إميل أمين يكتب: ترامب وإسرائيل.. وثيقة نووية وأكاذيب سلمية

 

من الذي يصدق  ترامب حين يتحدث عن نواياه السلمية وصفقته المشبوهة المسماة بـ “صفقة القرن”، لا سيما حينما يوقع على وثيقة جديدة يتعهد خلالها  بعدم فرض أي ضغوطات أمريكية على “إسرائيل” لنزع سلاحها النووي؟.

مرارا وتكرارا  أشرنا إلى أن أمريكا ليست مصابة بازدواج أخلاقي وحسب، بل إنها تعاني من ظاهرة نفسية قاتلة راسخة في جذورها وتكوينها العضوي منذ زمن الآباء المؤسيين ..”تكافؤ الأضداد في الروح الأمريكية الواحدة”، بمعنى القول بشيئ وتاليا العمل بما هو مخالف له، بل وفي إتجاه مضاد.

مرة جديدة ترتفع الأصوات لجهة الحديث عن صفقة سلام عرابها صهر ترامب “جاريد كوشنر” والمبعوث الأمريكي “جيسون غرينبلات”، والأنباء المتواترة من واشنطن تشير إلى أنهما عما قريب جدا سيقومان بجولة في الشرق الأوسط تشمل مصر والمملكة العربية السعودية والأردن وإسرائيل.

يحق للمتابع للمشهد الأمريكي في تشابكات خيوطه وتقاطعات خطوطه مع  الملف الفلسطيني التساؤل: “أي خبرة يمتلك مبعوثا ترامب في الحياة الدبلوماسية، ما يمهد لهما الطريق إلى غمار تسوية حقيقية مرتجاة؟.

في واقع الحال لا يمتلك كوشنر ولا غرينبلات وكلاهما من اليهود الأرثوذكس أية خبرة دبلوماسية، ما يدعو للاندهاش من إصرار ترامب على تكليفهما بتطوير خطة السلام في الشرق الأوسط، ومن دون الرجوع إلى وزارة الخارجية الأمريكية، حيث ملفات الصراع العربي الإسرائيلي قائمة منذ زمان وزمانين.

ما رشح حتى الساعة وإن بشكل غير رسمي يؤكد على أن الخطة الأمريكية تقوم على مفهوم أمريكي لحل الدولتين، الأساس فيه هو عدم وجود القدس في القلب من الدولة الفلسطينية، وما هو مطروح أقرب لفكرة الأردن الموسع ليشمل الضفة الغربية  فيما تكون عاصمة تلك الدولة أبوديس أو ربما جبل المكبر، العيساوية، والشويفات، وهو الحديث المرفوض شكلا وموضوعا من القيادة الفلسطينية وبنوع خاص من أبو مازن.

أفضل تعليق استمعنا إليه الأيام الماضية عما يجري في الليل الأمريكي البهيم تجاه القضية الفلسطينية كان تصريح أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية “صائب عريقات”، والذي قال فيه: إن الإدارة الأمريكية تسعى لتحويل القضية الفلسطينية “من سياسية إلى إنسانية بإمتياز”.

عريقات في تصريحه المهم والمثير لفت إلى أن إدارة ترامب تسابق الريح في جمع التبرعات، والتي غالبا ما ستدفع من الجيوب والخزائن العربية، لا من طرف العم سام، بهدف ظاهر هو تحسين أوضاع الفلسطينيين الإقتصادية، فيما تذوب أساسات الحل الجذري للإحتلال الإسرائيلي، وبسط سيطرة اسرائيل على  المقدسات التاريخية وفي المقدمة منها مدينة القدس التي جعلت منها  واشنطن مقرا لسفارتها.

يقف أبو مازن بنوع خاص أمام هذا الطرح، وربما لذاك تتردد الأنباء في داخل العاصمة الأمريكية عن دعوة واشنطن للتخلص من القيادة الفلسطينية بسبب تمسكها بالثوابت الوطنية وبالقدس عاصمة للدولة الفلسطينية، أي أنه وباختصار غير مخل تتطلع واشنطن إلى جيل من القيادات الفلسطينية قابل للتنازل لا للتفاوض، وهو الأمر الصعب والعسير في هذا الوقت الحرج من عمر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

هل دخلت الولايات المتحدة في لعبة خطيرة جدا من خلال استبدال الحقوق الوطنية بالمشاريع الإنسانية؟.

أغلب الظن أن ذلك كذلك، غير أن الثغرة القائمة في جسم النسيج المجتمعي الفلسطيني نفسه ربما كانت هي “كعب أخيل” الذي يمكن من خلاله لمثل تلك المشروعات الأمريكية – الإسرائيلية أن تتسرب إلى  الداخل، وما هو معروض اليوم، قد يضحى مفروضًا في الغد، طالما بقي الطرف الفلسطيني الأضعف من حيث مفاهيم القوة الخشنة، وعليه لن يكون هناك إلا الرضوخ كخيار المذعنين.

كعب أخيل الفلسطيني هو الإنقسام الحاصل في صفوف الفلسطينيين أنفسهم، الأمر الذي يتطلب وبأسرع وقت ممكن تنفيذ اتفاقات المصالحة لا سيما تلك التي رعتها مصر في الفترة الأخيرة، ومن ثم إيجاد نقاط ارتكاز لشراكة سياسية كاملة تقوم على  أساس برنامج منظمة التحرير الوطني”.

الازدواجية الأمريكية القاتلة تتمثل في أنه في الوقت الذي يتجهز فيه كوشنر وغرينبلات للإنطلاق إلى الشرق الأوسط تخرج علينا القناة السابعة العبرية صباح الثلاثاء التاسع عشر من يونيو حزيران الجاري بأنباء عن وثيقة وقعها ترامب بناء على طلب الجانب الإسرائيلي، تشمل عدم فرض أي ضغوطات أمريكية على إسرائيل للكشف عن أسلحتها النووية أو نزعها خلال فترة وجود ترامب في البيت الأبيض، بعد أن تقدمت حكومة نتانياهو بطلب رسمي في هذا الشأن منتصف العام 2017.

من يثق في إدارة أمريكية تبسط أجنحتها لحفظ النووي الاسرائيلي من مجرد المساءلة الدولية، وفي وقت  تطارد فيه كوريا  الشمالية بتهمة حيازة تلك الأسلحة أو السعي في سياقات الطموحات النووية لإمتلاكها؟.

يحاجج البعض في واشنطن بأن فهم معنى ومبنى هذه الوثيقة مختلف من واشنطن إلى تل أبيب، ففي حين أن المسؤولين في إسرائيل يرون الوثيقة التي وقعها ترامب بمثابة التزام حقيقي من قبل الرؤساء الأمريكيين بعدم الضغط على إسرائيل بخصوص ترسانتها النووية، فقد أخبر المسؤولون الأمريكيون صحيفة نيويوركر بأنهم أقل تصميما، بمعنى أن هذه الوثيقة ليست غطاء، ولكن واشنطن لن تطلب من تل أبيب التخلي عن أسلحتها النووية.

الميل الواضح والفاضح لإدارة ترامب جهة إسرائيل تبدى في تصريحات أخرى لمسؤول أمريكي نافذ في الإدارة الحالية قال فيه: “إننا نقبل الحجة الاسرائيلية بأنهم لن ينزعوا السلاح في ظل الظروف الحالية في الشرق الأوسط”.

أي مصداقية لواشنطن حين تتحدث عن صفقة القرن وكيف للعالم العربي والإسلامي القبول بها شريكا في ظل أنباء الوثيقة النووية الأخيرة؟.

خلاصة القول: “لا يجتنى من الشوك عنبا ولا من العوسج تينا”.

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]