إميل أمين يكتب: سيد قطب بين الإستخبارات الأمريكية والموساد

 

عن قطاع الثقافة بدار أخبار اليوم صدر الأسابيع القليلة الماضية كتاب “سيد قطب والاستخبارات الأمريكية”، لمؤلفه الأستاذ توحيد مجدي، والذي بذل جهدا كبيرا ووافرا في توثيق كل ما جاء به بالوثائق والأدلة والبراهين التي تؤكد ما هو مؤكد بالفعل من قبل عن علاقة  سيد قطب بأجهزة استخبارات دولية كبرى، كان الموساد في مقدمها مع الاستخبارات المركزية الأمريكية في ذات التوقيت.

لا يظن المرء أن سيد قطب في حاجة إلى تعريف ومع ذلك يمكننا الإشارة إليه بأنه الرجل الذي سبب عنفًا وإراقة دماء غير مسبوقة من جراء أفكاره التي أعتنقها قسم كبير من شباب حركة الإخوان المسلمين في خمسينات القرن المنصرم.

سيد قطب هو الموظف المصري في وزارة المعارف الذي قدر له في زمن الملك فاروق الالتقاء مع “دافيد بن جوريون” والذي كان مسؤولا في الوكالة اليهودية لللاجئين عن متابعة شؤون ذويه في الشتات ومنهم مصر، وقد التقاه سيد قطب في إطار البحث عن تعليم اللغة العربية ليهود مصر، غير أن بن جوريون عرف منذ اللحظات الأولى للقاء عن رغبة سيد قطب في السفر إلى أمريكا، وقد حضر اللقاء كذلك “جولد مائير” التي ستصبح لاحقا رئيسة لوزراء إسرائيل.

كان هناك خيط رفيع يجمع بين سيد قطب وبين التوجهات الصهيونية بشكل عام، خيط لا يعرف مكنونه غير الذين عندهم علم من كتاب الجماعات الخفية التي تتعاطى مع هذا العالم سرا وعلانية، وبعض من العلن كامن في جذور الماسونية العالمية، والتي أقر سيد قطب بانتمائه إليها بشكل مباشر في مقاله المنشور بمجلة التاج المصري في 23 أبريل من عام 1943 وهي المجلة الناطقة باسم المجمع الماسوني الذي كان مرخصا له في مصر في ذلك الوقت.

عرف بن جوريون شهوة قلب سيد قطب، فأرسل خطاب ترشيح الى جامعة كولورادو باسمه يذكي فيه سيد قطب، وبالفعل تم قبوله وسافر إلى هناك ليجد في إستقباله رئيس جامعة عرفه من خلال طريقة الترحيب به انه ماسوني بدوره، ما يؤكد أن سفره إلى أمريكا  كان معد سلفا وبهدف لا يغيب عن الأعين.

يستفيض مؤلف الكتاب في التفاصيل المثيرة التي تبين للقارئ شخص وشخصية سيد قطب المضطربة إلى درجة جنون العظمة من جهة، والمآخذ الأخلاقية على سلوكه النوعي من ناحية ثانية، وإن ترك الباب مفتوحا للقارئ ليفهم بنفسه توجهه الأخلاقي على  صعيد الحياة  الجنسية.

بإختصار غير مخل، كانت إسرائيل قد وضعت أعينها مبكرا على  سيد قطب، وألقت  عميلة للموساد شباكها من حوله، بعد أن تقمصت دور الباحثة في جامعته، مظهرة أنها ذات أصول مصرية، وإن أخفت عنه لقبها الذي يتضح منه هويتها الدينية اليهودية.

بلغ الأمر بسيد قطب أن تزوجها بالفعل، غير أن شيئا ما  حال دونه وممارسة حياته الشرعية معها، الأمر الذي جعلها تطلب الطلاق منه، بعدما أطلعها ولاشك على مكنونات عقله وقلبه، وأفكاره ورؤاه، ولا يخفى كذلك ما زرعته هي بدورها في عقله الواعي أو الباطني، قبل أن تختفي من حياته مرة وإلى أن تسلمه للاستخبارات الأمريكية التي عرفت كيف أنها  وقعت على صيد ثمين.

من كولورادو الى  جامعة ستانفورد الأمريكية الشهيرة في ولاية كاليفورنيا  الأمريكية على ساحل المحيط الهادئ، وهناك كان اللقاء الرسمي مع عميل الأستخبارات الأمريكية، وبداية تجنيد سيد قطب .

رأت الدولة  الامريكية العميقة أن الرجل ربما يكون مفتاح لفهم التوجهات السياسية الاسلامية أو ما أصطلح على تسميته لاحقا بالإسلام السياسي، فقد كانت أمريكا تخطط لمواجهة مع الإتحاد السوفيتي، تسخر فيها  الإسلام والمسلمين لخدمة أغراضها  في مقاومة الشيوعية، كما كانت معظم الدول العربية حاصلة على إستقلالها  حديثا .

كتب سيد قطب وشرح في وثائق لا تزال الإستخبارات الأمريكية تحتفظ بها الكثير جدا عن رؤاه السياسية الممزوجة بالعمق الديني الإسلامي بحسب هواه وتوجهاته، وقد بنى عليها  الأمريكيون الكثير جدا من خططهم وإستراتيجياتهم التي استخدموها  بعد عقدين في مواجهة السوفيت في أفغانستان وحتى زمن الربيع العربي المغشوش.

شيئ ما جعل سيد قطب يقطع دراسته ويعود إلى مصر، والسؤال هل الأمر عشوائي أم أنه كان مدبر له بليل بهيم؟.

قبل البحث في الجواب نشير إلى أن الإخوان المسلمين في ذلك الوقت كانوا قد فقدوا الرجل المؤسس حسن البنا الذي اغتيل، ولم يكن سيد قطب يحمل مشاعر طيبة بالمرة للبنا، بل يطلق عليه “حسن الصباح” في إشارة لا تخطئها العين لمؤسس جماعة الحشاشين التاريخية الذين اوغلوا في القتل وسفك الدماء.

أرسل المستشار الهضيبي الذي خلف البنا في قياة الاخوان المسلمين رسله إلى البنا في أمريكا يساله فيه العودة إلى مصر ومحاولة رأب الصدع الذي جرى داخل الجماعة بعد وفاة المؤسس سيما، وأنها لم تعد على قلب رجل واحد.

هل كانت مراسلات وتحركات سيد قطب مرصودة من الاستخبارات الأمريكية؟ قطعا ذلك كذلك وهو ما يفتح الباب واسعا للتصديق بأن عودة سيدة قطب إلى مصر لم تكن تحركا عشوائيا بل خطة مدروسة ومحكمة لنشوء وارتقاء تيار جديد داخل جماعة الإخوان المسلمين.

منذ عودته إلى مصر وحتى الحكم عليه نشر سيد قطب آراءه المتشددة للغاية ، ومن حوله بزغت جماعة القطبيين التي كفرت الحاكم والدولة، وكانت أفكاره بداية لتشارع وتنازع مع السلطة أدى الى سفك دماء بريئة عبر خمسة عقود أو أزيد .

والشاهد أن ما عرفته مصر في السنوات الأخيرة من عنف وميل للقتل والإرهاب والترويع، لم يخرج عن حاضنة سيد قطب، وبحسب الكثير من العارفين ببواطن الجماعة فأن المجموعة التي كادت أن تذهب بمصر من سبعينات القرن الماضي وظهور جماعة التكفير والهجرة وصولا الى  محاولة ارتهان مصر لحكم المرشد في أعقاب ثورة يناير 2011، لم تكن إلا مجموعة قطبية بامتياز، وملامح ومعالم أفكار الرجل واضحة  في مسعاها الدموي .

اسئلة كثيرة يثيرها الكتاب الذي بين ايدينا، ويؤكد لنا بما  لا يقبل الشك كيف أنها جماعة مخترقة استخباراتيا  وصهيونيا  ومن كافة الجهات التي لم تحمل خيرا يوما ما للعرب أو للمسلمين، وانها كانت ولاتزال خنجر في خاصر أي نهضة عربية حقيقية، وهذا  هو الدور الذي رسم لها  مبكرا، أي قطع الطريق على  الوعي الحقيقي الذي تستتبعه وبالضرورة صحوة عربية إسلامية غير مغشوشة .

الكتاب خزانة إسرار ومتعة عقلية حسنة جدا، سيما  وانه ما من مكشوف إلا وسوف يستعلن ،وما  كان يقال بالأمس همسا في الآذان غدا سينادى به من على  السطوح، ولله الأمر من قبل ومن بعد .

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]