إميل أمين يكتب: قطر.. المال السياسي المسموم لا يفيد

لادالة لقطر على  أحاجي الزمان، ولا معرفة عميقة لها  بقصص الإنسان، بمعنى أنها لا تعتبر ولا ترتدع، وهو أمر حقيق بها في ظل اللاجذور التي تتسم بها، وغياب الرؤية الكوسمولوجية التي لا تتوافر إلا للدول الحقيقية، وما الدولة إلا شعب وأرض وتاريخ، وهي عناصر غائبة  في غالب الأمر عن قطر حتى الساعة، ولا يغني عنها مردودات الغاز والنفط، والتي تقف حائرة عند حد معين من شراء الولاءات.

لماذا الحديث عن أموال قطر السياسية المسمومة مرة جديدة  هذه الأيام؟

المؤكد أن التحقيق الذي بدأ في الكونجرس الأمريكي الأيام القليلة المنصرمة والخاص بعلاقة قطر بصهر الرئيس ترامب، ومستشاره السياسي، جاريد كوشنر، هو السبب في فتح ملفات قطر سيئة السمعة في هذا الإطار.

القصة باختصار غير مخل تدور حول مشاركات مالية قطرية مشبوهة مع صهر الرئيس لتوفير قرابة 1.2 مليار دولار كان كوشنر يحتاج إليها بشكل عاجل، ضمن صفقاته العقارية في جزيرة مانهاتن بنيويورك.

فات القطريين وهم يحاولون اختراق البيت الأبيض أن هناك قوانين متعلقة بالأوضاع المالية للعاملين في أي إدارة أمريكية، وتعرف بتضارب المصالح الفيدرالية، وترقى إلى مستوى  الجرائم التي تستوجب السجن والفضيحة الأخلاقية، ولا يقتصر الأمر فقط على ساكني البيت الأبيض، بل يمتد كذلك إلى أقاربهم وعائلاتهم.

الفضيحة القطرية الأخيرة تبين بما لا يدع مجالا للشك أن الديمقراطية الأمريكية حتى وإن كانت تباع على الأرصفة في بعض الأحيان، وبخاصة في أزمنة الإنتخابات المختلفة، بدءًا  من اختيار أصغر عمدة لمدينة أمريكية نائية، وصولا إلى  سباق الانتخابات الرئاسية، إلا أن لها أنيابا تتمثل في يقظة ووعي أصحاب القرار السياسي من نواب وشيوخ الشعب، تحت قبتي الكونجرس، النواب الغرفة الأدنى، والشيوخ الغرفة  الأعلى.

عدة أسئلة تطرح ذاتها على مائدة الحديث بقوة في واشنطن، وفي المقدمة منها، وربما أهمها: “هل تجئ كارثة صفقة قطر – كوشنر، لتفتح كافة أضابير قطر لاختراق الداخل الأمريكي عبر جناحين يمثلان أهم ركائز الدولة الأمريكية، الإعلام والتعليم؟

الحديث عن المحاولات القطرية المستمرة والمستقرة لإيجاد موطئ قدم للسياسات القطرية في المؤسسات التعليمية الأمريكية بات أمرا معروفا للقاصي والداني، فيما الإعلام الأمريكي حال الكثير جدا من مؤسساته يُغني عن سؤاله، ما جعل كبار العقول الأمريكية تتساءل: “إلى متى تستمر قطر في لعب هذا الدور المخرب في الداخل الأمريكي”؟.

الجواب ولاشك يرتبط بمحاولة قطر غسل سمعتها، وتبرئة قيادتها من الاتهامات الموجهة إليها، والتي تثبت الأحداث  صحتها يوما تلو الآخر، وفي مقدمتها تمويل الإرهاب المعولم،  ودعم الجماعات الإرهابية الخارجة عن القانون، فيما الطامة الكبرى موصولة بتبني مشروعات الإسلام السياسي، وجعلها خناجر في خواصر الحواضر العربية بنوع خاص.

على أن الاختراق الأمريكي الأخير لصهر ترامب، يؤشر إلى  الطموحات القطرية الممجوجة في الوصول إلى البيت الأبيض، ولهذا ستكون التحقيقات التي بدأها النواب الديموقراطيون في مجلس الشيوخ الأمريكي كارثية التبعات والإستحقاقات بالنسبة للدوحة، وبخاصة بعد محاولات جدية لتمويل حملات أعضاء في الكونجرس خلال الانتخابات البرلمانية 2018 و2020، وهي قصة تناولتها أقلام الإعلام الأمريكي من قبل.

علامة استفهام أكثر عمقا في إطار الفضيحة القطرية الأخيرة: “هل جاءت المساهمة القطرية المليارية في مشروعات صهر ترامب العقارية، كأداة من أدوات التأثير على صناعة القرار الأمريكي، ثم وهذا لا يقل أهمية، هل أمريكا بريئة من التلاعبات القطرية أم أنها تفتح لها دروبا واسعة معبدة للغزل على المتناقضات؟.

الجزء الأول من التساؤل يقودنا إلى الألاعيب القطرية التي تسخر فيها أموالها المسمومة لخدمة أغراضها السياسية غير الناجعة أمس واليوم وغدا، ذلك أن تفاصيل القصة تشير إلى  أن قطر رفضت دعم كوشنر في 2012، وتاليا حين تفهمت إدارة ترامب أسباب المقاطعة العربية الرباعية لقطر، سارعت  الأخيرة إلى تقديم الرشوة المقنعة في صورة عقد إيجار ضمن برج كوشنر، ولمدة مائة عام، وتم دفع المساهمة المالية مقدما، والهدف ولاشك هو محاولة تسخير الصهر لعلاقاته مع العواصم العربية لإنهاء الحصار، أو تخفيفه، وإيجاد مسارب خلفية للدبلوماسية القطرية للفرار من تبعات الحصار الذي تتحمل الدوحة أسبابه.

القسم الثاني من علامة الاستفهام يقودنا إلى القطع بأن إدارة ترامب غير ملائكية وغير بريئة  بالمطلق، وهو أمر ستميط عنه التحقيقات اللثام ولمعرفة إلى أي حد ومد تم استخدام ذهب المعز القطري في بلورة توجهات مساندة  للدوحة والقائمين عليها.

يقول البعض إن قطر تسعى في الداخل الأمريكي على نفس مسارات ومساقات إسرائيل، تلك التي نجحت في صناعة جماعة ضغط تابعة لها، تساند تل أبيب في كل الأوقات ومنذ خمسينات القرن الماضي بنوع خاص.

هنا نعود إلى قطر رقيقة الحال معرفيا بقواعد صناعة اللعبة، لاسيما وأن الولاءات لا يتم شراؤها، وما بين تل أبيب وواشنطن، لا يقيّم بالأموال ولا بالعلاقات الدبلوماسية، إنه شراكة دوجمائية وروح عقدية ساكنة البيت الأبيض منذ اليوم الأول لتأسيسه، وهذه قصة أخرى قائمة بذاتها، ولنا معها عودة مرة أخرى.

ماذا بعد؟

أغلب الظن أن الديموقراطيين سيحفرون عميقا في أوراق ترامب وصهره، وسوف يستخدمون أوراق هذه القضية بنوع خاص كأداة ضمن أدوات الضغط على ترامب كي يلزم الصمت ولا يعود يشكك في نزاهة اختيار بايدن، وإلا فإن سيف الإتهامات بالتواطؤ مع قطر سوف تلاحقه، وما كان يدور همسا في المخادع، من الدوحة إلى واشنطن، سوف ينادى به من فوق السطوح.

الخلاصة.. المال السياسي المسموم لا يفيد.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]