إميل أمين يكتب: هل أمريكا حقا في طور الأفول ؟

إميل أمين

لعل التساؤل الأهم في قراءات المؤرخ الأمريكي  الشهير بول كيندي، والذي توقف أمامه الكثيرون بالبحث والدرس… هل حقا دخلت الولايات المتحدة الأمريكية طور الانحدار المحتوم، والأفول المختوم للإمبراطوريات العظمى؟

يقول كيندي، إن العناوين الرئيسية التي نقرأها هذه الأيام عن أميركا تبدو مألوفة نوعاً ما. فأميركا زجت بنفسها في حروب غير قابلة للكسب في بلاد بعيدة كما هو  الحال في العراق وأفغانستان، لدرجة جعلت الكونجرس، بل والشعب الأميركي نفسه، يندمان على تأييدهما لتلك المغامرة في البداية. كما نجد  القوات البرية الأميركية منتشرة على إمتداد مساحة تفوق قدرتها على الإنتشار.

في الوقت نفسه يزداد  العجز في الميزانية الفيدرالية  سوءاً عاماً بعد عام، والعجز في الميزان التجاري قد وصل إلى حدود مزعجة، وأن القوى العظمى الأخرى (الصين وروسيا والهند) تعمل على تأكيد وجودها.

ما الذي يمكن أن يخلص اليه المرء من تحليل كينيدي لأوضاع أمريكا اليوم بين الأفول الكلي والنسبي ،على ما في الأمر ظاهريا من تضاد واضح للعيان ؟

هناك في الوقت الراهن أدلة مؤكدة على حدوث تغير في موازين القوى الإنتاجية في العالم من منطقة إلى منطقة أخرى.. وهو أمر يحدث الآن كما سبق له أن حدث في فترات سابقة من التاريخ .

وعلى الرغم من أن الأميركيين يمكن أن يصبحوا بعد خمسين عاماً من الآن أكثر ثراء ـ بل أكثر ثراء بكثير ـ مما هم عليه حالياً، فإن نصيبهم من “الكعكة العالمية”، سيكون أصغر، كما أن قوتهم الصلبة، ستكون أقل مما هي عليه اليوم.

لكن ذلك لن يكون بمثابة كارثة إذا ما تمكن الشعب الأميركي من تكييف نفسه ببراعة مع هذه الاتجاهات العالمية، بدلاً من الشعور بالهلع بسببها، على أن ينطلق بعد ذلك من أجل إستدعاء موارده الضخمة، والتخلي عن سياسة بلاده الحمقاء المالية والعسكرية ، القائمة على التمدد الزائد على نحو يفوق الطاقة.

ولأن عيون المؤرخ ترصد الحاضر على أنه الماضي عندما كان يتكون في رحم الغيب، كما ينظر إلى المستقبل إنطلاقا من أنه الواقع في طور التبلور، فقد كان ولابد للرجل من أن يتوقف أمام المشهد العالمي كما رسمته الاستخبارات الأميركية في أخر تقاريها  والذي يرصد الأحداث حتى  عام 2025 … ما الذي أستوقف بول كيندي في الأمر وماذا عن تقاطع تلك الرؤية مع قصة صعود أمريكا مرة أخرى أو هبوطها إلى الهاوية مرة وإلى الأبد ؟

يقول  كيندي والذي يشغل منصب أستاذ التاريخ في جامعة ييل: “وصل إلى مكتبي تقرير يتناول تقييماً للمشهد العالمي اليوم وغداً، تحت عنوان “رسم خريطة للمستقبل”، الذي أعده “مجلس الاستخبارات القومي الأميركي”.

ما الذي يقوله التقرير ؟

يقول، إن المحافظة على “الباكس أميركانا”، أو السلام العالمي، الذي تشدق به المحافظون الجدد، في محاولة لمحاكاة مشروع السلام الروماني التاريخي لن تكون سهلة، وأن الأوضاع ستكون أكثر سيولة، وأقل استقراراً خلال الخمسة عشر عاماً القادمة، ربما بدرجة أكبر مما كان عليه الأمر في أي وقت منذ عام 1945 وحتى الآن.

والشاهد أن كان كاتبو التقرير كانوا بالفعل من الذكاء، بحيث لم يركزوا على تحدٍّ واحد فقط من التحديات التي تواجه الولايات المتحدة الأميركية، أو النظام العالمي الحالي، ولم يقترحوا حلا وحيداً، أو حتى القيام بشن حملة على هذا التحدي.

ويستطرد  كيندي: “لقد شعرت بالإحباط عندما عرفت أن عدداً قليلا نسبياً من الصحف الأميركية هو الذي أهتم بهذه الوثيقة المهمة، وأن معظم هذا العدد القليل، قد ركز على خطر واحد وهو صعود الإسلام الراديكالي”.

وعنده أنه ليس هناك من شك في أن التوتر القائم بين الغرب والمجتمعات الإسلامية، يعتبر قطعة أساسية في لوحة الشطرنج العالمية، ولكنها ليست القطعة الوحيدة.ولهذا السبب نقول إن تقرير مجلس الاستخبارات القومي جيد للغاية، لأنه قد قام برسم الاتجاهات، واقترح عدداً من سيناريوهات المستقبل ، كما ناقش أيضاً السيناريوهات المستقبلية المحتملة، والمرغوبة. ويمكن القول بشكل عام إن هذا التقرير يشير إلى مستقبل يزيد فيه مستوى عدم الأمان عما هو موجود حالياً.وهناك عدة أسباب لذلك هي: السقوط المطرد لعدد من أجزاء منطقة جنوب الصحراء الكبرى. والأزمة الرابضة في الأفق فيما يتعلق بإمدادات الطاقة العالمية…….هل هذا كل شئ ؟

المؤكد أن التقرير لم يوفر آسيا وصحوتها من تنبؤاته وقراءاته، ذلك أنه يشير كذلك  إلى المستقبل الوعر لروسيا، ومظاهر عدم الإستقرار في آسيا الوسطى، وتركة العداوات الثقيلة المقيمة في الشرق الأوسط، وتهمة تذبذب السياسات المعلقة على رقبة أميركا.

وهناك أيضاً التوقعات غير المضمونة في الكثير من الدول الأميركية، والارتفاع المطرد لأوروبا كقوة إقتصادية عالمية تتمتع بنفوذ أكبر من النفوذ الأميركي.

والأهم من كل شيء هو الصعود المطرد للهند والصين في مجال الإنتاج والتجارة، وفي مجال التقنيات الحديثة، والقدرات العسكرية.

ويلاحظ أن من كتبوا التقرير يقبلون بصعود آسيا وإندماج أوروبا بإعتبارهما تطورين حتميين، ويحسب لهم أنهم كانوا على درجة من الشجاعة والموضوعية دعتهم للاعتراف بأن قدرة أميركا على التأثير على آسيا وأوروبا ستتقلص، في الوقت الذي ستتزايد فيه قدرة الآخرين على التأثير – أو على الأقل على الاعتراض وإحباط- سياسات الولايات المتحدة………..هل يعني ذلك أن أمريكا على وشك الانهيار ؟

يجيب كينيدي بالقول: ” ليس قصدنا من ذلك القول إن أميركا قد أصبحت على وشك الانهيار، ولكن قصدنا هو القول إن حرية العمل المتاحة لها ستكون أقل مما كانت عليه من قبل، كما أنها ستكون أقل قدرة على القيام بالأشياء التي تطلع إليها المحافظون الجدد  قبل عقدين .

من هذا المنطلق، قد يرى البعض أن مثل هذا التطور لن يكون بالشيء السيئ لأنه سيؤدي إلى الحد من الغرور الإمبراطوري وهو اتجاه محمود لاشك. ولكن شعور الأميركيين بالفزع الجماعي، أو التقهقر والتقوقع على الذات، بسبب التقرير أو غيره… سيكون سلوكاً غبياً.

يعن لنا أن نتساءل في نهاية هذه السطور : “هل جاءت الحرب الروسية – الاوكرانية لتؤكد قلة الخيارات المتاحة لدى النخبة الأمريكية  الحاكمة اليوم ؟”

أغلب الظن أن ذلك كذلك، وإن كان يتوجب على العالم الإنتظار قليلا  إلى ما بعد وقف إطلاق النار والتطلع إلى مرحلة ما بعد الحرب .

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]