إميل أمين يكتب: عن إيران وسيناريو الخيار الصعب

على عتبات الفشل المرتقب لمباحثات فيينا، وانسداد الأفق الدبلوماسي، من جراء التعنت الإيراني، ومحاولة تسويف الوقت والمضي قدما في طريق الحلم، أي حيازة السلاح النووي، لا يتبقى  سوى الخيار العسكري كحل أخير لقطع الطريق على  إيران نووية.

كيف يمكن أن يمضي مثل هذا  السيناريو، والذي ستكون أكلافه حكما عالية وغالية؟

باختصار غير مخل لا تقوى على مثل هذه المواجهة سوى الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تبدو غير راغبة  في الدخول في مغامرة  عسكرية  جديدة، وبخاصة بعد عقدين من الإخفاقات والمغامرات الحربية الخارجية .

لكن عندما يجد الجد، وتحين الساعة، لن يكون هناك مفر من ساحة المعركة، وليس سرا  أن جنرالات البنتاجون لديهم خطط جاهزة لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية .

من جانب أخر تبدو إسرائيل عازمة أمرها وحازمة شأنها على التصرف المنفرد أو بالتنسيق مع  الحليف الأقرب والداعم الأكبر أي الأمريكيون، إذ ليس من المقبول بالنسبة لها أن تتحول إيران إلى  قوة نووية في المنطقة .

يبدو المثلث الأمريكي – الإسرائيلي، الإيراني متداخل الخطوط ومتشابك الخيوط، بشكل معقد، غير أن الأمر في نهايته لا بد له من مصير واضح، فلا قبول لإيران نووية من قبل واشنطن وتل أبيب، مهما  حاول الإيرانيون تسويف الوقت  .

الذين استمعوا إلى  تصريحات وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان،  عما تسعى إيران وراءه، والمتمثل في رفع العقوبات، وإكمال البرنامج النووي بصورته الحالية، يدرك أن القارعة قادمة لا شك فيها .

على أن التساؤل هو كيف ستكون المواجهة، وما  هي دروب القتال، وهل هي عملية جراحية انتقائية، تستخدم فيها الأسلحة التقليدية وكفى، أو أن الخرق  يمكن أن يتسع على الراتق، وينزلق التصعيد إلى  جب الهاوية؟

يصف إيلان جولدنبرج،  رئيس فريق إيران بوزارة الدفاع  الأمريكية  في الفترة ما بين 2009 إلى 2012، الوضع حال احتدام الصراع العسكري بقوله: “سيكون هناك اضطراب  عنيف  شبيه  بفوضى الربيع العربي، التي عصفت  بالمنطقة  لسنوات”، مع احتمال أن يصبح الوضع أسوأ  بكثير من العراق .

يميل المحللون العسكريون إلى  تصور ينطلق من قصفات جوية مركزة لمواقع المنشآت النووية الإيرانية، تبدأ  من قطع الأسطول الأمريكي، وبمعاونة الطائرات الأمريكية، والإسرائيلية .

تعلمت إيران من درس المفاعل النووي العراقي، ولهذا عمدت إلى  نشر منشآتها النووية في طول البلاد وعرضها، شمالها وجنوبها، بل بات لكل منشأة، واحدة أخرى رديف لها، حتى إذا ما تعطل العمل بالأولى لسبب أو لآخر، تقوم الثانية بالدور المطلوب منها، وهذا هو سبب غضب الوكالة الدولية للطاقة الذرية من طهران، والتي تخفي حقيقة برنامجها وتتلاعب بالمفتشين الدوليين .

هل تكفي قنابل الأعماق للوصول إلى مراكز الصناعات النووية الإيرانية الغاطسة في أعماق الجبال؟

غالب الظن أن مواقع ومواضع إيرانية عدة ستكون ميدانا لضرب النيران الأمريكية، وهنا فإن اتساع رقعة العمليات العسكرية، سوف يعتمد على ردات الفعل الإيرانية، وما إذا  كانت القيادة الإيرانية سوف ترتدع، وتقبل شروطا منضبطة لبرنامجها النووي،  وفي أسرع وقت ممكن، أو أنها ستنسى ما يعرف بميزان الانتباه العسكري، وتلجأ  كما تهدد الآن إلى  خيارات غاشمة من نوعية الخيار شمشون، والذي يعني محاولة إشعال منطقة الخليج العربي أول الأمر، ثم إشاعة الفوضى حول العالم .

سيناريوهات إيران متباينة، فقد تلجأ على سبيل المثال إلى قصف ناقلات النفط الأمريكية والأوروبية التي كانت تمر في ذلك الوقت في مضيق هرمز، ما يتسبب في خسائر في الأرواح، أو تسرب نفطي كارثي .

وقد تعمد طهران إلى  تدبير اعتداءات على الجنود الأمريكيين في العراق، لا سيما  أن الجنرال كينيث ماكنزي، قائد القيادة  المركزية الأمريكية، كان قد وعد ببقاء نحو 2500 مجند أمريكي في العراق، لا يمكن أن يضحوا عصافير سهلة القنص لميليشيات إيران في أي وقت .

عطفا على ذلك، يمكن لطهران أن تحرك أذرعها الميليشياوية الأخطبوطية التي تتجهز منذ عقدين على الأقل للقيام بهجمات مضادة على حلفاء واشنطن  وأصدقاء إسرائيل في المنطقة، ما يعني هجومات على أهداف مدنية وعسكرية، وقبلهما على المصالح الاقتصادية وبخاصة منابع النفط وشركات التكرير، كما جرى مع منشآت أرامكو في المملكة العربية السعودية  من قبل .

هل الانفلات العقلي الإيراني يمكن أن يصل إلى هذه المرحلة؟

تاريخيًا فعلوها، فقد قصفت إيران ثكنات مشاة البحرية الأمريكية في لبنان عام 1983، ووفقًا لبيانات البنتاجون، فقد قتل المقاتلون المدعومون من إيران، أكثر من 600 جندي أمريكي خلال حرب العراق .

في هذه الحال ستكون طهران قد تناست حسابات التوازن، والمقاربة بين حجم قواتها، ورصيد نيرانها، وبين ما لدى الترسانة العسكرية الأمريكية .

وبحسب تصريحات رسمية لإيران، لن تسلم إسرائيل من الانتقام، سواء بشكل مباشر، أو من خلال جماعة حزب الله في لبنان، وكلاهما يمكن أن يوجه  بضعة آلاف من الصواريخ إلى  غالبية المدن الإستراتيجية  الحيوية، وقد يسقط مئات أو آلاف القتلى  جراء القصف .

هنا يمكن تصور الرد الساحق الماحق الأمريكي – الإسرائيلي، وغالبا بدعم لوجيستي بريطاني، ومشاركة بعض قطع البحرية الملكية، عطفا على  بعض الأسراب الطائرة  العسكرية .

سيكون المطلوب هو قياس مدى اختبار رد الفعل الإيراني، وما إذا  كان لإيران أن تتعقل، بعد أن تنال نصيبا وافرا من تكثيف الضربات بشكل يقطع أوصال الدولة، بدءا من محطات توليد الكهربا، الطاقة، الجسور، مراكز القيادة والتحكم، وصولا إلى ضرب حصار بحري من حول البلد برمته .

حتى الان نبقى في إطار استخدام الأسلحة التقليدية  في المواجهات، غير أن ذلك لا يمنع من رصد خيارات غير تقليدية، حال تحول التهور الإيراني في الرد إلى جنون، والحديث دائر عن خلايا  إيرانية إرهابية نائمة في مختلف بقاع وأصقاع العالم، بهدف توجيه ضربات انتقامية لأهداف أمريكية عامة وإسرائيلية خاصة، باستخدام أسلحة كيميائية أو بيولوجية، وربما تفاجئ إيران العالم بحيازة ما هو أشد فتكا، أي أسلحة ذرية، الأمر الذي عززته مجلة ناشيونال ريفيو الأمريكية في عدد سابق لها .

في هذا  السياق حكما ستفكر واشنطن أو تل أبيب في إلحاق الأذى الذي لا يصد ولا يرد في الداخل الإيراني، ومن خلال عمليات تدريجية تبدأ بوحدات صغيرة من القنابل الميني نووي، وصولا إلى  ما لا يبقي ولا يذر .

على أن هناك سيناريو آخر للمواجهة أو الرد الإيراني على أي هجوم أمريكي أو إسرائيلي، وهو ما يحدثنا عنه اللفتانت جنرال متقاعد في مشاة البحرية  الأمريكية، فنسنت  ستيورات، والذي ترك منصبه  كرقم 2 في القيادة الإلكترونية الأمريكية  عام 2019، منهيا مسيرة مهنية  دامت أربعة عقود. وقرب نهاية  ذلك،  أمضى وقته في طليعة مجتمعات المخابرات العسكرية والأمن السيبراني .

والشاهد أنه إذا  كان لدى أي شخص أحدث المعلومات حول كيفية رد إيران على الولايات المتحدة، فهو ستيورات .

مؤخرا كتب الرجل يقول “ستكون الإستراتيجية الإيرانية هي تجنب الاعتماد على القوة التقليدية   المباشرة، حيثما أمكن ذلك. سيحاولون فرض تكلفة الحرب على  نطاق عالمي، وضرب المصالح  الأمريكية، من خلال العمليات الإلكترونية والإرهاب  المستهدف، بقصد توسيع الصراع، مع تشجيع  المجتمع الدولي على تقييد أفعال أمريكا .

بعبارة أخرى، لا يمكن لطهران أن تضاهي قوة نيران واشنطن، لكنها  يمكن أن تنشر الفوضى في الشرق الأوسط وحول العالم، على  أمل أن يتسبب الجمهور الأمريكي المرهق من الحرب، والمجتمع الدولي الغاضب في تنحي أمريكا .

أحد الأسئلة المهمة في هذا السياق: “هل هدف واشنطن وإسرائيل وأي قوى أخرى مشاركة في مثل تلك العمليات هو إسقاط الدولة الإيرانية، أو إجبار النظام على تغيير عقليته، وترك مسألة إسقاطه للإيرانيين أنفسهم؟

قطعا ليست هناك مصلحة في تشظي إيران وتفتيتها أو تفكيكها، فهذا  أمر ستكون عواقبه  كارثية، وعليه يبقى الهدف هو تقويم سلوك القيادة الإيرانية .

يؤكد دنيس روس الدبلوماسي الأمريكي الشهير أن التلويح الجدي بالحرب هو السبيل الوحيد لدفع إيران لتغيير سلوكها، وهو طرح يتسق مع توقف إيران عام 2003 بعد غزو أمريكا للعراق، عن كامل مغامراتها  بما فيها البرنامج النووي الإيراني .

هل يكفي أن تظهر تباشير العمل العسكري هذه المرة ضد برنامج إيران النووي، أو أن السياقات التاريخية والقدرات الإيرانية قد تغيرت بما يغري بالمواجهة؟

مهما يكن من أمر، فإن ما يهم إيران بقاء الثورة، وحال تهددتها أية متغيرات أخرى، تبقى الأولوية والأفضلية للثورة، أو هكذا يفهم العالم إيران حتى الساعة وإلى حين إشعار آخر .

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]