إميل أمين يكتب: الدبلوماسية المصرية والقضية الفلسطينية

يوما تلو الأخر تثبت مصر أن وصف الشقيقة الكبرى  ليس وصفا شوفينيا، وإنما حقيقة أثبتتها تجارب التاريخ وحكايا الزمان، في أزمنة السلم، كما في أزمنة الحرب،  وحين فاضت بقاعها  من الدسم، وعندما تعثرت  في السنوات العجاف، ففي جميعها كانت الشقيقة المناصرة لحقوق الشعوب العربية كافة، والشعب الفلسطيني بنوع خاص.

ولعل النظر إلى  مصر يتوجب دوما أن يحدث من زاويتين، مصر الرسمية من جهة، ومصر الشعبية  من جهة ثانية، والمحصلة الحتمية تقودنا إلى  إستعداد مصر الحكومية ومصر الشعبية في كل آن ومكان لنسيان الماض، لا سيما وإن كان أليما، والتطلع إلى  المصلحة العامة للأمة العربية.

في الصراع المسلح الأخير بين حماس في غزة، وبين جيش الإحتلال الإسرائيلي، ذهب البعض إلى التساؤل: “كيف لمصر أن تدافع  عن غزة التي تتحكم حركة حماس في مقاليد أمورها، وهي التي تسببت لمصر في أذى بالغ في فترة 25 يناير 2011،  وعملها على  شيوع الفزع بين المصريين، ودورها في فتح السجون المصرية، وبقية السردية الحزينة يدركها  القاص والداني؟

يمكن للمرء أن يجد وجاهة ما في علامة الإستفهام المتقدمة، لكن مصر الشقيقة الكبرى وعن جدارة، الرسمية والشعبية، تستطيع دوما وأبدا التفريق بين الأشقاء الفلسطينيين المنكوبين في الداخل مرتين، مرة من قوات الإحتلال الإسرائيلي وغيها  السادر ليل نهار، ومرة أخرى  بسبب ميليشيات ولو فلسطينية تسببت  في نكبة  مستمرة ومستقرة من جراء التبعية للدوائر الخارجية، والتي لم تطلق رصاصة على إسرائيل طوال أربعين عاما، ولم تساهم في عون وإغاثة الفلسطينين بدولار واحد.

نما وعلا شأن الشقيقة الكبرى  خلال أيام الصدام الأخيرة على  جانبين، الإنساني والدبلوماسي، فقد شاهد العالم قوافل الإغاثة الطبية تدخل إلى غزة لإستنقاذ المصابين، عطفا على الشاحنات المملؤة بالمؤن الغذائية، ولم تكن مصر لتنتظر شكرا أو حمدا، بل تقوم بواجبها  نحو أخوة في أزمة حياتية   طاحنة.

وعلى درب الدبلوماسية كانت مصر تسابق الريح من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار، ويخطئ من يتخيل  أن هذا الإجراء كان في صالح الغزاويين فقط، لأنه أيضا يصب في صالح الجانب الإسرائيلي الذي أرهقته صواريخ غزة.

منذ العام 1948 ومصر لا تبخل بالتضحية بالدم أو الجهد أو المال، من أجل التوصل إلى  حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وحين قررت  خوض غمار السلام، دعت القيادة الفلسطينية ولم تعزلها، وإن اقصت الأخيرة نفسها ،  ولاحقا بعد نحو عقدين من الزمان أكتشفت  أن خيارات مصر كانت صائبة ، وضاعت فرصة لم تعوض حتى الساعة.

أثبتت الدبلوماسية المصرية، أن هناك قيادة سياسية تتصف بالحكمة والشجاعة،  تقدر لرجلها قبل الخطو موقعها وموضعها، ولهذا  أستطاعت وقف نزيف الدم، ما جعل من جهودها  محل توافق من كافة الأطراف الإقليمية والدولية.

حين يوجه وزير خارجية إسرائيل، غابي أشكيناز، الشكر  لمصر على جهودها  والتزامها  بتحقيق الإستقرار والسلام في المنطقة، فإن ذلك أمر يستوجب التوقف أمامه، ومحاولة قراءته بعين ثاقبة.

تدرك إسرائيل أن هناك تغيرات في المشهد الدولي والإقليمي لا تصب في صالحها، عطفا على أن إمتداد زمن الصراع يؤثر تأثيرا  جذريا على مقدرات حياتها اليومية، مع ما لذلك من خسائر مادية وأدبية جسيمة، فقد عاش الإسرائيليون وربما للمرة الأولى  في تاريخ الصراع لحظات من القلق الحقيقية، حتى وإن إستخدموا الآلة العسكرية بشكل غاشم، وأرتكبوا ما يرقى إلى  درجة جرائم الحرب.

نجحت مصر في إختبار السلام مع إسرائيل، كما قدر لها  عام 1973 تحقيق أكبر إنتصار عسكري وأول إنتصار عسكري عربي على الدولة العبرية.

ولعل إنتصار السلام الحقيقي الذي تسعى فيه مصر، يتمثل في المحاولات الدؤوبة التي لا تنقطع  من أجل إعادة إحياء عملية السلام،  وتيسير لقاء الجانبين، وتذليل العقبات الكؤود الرابضة في الخفايا  متشوقة لإفساد السلام الممكن وغير المستحيل، فالصراع والحرب، الموت والدمار والمرار، ليس قدر مقدور في زمن منظور للطرفين.

أكدت النجاحات المصرية الأخيرة للولايات المتحدة الأمريكية، أن مصر شريك قادر وراغب بالفعل في تغيير وجه الشرق الأوسط، من الحرب إلى السلام،ومن السقوط في جب الكراهية إلى  بناء الجسور مع الأخرين.

في هذا السياق  رأينا  الثناء الأمريكي الواقعي غير الأبوكريفي على  الدور المصري الذي يقوده الرئيس السيسي ورجالات الأجهزة الأمنية المصرية المعنية.

ولعلها  من النوادر أن يتصل الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن مرتين بالرئيس المصري معربا عن تقديره لما قامت به الكنانة،  وليدعم جهودها  في إعمار غزة،  وتسهيل إستئناف عملية سلام حقيقية بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني.

هل ستتوقف الجهود المصرية عند نجاحات وقف إطلاق النار، أو الترتيب لهدنة  طويلة الأمد؟

الذين تابعوا  زيارات وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى الأردن ورام الله الأخيرة، يدركون أن الهدف الرئيس لمصر هو العمل على  فتح أفق سياسي بمسار المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، حتى تزول أسباب تكرار هذه الصدامات أول الأمر، وللوصول إلى صيغة حل نهائي دائم وشامل.

من حسن الطالع أن يتحدث الرئيس بايدن عن حل الدولتين،  وهو ما يجعل أفق التسوية قريب إن صحت النوايا  الإسرائيلية، واستطاع الفلسطينيون توحيد كلمتهم.

شمس مصر الذهبية تشرق من جديد على  الشرق والعالم.

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]