إميل أمين يكتب: موسكو ـ بكين.. زمن الممانعة المناخية

إميل أمين

 قبل ساعات من بداية قمة الأمم المتحدة السادسة والعشرين في مدينة جلاسكو بأسكتلندا، وفي نهاية أعمال قمة العشرين التي شهدتها العاصمة الإيطالية روما، صرح الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن بأنه محبط من المواقف الروسية والصينية، الرافضة لقطع عهود ووعود جديدة وجدية، وعود تقي الكرة الأرضية شر الانفجار الإيكولوجي الذي بات على الأبواب.

أما الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، فقد جاءت  كلماته باهتة، وكأنه يداري أو يواري خيبات أمل من جراء لقاء روما، ومعلقا الأمل على تقديم المزيد من الإلتزامات الطموحة في مؤتمر الأمم المتحدة  للمناخ ( كوب 26)في جلاسكو.

على أي شئ اتفق قادة الكبار العشرين في روما؟

باختصار مفيد على إنهاء تمويل مصانع الفحم الجديدة في الخارج، لكنهم لم يحددوا سنة محددة لتحقيق هدف القضاء التام على انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

والمعروف أن مجموعة السبع الصناعة كانت قد حددت عام 2050 كموعد لتحقيق ذلك الهدف، بينما أعلنت الصين وروسيا بنوع خاص موعدا آخر هو 2060 لتحقيق الهدف نفسه.

كتب غوتيريش مغردا: “أغادر روما بآمال لم تتحقق، لكنها لم تدفن على الأقل… في طريقي لجلاسكو للإبقاء على هدف الدرجة والنصف مئوية وتنفيذ الوعود المتعلقة بالتمويل وتوفير سبل التكيف للمواطنين وكوكب الأرض.

لا يبدو الهدف الذي يسعى إليه الأمين العام للأمم المتحدة قابلا  للتحقق، وذلك لغياب إرادة سياسية دولية لمواجهة التغيرات المناخية، ويبدو أقرب إحتمال متمثلا في زيادة درجة حرارة الكرة الأرضية إلى 5.4 درجة مئوية بحلول العام 2050، ما يعني أن الوقت قد فات فعلا لاستنقاذ الكرة الأرضية، ما لم تحدث معجزة مناخية طبيعية تلقائيا.

هنا تتحتم العودة مرة جديدة إلى تصريحات الرئيس الأمريكي بايدن عن روسيا والصين، اللتين أصبحتا أقرب ما يكون إلى  أحلاف الممانعة التي عرفها عالمنا  العربي، ولبنان على وجه الدقة في الأعوام الأخيرة.

يلفت الانتباه أول الأمر أن الصين لم تشارك حضوريا  وسيكتفي رئيسها شي جين بينغ بكلمة عبر وسائل التواصل المرئية، الأمر الذي طرح علامة استفهام جذرية عن غياب الرجل.

يبدو واضحا أن الصين لا تريد أن تعطي العالم انطباعا بأنها تسير في الركب الأمريكي، ذاك الذي يقوده الرئيس بايدن، ويحاول من خلاله تبييض وجه بلاده عامة، وإدارته خاصة، لا سيما وأن صاحب البيت الأبيض كان قد أعلن عن مساهمات أمريكية تصل إلى نصف تريليون دولار، هدفها الرئيس الوصول إلى معالجات معقولة ومقبولة لحالة المناخ القلقة والمقلقة.

ولعله من نافلة القول إن الصين قد تعرضت لضربة إقتصادية قوية خلال العامين الماضيين من جراء انتشار فيروس كوفيد – 19 المستجد، ذاك الذي بدأ على أراضيها، وانتقل من ثم إلى بقية دول العالم، الأمر الذي أدى إلى تباطؤ في نموها الاقتصادي.

أضف إلى ذلك أن أزمة العقارات الصينية الخاصة بشركة “إيفرجراند” لم تعد مهددة للاقتصاد الصيني فحسب، إذ يرى عدد من خبراء الاقتصاد حول العالم، أنها يمكن أن تهز اقتصادات الكون بأسره، بأكثر مما فعلت أزمة العقارات الأمريكية عام 2008 من جراء إشكالية التوريق، أي بيع الأصول بشكل ورقي، ومن غير وجود حقيقي لها على  الأرض.

هنا تبدو الصين في سباق مع الزمن للعودة مرة أخرى لتتسنم قيادة العالم اقتصاديا، لا سيما وأن الاقتصاد هو رهانها المؤكد قبل أن تخطو إلى أوان العسكرة، تلك الخطوات التي درجت  عليها الإمبراطوريات الكبرى عبر التاريخ.

غير أن الصين ومن بعد ركود عامين، تجد نفسها أمام أزمة طاقة كهربائية كبيرة، عطفا على أن إشكاليات استيراد النفط، مع ارتفاع تكاليفه في الآونة الأخيرة تتصاعد.

ما الخيار الذي سيضحى على الصين المضي في دربه لإعادة ضبط أوضاعها الاقتصادية؟

الحقيقة المجردة وبعيدا عن أي أحاديث رسمية أو شعارات جوفاء، ستعود الصين حكما إلى الكربون، ما يعني زيادة تلوث مناخ الأرض، وما يهم الصين هو الناتج القومي الإجمالي الخاص بها، ولتذهب الكرة الأرضية إلى ما شاء لها أن تذهب.

على الجانب الروسي تبدو متناقضات القدر مثيرة للسخرية، ذلك أن روسيا، والتي يغيب قيصرها بوتين عن أعمال جلاسكو، ربما ستكون الدولة الوحيدة المنتفعة من الاحتباس الحراري، ذلك أنه سيحقق لها حلما تاريخيا – ولو نظريا ـ إذ سيفتح الطريق في الشمال وعبر الجليد لحركة نقل بحري، كثيرا ما تطلع إليها الروس لتكون بديلا عن قناة السويس المصرية.

الاحتباس الحراري نفسه، هو من سيزيب ثلوج تراكمت آلاف السنين، وحفظت للروس كنوزا من النفط والغاز، ما يعني تطورا اقتصاديا هائلا في وقت تنضب فيه آبار مماثلة في كثير من بقاع وأصقاع العالم، عطفا على المزيد من المعادن النادرة  مثل الذهب والنحاس وربما اليورانيوم.

والشاهد أنه نادرا ما كانت البيئة مسألة “على قمة الأولويات”،  بالنسبة لمعظم الحكومات، وحتى وقت قريب لم تكن مشكلة الطاقة أول الاهتمامات ومحورها إلا عندما يحدث ارتفاع مفاجئ في أسعار النفط.

اليوم تبدو القصة مغايرة، إذ أن هنالك ما يتهدد الكرة الأرضية بشعوبها قبل حكوماتها، وعليه لم تعد القصة ممانعة مناخية، بل كوكب يكاد ينفجر بما ومن عليه دفعة واحدة.

الخلاصة..جلاسكو آخر طوق نجاة وإلا فالغضب البيئي الطبيعي قادم من غير مقدرة على صد أو رد.

 

 

 

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]