت إلى 17 مليار دولار ،  ويتوقع خبراء الاقتصاد ارتفاع حجم الخسائر إلى البليون يورو إذا ارتفعت درجة حرارة الكرة الأرضية درجة واحدة مئوية .  ولذا تصر دول الاتحاد الأوربي على التزام كافة الدول باتفاقية كيوتو ولا سيما الدول الصناعية ( أمريكا ، والصين ، والهند )  حيث تشكل أمريكا نسبة 6% من سكان العالم ، وتستهلك 30% من طاقة العالم ، وهناك 3 جهات مسؤولة عن ذلك  الشعب الذي يبذر الطاقة بشكل مفرط والشركات والمصانع التي تلوث البيئة والحكومة التي ترضخ لضغوطات الشركات ، وخاصة الشركات التي تعمل في مجال البترول  والأسلحة والسيارات والفحم والغاز الطبيعي .

ويقدر خبراء الاقتصاد  خسائر شركات التامين  بسبب الكوارث  الطبيعية السنوية المحتملة على المدى القريب بحوالي 115 مليار دولار منها 65 مليار دولار خسائر أمريكية ، و35 مليار دولار خسائر أوربية ، وحوالي 15 مليار خسائر اليابان ، وقد سجل عام 2004 رابع اشد الأعوام حرارة خلال  العقد  الماضي ، وقد تسبب في وقوع خسائر فادحة  والتي تقدر بحوالي 35 مليار دولار أمريكي منها تعرض أمريكا وحدها إلى خسائر بسبب الأعاصير إلى حوالي 26 مليار دولار خلال عام 2004 .

 

 

 الفقراء سوف يزدادون فقرا

 

لماذا ستزداد أحوال الفقراء فقرا ؟ ببساطة كما يقول ” جيرارد وين ” من شبكة “إنسان نت” الألمانية أن الإجراءات التي تتخذ لمواجهة التغيرات  المناخية  تؤدي إلى تضخم تكاليف الطاقة حيث يزيد هذا من أسعار الوقود الاحفوري ويشعل فواتير الغذاء من خلال استغلال الأراضي الزراعية  لإنتاج وقود متجدد .

والآن تتزامن الأسعار العالية مع أسعار الغذاء مع تباطؤ الاقتصاد مما أثار اضطرابات في عدة دول  بالإضافة إلى مطالب بخفض الضرائب  على الوقود وتحرير الأراضي الزراعية  من اجل الغذاء .

في هذا الإطار يقول الاقتصادي الكبير ” جوزيف ستيجليتز” الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد  إن هذا المكون المهم من الاقتصاد العالمي .. الغذاء والطاقة تعرض لتشويه بالغ  بسبب تسعير المياه والهواء الخالي من الكربون بأسعار اقل من أسعارها الحقيقية،  ويمضي يقول إن مكافحة التغيرات المناخية جعلت ارتفاع أسعار  الغذاء أمر لا مفر منه .

وتتصاعد تكلفة السلع الغذائية المهمة بشدة  حيث اقتربت  أسعار الأرز والذرة  والقمح من ارتفاع قياسي  وأدى هذا إلى احتجاجات وأعمال شغب في بعض الدول النامية حيث قد ينفق الناس أكثر من نصف دخلهم على  الغذاء .

وتؤثر التغيرات المناخية على الغذاء بطريقتين إما مباشرة من خلال إحداث حالات الجفاف الاستثنائية أو من خلال رد فعل سياسي لتحويل المحاصيل الغذائية إلى وقود صوبي مثل الايثانول لان انبعاثات ثاني أكسيد الكربون  الناتجة عنه اقل من تلك الناتجة عن البنزين وهذا هو الهدف من إنتاجه.

وعلى الجانب الأخر  فان تقريرا صادر عن منظمة ” كرستيان أيد ” أشار إلى إمكانية أن تؤدي التغيرات المناخية إلى موجات نزوح بشري قد تصل إلى مليار شخص  بحلول عام 2050 وتتوقع المنظمة  أن تفاقم التغيرات المناخية المستقبلية  سيزيد من ظاهرة النزوح البشري التي بدأت فعلا ويقول التقرير الذي أصدرته المنظمة أن هناك خشية  من أن تؤدي موجات النزوح إلى اشتعال نزاعات في المناطق  ذات الموارد الشحيحة حسب تقرير للبي بي سي .

ويضيف التقرير إن البلدان الأكثر فقرا غير واعية للتطورات السيئة مثل النزوح ، التهديد الأكثر إلحاحا الذي يواجه الشعوب الفقيرة في الدول النامية .

 

اخطر من أسلحة الدمار الشامل

 

وفي سياق التدهورات المناخية العالمية تبقى ظاهرة التصحر اخطر في واقع الأمر من أسلحة الدمار الشمل ….ما هو التصحر وما هي اشكالياته ؟

تعريف ظاهرة التصحر أمر يقودنا إلى هلع حقيقي ما لم تتبين البشرية عادة أخطاره وتعمل على تجنب تأثيراته الضارة أيما ضرر،  فالتصحر وفقا لتلك الدراسة من اكبر الكوارث التي تهدد المجتمعات البشرية وهو عبارة عن درجة معينة من الاختلال في توازن العناصر المختلفة المكونة للنظم الايكولوجية وتدهور خصائصها الحيوية وانخفاض إنتاجيتها إلى الدرجة التي تصبح فيها هذه الأنظمة عاجزة عن توفير المتطلبات الحياتية الضرورية للإنسان والحيوان مما يضطره في النهاية إلى الهجرة أو قيامه باستيراد مصادر الطاقة اللازمة لاستثماره فيها من أنظمة أخرى .

والتصحر كذلك نتيجة مباشرة لسوء استغلال الإنسان للموارد الطبيعية لهذه الأنظمة وبخاصة الموارد الحيوية بالإضافة إلى التأثيرات السلبية لعناصر البيئة وبخاصة الظروف المناخية الجافة إذ أن عناصر البيئة المختلفة في أي منظمة تتفاعل وتتكيف مع بعضها بعضا إلى أن تصل عبر التاريخ إلى نوع من التوازن الديناميكي .

ويظل كل نظام محافظا على خصائصه المميزة له طالما بقيت التغيرات ضمن حدود القدرات الطبيعية إلا أن هذا التوازن يبدأ في الاضطراب بسبب الإفراط في استغلال عنصر أو أكثر بمعدل يفوق قدرته الكامنة على التعويض أو بسبب عدم ملائمة أساليب الإدارة لطبيعة النظام القائم .

 

دور المناخ وتأثيراته السلبية

 

والمؤكد انه حدثت تغيرات مناخية كبيرة تعاقبت فيها عصور رطبة أخرى جافة عبر الأزمنة الجيولوجية أدت إلى نشوء الصحاري الطبيعية التي تغطي جزءا كبيرا من منطقتنا العربية وبالرغم من أن هذه العصور تلاشت إلا أنها لا تزال تؤثر بشكل فعال في نشوء البيئات الهشة من خلال الظروف القاسية التي تتميز بها الصحاري والتي تؤثر في المناطق المجاورة لها .

هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فان  المناخ في الوطن العربي منذ أكثر من خمسة ألاف سنة كان جاف بطبيعته ودورات الجفاف الطويلة والقصيرة دائمة الحدوث ولم يحصل فيه أي تغيير ملموس حتى يومنا هذا حيث يمتاز بالانخفاض الشديد في معدلات الهطول المطري وعدم انتظامه وحصول الأمطار العاصفة إضافة إلى الارتفاع الملحوظ في درجات الحرارة وشدة الرياح وسيادة الرياح القارية،  ومن هنا فان الجفاف إلى جانب كونه احد أهم ميزات البيئات الجافة وشبه الجافة بقي يعمل إلى جانب تأثير الصحاري في اتساع رقعة البيئات الهشة وأحيانا تدهورها ونشوء بيئات أكثر حساسية واهم صفات هذه البيئات هي ضعف الغطاء النباتي وسيادة الترب غير المتطورة وندرة المصادر المائية .

مما سبق يتضح أن المناخ الجاف الذي يغطي معظم مساحة الوطن العربي قد أدى إلى وجود العديد من الأنظمة البيئية الايكولوجية الهشة والحساسة ، وقد بقيت هذه الأنظمة رغم ذلك في توازن حرج مع الظروف القائمة عبر التاريخ الطويل حيث كان عدد السكان قليلا ونشاطهم محدودا وإمكاناتهم التكنولوجية بسيطة وحينما زاد عدد السكان وزادت إمكانياتهم التكنولوجية واتسع مجال نشاطهم وزاد معدل استغلالهم للموارد الطبيعية،  فقد أدى كل ذلك متضافرا مع سوء الإدارة إلى الإخلال بالأنظمة الايكولوجية وتوازنها مما هيا الفرصة للآثار السيئة للعوامل المناخية الجافة أن يزداد تأثيرها وفاعليتها في امتداد ظاهرة التصحر إلى معظم إنحاء الوطن العربي .

لذلك فان اعتقاد كثير من الباحثين أن الظروف المناخية التي تتميز بالجفاف فقط هي الأسباب الكامنة وراء عمليات التصحر هو اعتقاد خاطئ لان الظروف المناخية في الوقت الحاضر هي عامل مساعد ومنشط يتضح تأثيره بشكل كبير بعد اختلال التوازن في عناصر النظام الايكولوجي الناتجة أساس عن النشاطات البشرية غير الملائمة .

والمؤكد أن ظاهرة التصحر في الوطن العربي ستؤثر سلبا مع مضي الزمن على كافة أوجه الحياة من زراعة وصناعة وتجارة وغيرها وبخاصة إذا استمرت ظروف الضغط على الموارد الطبيعية واستنزافها بقدرة اكبر من طاقتها على التجديد …

 

المناخ واضطراب العلاقات السياسية

 

هل تأثير التغيرات المناخية يتعلق فقط بالاقتصاد ولا يقترب من حدود السياسة والعلاقات الدولية  ؟

الجواب  هو أن التغيرات المناخية لها تأثير كبير على العلاقات الدولية إذ يذهب خبراء البيئة والمناخ في رصدهم للآثار المتوقعة للتغيرات المناخية لأبعد من ذلك ،  مؤكدين أنها تفرض أوضاعا خطيرا على الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي نتيجة لوقوع أكثر من 400 مليون نسمة تحت ظروف معيشية  متدهورة بسبب الجفاف وارتفاع درجات الحرارة وزيادة عدد السكان وتردى النشاط الاقتصادي وهو ما سيظهر معه مشاكل متعددة في اغلب قارات العالم خلال الفترة ما بين 2020 و 2030  حيث يتوقعون تعرض أوربا إلى جفاف سينعكس على شكل صراعات مسلحة بين دول الاتحاد الأوربي حول الغذاء وموارده المياه ومشاكل الهجرة ،  وهو ما سيؤدي بدوره إلى فسخ العلاقات الدبلوماسية بينها .

وفي آسيا ستتعمق النزاعات الحدودية بين بعض الدول التي تعاني من مشاكل المياه وهو ما سيؤدي إلى تطوير الإمكانات العسكرية  في بعضها وتعميق اتفاقيات حول حماية مصادر الطاقة وامتداداتها مثل النفط والغاز الطبيعي .

وفي قارة أمريكا ستشتعل الصراعات نتيجة لارتفاع أسعار النفط بسبب الوضع السياسي غير المستقر في منطقة الدائرة النفطية ما بين بحر قزوين ومنطقة الخليج إضافة إلى احتمال تفاقم أزمة النفط إذا ما تصاعدت حدة النزاع بين دول الاتحاد الأوربي والدول المصدرة للنفط أوبك  بسبب إصرار أوربا على دفع دول منظمة أوبك تعويضات نتيجة الخسائر الناجمة عن احتراق النفط ، أما بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط فنجد أن اغلب الدول تعاني من مشاكل كثيرة والتي سيزيدها سوء التغيرات المناخية مثل الجفاف والتصحر ونضوب مصادر المياه ،  إضافة إلى التزايد السكاني وتردي الأوضاع الاقتصادية ، ولذا يتوقع الخبراء بروز صراعات حول مصادر المياه والطاقة وتفعيل الأزمات الحدودية بين الكثير من دول المنطقة  الشرق الأوسط .

في هذا الإطار كشفت بريطانيا عن تقرير سري لوزارة الدفاع الأمريكية يكمن مضمونه في أن ظاهرة تغير المناخ وإفرازاتها الجانبية سوف تفرض أوضاعا خطيرة على الاستقرار السياسي  والاقتصادي والاجتماعي وتضع ملايين البشر تحت رحمة الطبيعة  وكلها تصب في خانة ما تقدم من حديث ، وتعكس حالة الاهتمام الأمريكي على نحو خاص بالتغيرات المناخية باعتبار أمريكا ذاتها هي الإمبراطورية المنفردة بمصير العالم في القرن الحادي والعشرين .

 

واشنطن متهم أول بتغيير المناخ

 

هل من مسؤولية خاصة تقع على عاتق الولايات المتحدة الأمريكية في التأثير السلبي على مناخ العالم، وتتفاقم هذه المسؤولية الان بعد انسحاب ترامب رسميا  ؟

الجواب  ياتينا على لسان الكاتب والمنظر السياسي الفرنسي الشهير “باسكال بونيفاس”  ويأخذ الشكل التالي ” أمريكا مصرة على موقفها الرافض للانضمام إلى اتفاقية كيوتو ، ومن ثم فان البروتوكول لن يكون فاعلا بما فيه الكفاية  حتى وان دخل حيز التنفيذ فالولايات المتحدة الأمريكية التي يبلغ عدد سكانها 4% من مجموع سكان العالم  تستهلك نحو 25% من الطاقة المستخدمة في العالم وعليه فان الاتحادية الأمريكية التي تم التنديد بها  في الشؤون السياسية والإستراتيجية كثيرا تجد مجالا لممارستها في المجال البيئي أيضا .

وفي عام 2003 أكد تقرير صادر عن  وزارة الدفاع الأمريكية  أن ارتفاع درجة حرارة الأرض قد يشكل احد اخطر  التحديات لأمن الولايات المتحدة الأمريكية ولكن صيحة التحذير هذه لم تلق آذانا صاغية في البيت الأبيض فتقليص استهلاك الطاقة  ليس من الأمور المستعجلة بالنسبة إلى واشنطن.

ويرى البعض  انه يتعين على الولايات المتحدة العودة إلى مسار الدول التي شرعت في علاج هذه المعضلة البيئية إذا أردنا فعلا علاجها ، فحتى لو التزمت جميع الدول الأخرى  ببنود تلك المعاهدة فان الحل الأمثل لن يكون إلا بمشاركة الولايات المتحدة فيها لأنها المسؤولة الأولى عن تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري .

ويبرز هنا الدور المهم الذي يلعبه نائب الرئيس الأمريكي السابق آل جور والذي كتب كثيرا محذرا  مما قد يؤول إليه حال العالم والأرض التي تحتضننا جميعا  إذا لم نجتهد في خلق الحلول الناجحة للتخفيف من خطورة الاحتباس الحراري ، وقد كان لكتاباته هذه    اثر فاعل في شريحة صناع الأفلام الوثائقية الذين حولوا ذلك المقال  إلى فيلم وثائقي شكل عرضه على العالم صدمة بيئية  اقرب إلى الجلطة الدماغية.

 

مستقبل الارض والمناخ العالمي في خطر متزايد بعد ان وجدت ادارة ترامب نفسها  تحت ضغوطات  المجمعات الصناعية الأمريكية التي لا يهمها سوى تحقيق اكبر المكاسب المالية دون النظر إلى الاعتبارات البيئية التي تكاد تذهب بالأرض ومن عليها ،  ومن هنا كان الانسحاب الاخطر في تاريخ البشرية .

 

 

 

 

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]