إميل أمين يكتب: ترامب بين اليمين الإنجيلي ولوبي دعم إسرائيل

إميل أمين

هل هو قدر مقدور في زمن منظور أن يظل رؤساء أمريكا منذ زمن جورج واشنطن وصولا إلى دونالد ترامب بين فكي المطرقة والسندان الأمريكيين المتمثلين في تيار اليمين الأصولي الإنجيلي، وبين جماعة الضغط الداعمة لدولة إسرائيل؟.

ربما يكون الجواب أعرض من الإحاطة به في مقال بعينه، ذلك أن الفكر التوراتي اليهودي كان شريكا رئيسا في نشوء وإرتقاء الدولة الأمريكية منذ البدايات البعيدة جدا، ويكفي الناظر إلى علم أمريكا أن يدرك أن النجوم التي عليه هي إشارة رمزية لأسباط بني إسرائيل، وقد كان المقترح للعلم الأمريكي أن يمثله عمود من النار كمثل ذلك الذي كان يقود بني إسرائيل في رحلة خروجهم من أرض مصر إلى أرض كنعان.

مهما يكن من أمر فإنه ما من رئيس أمريكي حديث، أي بعد ليندون جونسون، قدم خدمات استراتيجية مثلما فعل ترامب، والذي تجرأ على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس واعترف بالمدينة المقدسة عاصمة موحدة لإسرائيل، وأقر بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان المحتلة، وصولا إلى قراره المنحول الأخير، والخاص بالاعتراف بشرعية السيادة والوجود والاحتلال الإسرائيلي للمستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية.

ولعل علامة الاستفهام التي تطرح نفسها بقوة على مائدة النقاش: “لماذا يفعل ترامب هكذا”؟

ضمن العلامات المحيرة والمثيرة للتفكر، تبقى  تلك الخاصة بالعلاقة بين ترامب ودولة إسرائيل، وهل الرجل هو ملك اليهود أم معاد للسامية، كما تساءلت بعض الصحف العبرية الأيام القليلة الماضية.

قبل بضعة أسابيع هاجت الدنيا وماجت على ترامب بعد أن أسبغ شرعية على  المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، واعتبر المراقبون للشأن الأمريكي أن القرار يقوي عمليا من قاعدة تأييد ترامب بين أوساط الناخبين الإنجيليين، في سعيه لإعادة أنتخابه في 2020 لولاية رئاسية ثانية.

والمعروف أن أي مرشح للرئاسة الأمريكية يحاول دائما أن يرضي هذا الفريق من القيادات المسيحية الإنجيلية التي تتساوق دائما تطلعاتها مع شهوات قلب دولة إسرائيل، عطفا كذلك على تقديم ترضيات ملائمة لتيار اليهود الأمريكيين المناصرين لإسرائيل، أولئك الذين تحتضنهم “الإيباك” عادة في حلهم وترحالهم.

والشاهد أن هذا التيار المختلط قد لعب دورا رئيسا على صعيد الحياة السياسية الأمريكية منذ ستينات القرن الماضي، وإن كان الأساس الذي نشأ على قاعدته هذا التوجه غير ذي موضوع قوي فكريا، فقد اعتبر البعض أن العناية قد دعمت دولة إسرائيل في حربها مع العرب في العام 1967، وفي ذات الوقت  تخلت عن أمريكا التي كانت تعيش مستنقع فيتنام ولا تدري كيفية الخروج منه وحفظ ماء وجهها.

بدت تجليات ذلك التيار في عهد بوش الابن، وتوارت في سنوات باراك أوباما، حيث حلت  التحالفات مع جماعات الإسلام السياسي محلها، ولا سيما جماعة الإخوان المسلمين وفروعها داخل أمريكا، وكما كان التيار الأول وبالا على العرب والمسلمين، جاء الثاني بالأسوأ في زمن ما عرف بالربيع العربي.

حاول ترامب ولا يزال بكل قوته ترضية تيار اليمين الإنجيلي، ومرة أخرى حديثه بإستقطاب اليهود الأمريكيين المناصرين لإسرائيل، وقد شارك الايام القليلة الفائتة في مؤتمر للقمة الوطنية للمجلس الإسرائيلي لعام 2019 في منتجع “ديبلومات بيتش” في هوليوود، وحاول فيه إظهار نفسه إسرائيلي أكثر من الإسرائيليين، لا سيما حين خاطب الجمع بالقول إن بعض اليهود لا يحبون إسرائيل بما فيه الكفاية، وأنه لا داعي للقلق بشأن الحصول على أصواتهم لأنهم سيصوتون بحسب مصالحهم التجارية.

هل العبارة المتقدمة هي التي دعت الجانبين اليميني الإنجيلي ولوبي دعم إسرائيل للتوقف أمام هذا الطرح البراجماتي الملغوم إن جاز التعبير؟

يعرف عن ترامب دائما وأبدا أنه صانع صفقات وأنه ماهر في تحقيق الأرباح، لكن لغة البيزنس غير لغة السياسي الماهر، ولهذا يكاد يكون ترامب في مأزق.

في الفقرة الخامسة من خطاب ترامب أمام تلك القمة قال: إنه يتوجب على يهود أمريكا أن ينتخبوه، سواء أحبوه أم كرهوه، لأنهم لا يملكون أي خيار أخر، واصفا أياهم بـ “القتلة الوحوش” و”الإناس غير اللطفاء أبدا”، ممن يتوجب عليهم دعمه تحت طائلة خسران أعمالهم خلال 15 دقيقة إذا فاز مرشح آخر ديمقراطي.

ورغم أن بعض الحضور أخذ هذه الأقوال على محمل المزاح فتعالت في القاعة بعض الضحكات، إلا أن ردود الفعل اللاحقة نمت عن إستياء كبير في الأوساط اليهودية، بلغ درجة اتهامه بالعداء للسامية.

ليس غريبا أو مثيرا أن يتلاعب رجل السياسة بكل ما في يديه من أوراق، غير أن ترامب هنا قد لامس بعض الأسلاك العارية والتي تغيب عن كثير من المحللين السياسيين في شأن العلاقة الأمريكية – الإسرائيلة، وفي المقدمة منها  أن التيار اليميني الإنجيلي الأمريكي لا يدعم إسرائيل حبا في إسرائيل أو يهودها في حد ذاتهم، بل بإعتبار إسكاتولوجي (علم الايام الأخيرة وفقه قيام الساعة) يقود إلى أن قيام هذه الدولة سيهيئ الأرضية من أجل الملك الألفي وعودة المسيح إلى الأرض، وهنا تنتفي الحاجة إليهم ويبطل دعمهم ولا يكون لهم وزن في الحياة السياسية الأمريكية.

هذا الفكر أزعج مؤسسي الدولة العبرية، لكنهم يحاولون أبدا ودوما الإستفادة قدر الإمكان من أي رئيس مناصر لإسرائيل، وكما يفعل نتنياهو الآن محاولا توقيع إتفاقية دفاع مشترك مع إسرائيل.

الأمر الآخر الذي يهدد دولة إسرائيل يتمثل في ارتفاع حالة العداء للسامية من جديد في الداخل الأمريكي، وهو مهدد أشد خطورة من الحروب على  الدولة العبرية، وليس أدل على ذلك من جماعات المقاطعة في الحواضن العلمية والتعليمية، بل والسياسية، وقد طالب أعضاء من الحزب الديمقراطي مؤخرا بتقليص الدعم الأمريكي المطلق لإسرائيل، كونه يسبب لها خسائر مع بقية حلفائها، ووصل الأمر بـ “بيرني ساندرز” المرشح الديمقراطي المحتمل للرئاسة الأمريكية حد التفكير في اقتطاع الكثير من المساعدات لإسرائيل وتمريرها للفلسطينيين.

الخلاصة.. المشهد الأمريكي الإسرائيلي مرشح للكثير من التغير في قادم الأيام.

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]