إميل أمين يكتب: في مآلات العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية

أستهل الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن زيارته إلى الشرق الأوسط بدولة إسرائيل، والتي زارها للمرة الأولى في حياته قبل 50 عاما، أي في بواكير حياته السياسية عندما كان عضوا في مجلس الشيوخ عن ولاية ديلاوير، وها هو يعود إليها بعد أن حقق حلمه الذي سعى إليه طويلا، ألا وهو الوصول إلى البيت الأبيض .

بمجرد وصوله إلى مطار بن غوريون،أكد بايدن على عمق العلاقات المتجذرة جيلا بعد جيل بين واشنطن وتل أبيب، وأضاف قائلا :” إذ تكبر الصلات  ونستثمر في بعضنا البعض، ونحلم معا “.

وفي السياق عينه، كان سيد البيت الأبيض يؤكد على التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل، ويشدد على مواصلة العمل معها من أجل تعزيز منظوماتها الدفاعية، بما في ذلك القبة الحديدية .

عطفا على ذلك تعهد بايدن ب” مواصلة العمل المشترك من أجل مكافحة معاداة السامية على حد وصفه “.

يعن لنا  أن نتساءل، وبعيدا عن الكلمات الرسمية التي ألقاها بايدن، عن مآلات تلك العلاقة، وإلى أين تمضي، وهل هي كفيلة بدعم إسرائيل بشكل مطلق، أم أن هناك صعوبات في الطريق، لا يمكن بحال من الأحوال أن تمد واشنطن فيهايد العون لتل أبيب ؟

الشاهد أن التساؤل المتقدم يحتاج إلى مؤلف قائم بذاته، وليس بضعة سطور، ومع ذلك سنحاول تقديم بعض النقاط المختصرة، علها تفيد في قراءة هذا المشهد .

أولا يتحتم التفريق بين علاقات أمريكا مع إسرائيل، وعلاقاتها مع أي دولة أخرى في العالم، ذلك أن ما بين واشنطن وتل أبيب، هو رباط عضوي دوجمائي عميق وضارب جذوره في بطون التاريخ .

حين سعى المهاجرون من أوربا إلى الولايات المتحدة الأمريكية قبل ثلاثة قرون، أعتبروا الأراضي المكتشفة حديثا بمثابة كنعان الجديدة، في تشبيه لخروج بني إسرائيل من مصر، إلى أرض كنعان، بحسب الرواية التوراتية، ولاحقا أقترح بعض الأمريكيين من الآباء المؤسسين أن يكون علم أمريكا عبارة عن مشهد موسى النبي وهو يعبر البحر الأحمر، عطفا على النجوم التي تمثل أسباط بني إسرائيل .

في هذا السياق لم يكن غريبا  أو عجيبا أن يعترف الرئيس الأمريكي، هاري ترومان، بقيام دولة إسرائيل العام 1948، بعد ساعة واحدة من أعلانها رسميا، ومن يومها لا تزال إسرائيل تمثل ثقلا في الحياة الأمريكية السياسية، وحضورا يفوق أي دولة إعتيادية من الحلفاء في قلب الناتو.

في زيارة بايدن جرت أحاديث فوقية وتحتية، منها ما هو للعلن، ومنها ما يتوجب أن يبقى في طي الكتمان، ووقت كتابة هذه السطور كان الحديث يجري عما عرف ب” إعلان القدس “، وهو مرحلة متقدمة جدا من التعاون العسكري المتقدم، لم تقدم واشنطن على تفعيله مع أي صديق أخر .

لكن وعلى الرغم مما تتقدم، يتحتم علينا أن نغوص عميقا ونساءل الأيقونات إن جاز التعبير، بخصوص مدى متانة تلك العلاقة وإلى أي حد ومد قادرة على أن تمثل ركائز وأساسات هيكلية في مسيرة الدولة العبرية في قادم أيامها .

لعل الجزئية المذهبية التي تغيب عن أعين الكثيرين، تتمثل في كون الدعم الأمريكي في غالبه لإسرائيل ، قد أنطلق من مشروطية عقائدية واضحة ، وهي النظر إلى تجمع يهود العالم، كخطوة في طريق تحقيق التنبؤات الكتابية، من نوعية الملك الألفي، ومعركة هرمجدون، وصولا إلى بقية المنظومة  الفكرية ذات الميول الدينية اليمينية الأمريكية .

يعني ذلك أنه حين تتحقق تلك العلامات فلن يكون لدولة إسرائيل أهمية في العقلية الأمريكية، تلك التي تقرأ  الأزمنة والنبؤات بعين محدودة .

هذا الأمر يدركه ثقات القادة الإسرائيليين منذ زمن طويل، ولعل هذا ما دفع بن غوريون ، أسد يهوذ، كما كان يطلق عليه، لأن يجذر للوبي الداعم لدولة إسرائيل في الداخل الأمريكي، خوفا من أن أي كونجرس قوي، وعلى حد تعبيره، قادر على أن يصيب دولة إسرائيل، بأفدح مما يمكن أن يفعل أي عدو لها في الجوار .

السؤال هنا هل هذا التيار يتنامى ؟

الجواب بكل ثقة نعم ، ثم نعم ، إذ تتغير الذهنية الأمريكية، لا سيما في أجيال الألفية وما يليها، والمتحررة من ربقة المفاهيم التقليدية وبخاصة فكرة  عداوة العرب والمسلمين الحتمية لكل ما هو غربي، ولهذا نرى تيارات أمريكية معاصرة، وبعضها ويا للمفاجأة من الجماعات العقائدية اليمينية، تتحول عن دعم إسرائيل، كما فعلت الكنيسة المشيخية الأمريكية  مؤخرا ، والتي تعهدت  بسحب إستثماراتها  من الداخل الإسرائيلي كنوع من أنواع العقاب ، على إمتهانها  لكرامة الفلسطينيين وحقوقهم .

يتساءل المرء ألم يكن من الغريب أن يتناول بايدن حديث العداء للسامية بمجرد وصوله إلى مطار بن غوريون ؟

يشعر الأمريكيون بقلق بالغ من تصاعد العداء للسامية، لا سيما بعد أن سجلت رابطة مكافحة التشهير 2700 واقعة مرتبطة بمعاداة السامية سجلت في عام 2021 ، الأمر الذي يشكل إرتفاعا قياسيا في حوادث الكراهية، ما دعا جوناثان غرينبلات، الرئيس التنفيذي لرابطة مكافحة التشهير للقول :” إن الدوافع المحددة وراء الهجمات ليست معروفة ، لكن ما نعرفه هو أن اليهود يعيشون حوادث معاداة للسامية بمستوى أعلى من 40 عاما في البلاد ، وهو مؤشر يدعو للقلق العميق حول تصدعات اجتماعية أكبر .

تبدو هذه التغيرات مخيفة لدولة إسرائيل في المدى الزمنى المتوسط، فخلال عقدين من الزمان، سوف يحل جيل سياسي جديد محل مواليد منتصف القرن الماضي،  ومع تغير نظرتهم لإسرائيل، يمكن لدفة العلاقات أن تتغير ولا تضحى الوعود والعهود كما كانت عليه في القرن العشرين .

أدركت القيادة الإسرائيلية هذا التغير، ولهذا فإنها تسارع الزمن للحصول على أكبر قدر من الإمتيازات من الأمريكيين، وفي الوقت عينه تبدو دفة تل أبيب متجهة إلى الصين، الأمر الذي يقلق الأمريكيين أنفسهم من تحالف مستجد بين تل أبيب والقطب القادم حول العالم .

هل من عوامل أخرى في قصة المشهد الأمريكي الإسرائيلي ؟ماذا عن الملف النووي الإيراني، وماذا عن إشكالية الهجرة العكسية والقلق من خسارة معركتها الديموغرافية في القدس تحديدا عما قريب ؟

إلى قراءة قادمة مكملة بإذن الله .

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]