إميل أمين يكتب: ليبيا الوطن بالجميع.. نافذة أمل

إميل أمين

ربما لم تكن الشقيقة ليبيا في حاجة إلى مبادرة من هذا النوع الخير والمغير من المبادرات، مثلما هي في حاجة ماسة إليها الآن .

أثبتت التجارب الدراماتيكية، التي مر بها الأشقاء في ليبيا أنه لن يستنقذ ليبيا من براثن الضياع ودروب المهالك، سوى أبناء ليبيا الأبرار المخلصين، أولئك الذين وقر في عقولهم يقين بأن طرح القضايا المصيرية يبدأ من الذات لا من عند الآخرين، وأن طرح الخصوصيات على الأغراب هو نوع من أنواع الهوان .

في هذا السياق جاء الإعلان عن مبادرة “الوطن بالجميع”، والتي شارك في إخراجها للنور كيانات وأحزاب ومستقلون، من نجباء ليبيا الحرة الأبية، بهدف السعي نحو بناء ليبيا دولة حرة مستقلة ذات سيادة، تتيح لكل أبنائها سبل العيش الكريم في تساو للفرص وإدارة عادلة للثروة، وترسيخ نظام حكم محلي رشيد، والتأسيس على جهد مخلص لبناء الدولة الليبية بإرادة الليبيين الحرة .

الذين شاركوا في بلورة هذه المبادرة، حكما قد خبروا جيدا وعبر نحو عقد من الزمن المأساوي، الأكلاف الكارثية للفراق عوضا عن الوفاق، وللخصام عوضا عن الوئام .

اكتشف المخلصون من أبناء ليبيا كيف أن ترابهم الوطني المقدس قد بات ملعبا للأمم، وساحة لحروب الوكالة، التي دفع الشعب الليبي ثمنها، وقد جرى نهب ثروات البلد الطيب على رؤوس الأشهاد.

والشاهد أن الجولات والصولات الأممية التي عقدت في محاولة لإنهاء الأزمة الليبية، توضح إلى أبعد حد ومد النوايا الأجنبية تجاه ليبيا، وكيف أن الآخرين وفي أفضل الأحوال ينظرون إليها نظرة براغماتية، نرجسية، غير مستنيرة، نظرة هدفها الأول والأخير هو المزيد من بسط الهيمنة وإن بأدوات غير عسكرية على خيرات البلاد، وحتى لو أدى الأمر إلى السيناريو الأسوا، ذاك الذي رسمه البعض خططا في العقول، وسعى إليه نفر أخر عبر عمليات لوجستية على الأرض .

أنفع وأرفع ما في مبادرة “الوطن للجميع”، أنها ليست منبتة الصلة عن التاريخ الليبي، لا سيما مراحل النضال ضد المستعمر من جهة، والواقع الليبي سياسيا وإجتماعيا وإقتصاديا من جهة مقابلة، بل وأكثر من ذلك، أن المبادرة جاءت إنطلاقا من شعورا بالمسؤولية الوطنية تجاه الدولة الأم، وإكبارا لتضحيات الآباء والأجداد التي حررت ليبيا، وما قدموه من أجل الوطن لكي تنعم أجياله القادمة بالحرية والرخاء والإزدهار .

تشرع المبادرة التواصل الجاد والصادق، الذي يسعى لجمع كل القوى السياسية والاجتماعية في محاولة للوصول بليبيا إلى شاطئ الأمان، وعلى الرغم من أنها صادرة عن نفوس وعقول ليبية أصيلة، إلا أنها لم تغلق الباب أمام أي خطوات تصب في صالح الشعب الليبي ووحدة نسيجه الاجتماعي وسلامة أراضيه .

تبدو الخطوط العريضة للمبادرة جامعة لكافة الثوابت التي يمكنها أن تشد من العود الليبي مرة أخرى، ليعود من جديد إلى دائرة الأمن والاستقرار .

البند الأول من المبادرة يشير إلى المحافظة على وحدة ليبيا واستقلالها وسلامة أراضيها، وهذا يعبر عن وعي تقدمي، وتوجس استشرافي لكثير من السيناريوهات الكارثية التي تدبر لليبيا وشعبها في الليل البهيم.

أما البند الثاني من مبادئ المبادرة، فقد جاء حاسما وحازما في إنهاء أية محاصصة قد تشكلت في عقول البعض، إذ يؤكد على أن الشعب الليبي شعب واحد تجمعه عقيدة الإسلام السمحاء، وروابط الدم والتاريخ والمصير المشترك .

هذه الركيزة الأولية تشير وبوضوح إلى أن الإسلام حجر زاوية بسماحته، وليس حجر عثرة من خلال الذين يريدون له أن يظهر في ثوب التطرف، وأن يتحمل بأعباء المتطرفين .

المبادرة تؤسس لواقع جديد، عنوانه هو دولة المؤسسات والقانون، مع الجميع وبالجميع، وفق خيارات الشعب الليبي وإرادته الحرة، ومع الوثيقة العقدية التي يقرها، والآليات الدستورية التي يرتضيها، لتاسيس دولة عصرية تحقق العدالة في التنمية  والخدمات والعيش الكريم للمواطن .

يصعب على المرء في المسطح المتاح للكتابة التوقف مع كل بند من بنود المبادرة والتي تقارب العشرين، غير أن قراءة معمقة لجوهر البنود كافة، تفيد بأن هناك عودة للوعي الليبي، وصحوة للدولة الليبيبة بشيبها وشبابها، برجالها ونساءها، عودة تكفل ظهور ليبيا القادرة على مواكبة تطورات المشهد الدولي في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين .

والمقطوع به أن ما تشهده ليبيا من نزاعات محلية مدولة، وأزمات متطاولة تنذر بتهديد وجود  الدولة والوطن ومستقبل الأجيال القادمة، وتفاقم معاناة المواطن المعيشية والخدمية، تدعو جميع الليبيين إلى وقفة جادة وتاريخية لإنقاذذ بلادهم ومستقبل أبناءهم وأحفادهم من مهاوي التردد والتقسيم والضياع، والتي يدفع وسيدفع الجميع بلا إستثناء ثمنها باهظا بلا شك .

مبادرة الوطن بالجميع، بارقة أمل في سماوات ليبيا التي أدلهمت بالخطوب عشر سنوات عجاف، وفرصة قد لا تتكرر لخلق حالة حوار مفتوح جامع بدون عزل أو إقصاء، فهل يستفيد الشعب الليبي من نافذة الأمل هذه؟

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]