إميل أمين يكتب: صفقة القرن.. بين الحقيقة والأوهام

 

 من بين العديد من القضايا التي كثر الحديث بشأنها في الأشهر الأخيرة ذاك المتعلق بما بات يعرف بصفقة القرن، والتي محورها صياغة سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ضمن إنهاء الأوضاع المأزومة بين العالم العربي وإسرائيل بشكل عام، لتضحى القضية مسألة كتابة صفحة جديدة في تاريخ الشرق الأوسط، صفحة تجب ما قبلها من سياسات وحروب وعداوات، وتكتب واقعا معاصرا جديدا من التعايش المشترك والتعاون الخلاق بين شعوب المنطقة.

في هذا السياق يطل سؤال برأسه من نافذة الأحداث :” هل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنوع خاص هو عراب هذه الصفقة؟

الشاهد أن الرجل تحدث طويلا وكثيرا خلال حملته الإنتخابية عن الأمل في التوصل إلى سلام بين الطرفين، ويمكن القول أنه تجرأ بالفعل على الأمل لكن بنوع مغاير لذاك الذي تحدث عنه سلفه “بارك اوباما”، وأكتشف الجميع لاحقا أنه كان حديثا أجوفا لا طائل منه ولا فائدة ترتجى من ورائه .

ولعل المتابع لشؤون المنطقة في الأسابيع القليلة الماضية يدرك أن ترامب قد أرسل صهره وكاتم أسراره “جاريد كوشنير”، ضمن وفد رفيع المستوى من ثلاثة أشخاص، “جيسون جرينبلات” مبعوث ترامب للشرق الأوسط، ودينا باول نائب مستشار الأمن القومي إلى المنطقة، في زيارة مغلفة بالكثير من الحيطة والحذر لإعداد أوراق الصفقة التي يكثر الحديث الآن عنها.

لكن ليس خفي إلا وسيعلن وما يقال اليوم همسا في المخادع غدا سيعلن من على السطوح، وقد كانت صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية السطوح العالية التي تسربت منها أخبار الصفقة المزعومة، حيث أفادت الصحيفة الأمريكية الشهيرة بأن فريق ترامب  ولعشرة أشهر خلت عمل جاهدا على بلورة رؤية ما تمكنهم من إنهاء الطريق المسدود الذي أرق رؤساء لديهم خبرة أوسع حول المنطقة.

حديث النيويورك تايمز يفيد بأن هناك نية صادقة لدى إدارة ترامب من أجل حلحلة المشهد المتعثر، ولعل الجرأة الحقيقية التي تحسب لترامب وفريقه هي أنهم ورغم عدم اشتغالهم بالسياسة، أو معرفتهم بأبعاد الأزمة من قبل إلا أن لديهم حرصا على الإستماع إلى الخبراء الموثوقين الذين يجيدون الدخول والخروج من متاهة الشرق الأوسط، كما أن الحديث عن عشرة أشهر يعني أنه منذ اليوم الأول لدخول البيت الأبيض يعمل على القضية.

هل من ملامح أو معالم أولية يمكن الإشارة إليها؟

الحديث في واقع الحال لم يتوقف عند حدود النيويورك تايمز بل تجاوزها إلى الداخل الإسرائيلي والإعلام هناك، سيما فيما يختص بمسألة الحدود النهائية لحل الدولتين، وما يشاع هو أن الولايات المتحدة تسعى لأن تضمن أمن إسرائيل، ولكن أيضا حرية التنقل للفلسطينيين وحرية التصدير والإستيراد لهم.

غير أن هناك في التسريبات ما يمكن أن ينسف “صفقة القرن” من جذروها إذ يتوقع أن تشمل الخطة مطلبا إسرائيليا صريحا، وهو أن يبقى الجيش الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية والمناطق الحدودية في غور الأردن.

تبقى كذلك إشكالية عودة اللاجئين وهي أزمة محتدمة سيما من الجانب الأخلاقي للقضية، وهنا فإن الجانب الأمريكي يرى أنه يجب تسوية هذه المسألة عبر منح مواطنة وحقوق كاملة للفلسطينيين في الدول التي يعيشون فيها، بينما يساهم المجتمع الدولي بتمويل التعويضات لللاجئين الفلسطينيين.

هل هذا تصور مقبول من الدول العربية على نحو خاص التي يتواجد على أراضيها لاجئون فلسطينيون منذ سبعة عقود؟

أغلب الظن أنه اقتراح مرفوض جملة وتفصيلا فالأردن على سبيل المثال أكثر ما يخشاه هو التنازل في “صفقة القرن” عن حق العودة بالنسبة للفلسطينيين، ولبنان بدوره لن يقبل بحال من الأحوال منح حقوق المواطنة أو الجنسية للفلسطينيين اللاجئين  من سكان المخيمات، عطفا على رفض سوريا بنوع خاص، وبقية دول العالم العربي هذه الفكرة التي تنتقص من الحقوق التاريخية لأولئك الذين أجبرهم الاحتلال على التخلي عن أراضيهم وممتلكاتهم في كافة الأراضي الفلسطينية.

هل هذه التسريبات حقائق بنسبة 100%؟

يؤكد الناطق بلسان المبعوث الأمريكي “جيسون غرينبلات” على أن هناك سيلا دائما من التكهنات والإشاعات حول ما نعمل عليه “مشير إلى أن الإدارة الأمريكية تعمل جاهدة على إعداد هذه الخطة وأن الكثير مما يصدر” هو خليط من الإحتمالات والأفكار القائمة منذ زمن بعيد من عدة مصادر”. ويضيف أنه “كما قلنا دائما هدفنا هو إحياء عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين وليس فرض أي شيئ عليهم.. لن نضع مهلة مصطنعة على أي شيئ، ولا يوجد لدينا أي مخطط أو مصلحة عدا عن إستمرار حواراتنا”.

أحد أهم الأسئلة التي تواجهنا ونحن نحاول تفكيك قصة “صفقة القرن”…” هو ما إذا كانت إسرائيل راغبة بالفعل في المضي  قدما في عملية سلام حقيقية أم أن الأمر برمته ليس الإ مراوغات وتسويف للوقت حتى حين ظهور طرح مغاير أو حدوث مواجهات كبيرة في المنطقة، حرب مثلا، كما هو متوقع تعيق أي تحرك جدي نحو السلام الشامل والعادل؟

قبل نحو شهر من الزمان وفي إجتماع لمجلس الوزراء الإسرائيلي وغداة عودة نتانياهو من إجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة ومقابلته ترامب في نيويورك تحدث الى المجتمعين بالقول إن ترامب يفكر بعقلية رجل الأعمال لا رجل السياسة، وعليه هو يفكر ما الذي سيحصل عليه من منافع في مقابل الذي يقدمه لنا، ولهذا ينبغي التفكير جديا في التعاطي مع طرحه عن “صفقة القرن”.

غير أن نوايا نتانياهو الحقيقية تتضح جلية على الأرض من خلال تفجيره للغم استيطاني جديد في الضفة الغربية، عطفا على نيته توسيع صلاحيات بلدية القدس الاسرائيلية لتشمل كتلا إستيطانية في جنوب وشرق المدينة، الأمر الذي وصفته المناضلة الفلسطينية السيدة “حنان عشراوي” بأنه يمثل نهاية جهود حل الدولتين، فإسرائيل بذلك تعمل على إطالة زمن الاحتلال العسكري وليس إنهاءه من خلال شرعنة وجود مستوطنين يهود متطرفين على أرض فلسطينية وإستكمال العزل التام وضم القدس الشرقية.

هل لهذا يتردد أن القيادة  الفلسطينية برئاسة أبو مازن تنظر لمسألة الصفقة هذه على أنها “فقاعة”.. ليست أكثر؟

المؤكد أن الرئيس الفلسطيني لطالما عارض أي حل سلمي لا يضمن حلا مرضيا لمسألة اللاجئين ولا يعترف بالقدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية العتيدة، وطالب بوقف الاستيطان وتجميده كليا كشرط لإطلاق أي عملية تفاوضية جديدة.

في هذا الإطار  يمكن بالفعل قبول التصور الفلسطيني بأن الأحاديث الأمريكية، والتي عول عليها البعض حتى من الجانب الفلسطيني ليست إلا فقاعة تم تضخيمها والتهويل لها وليست هناك صفقة تاريخية ولا توجد صفقة في الأصل.

هل نحن أمام سيناريو سبق عرضه أيام كلينتون بنوع خاص؟

أغلب الظن أنه لن يطول الانتظار لمعرفة أبعاد المشهد سيما وأن الجميع يتوقع حدثا كبيرا في المنطقة ربما يعاد معه رسم ملامح ومعالم جديدة للشرق الأوسط.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]