إيران والنمر .. «خلاف» في الداخل و«حليف» في الخارج
«إيران تحصد منافع إعدام النمر».. هكذا وصفت صحيفة فورين بوليسي الأمريكية استغلال إيران لإعدام السلطات السعودية رجل الدين الشيعي البارز نمر النمر، الذي وصفه أحد الدبلوماسيين الأمريكيين، بأنه لاعب سياسي من الدرجة الثانية.
وأشارت إلى أن إيران تعمل جاهدة لاستغلال القيادات الدينية لتحقيق أهدافها التوسعية، مثل استغلالها تصريحات آية الله السيستاني وصوره لحشد المجاهدين من الشيعة للحرب في سوريا، أو لدعم حلفائها في العراق، على الرغم من معارضة السيستاني تورط العراقيين في سوريا.
وقالت الصحيفة، إن إيران استغلت الحكم بالإعدام لإصدار موجة من التهديدات، وإضفاء الشرعية على ممارسات طهران في الدول المجاورة، وهي نفس الطريقة التي اتبعتها إيران في سوريا، حين استخدمت الدفاع عن قبر السيدة زينب في ريف دمشق، كواجهة دينية تجذب من خلالها الجهاديين من الشيعة للإبقاء على نظام بشار الأسد.
خلافات داخلية
يأتي ذلك في الوقت الذي كان لرجل الدين المتشدد عدة آراء مخالفة لإيران تجاه عدد من القضايا الرئيسية، إلا أنها تجاوزت تلك الخلافات في سبيل الدفاع عن قضيتها، حيث قالت الصحيفة إن علاقة إيران بالنمر هي علاقة معقدة، فقد ذكرت برقية دبلوماسية مسربة في 2008، أن النمر رجل متشدد مستقل لا ينتمي مباشرة إلى الشيرازيين ولا إلى حزب الله، إلا أنه كان تابعا لـ سيد محمد تقي المدرسي، الذي كان له آراء مخالفة لولاية الفقيه المطلقة في إيران، وهي الولاية التي نادى النمر بتطبيقها في العراق والبحرين والسعودية.
وعرف النمر بإداناته للرئيس السوري بشار الأسد، وهو نفس الرجل الذي تدعمه إيران وآلاف من الشيعة، الذي استغلوا إعدام النمر ورفعوا صورا له خلال حروبهم في حلب مؤخرا، معلنين أن تلك العمليات جاءت ثأرا له.
الخلافات تنطوي تحت عباءة المرشد
محمد مجيد الأحوازي، الخبير في الشأن الإيراني، أكد أن هناك خلافات عديدة بين تيار ولي الفقيه وتيار الشيرازية الذين يتبعون المدرسي ولكن هذه الخلافات جميعها تتلاشي تحت عباءة ما يسمى بـ«عباءة المرشد» في إيران، ففي المذهب الشيعي هناك قابلية عالية في امتصاص الخلافات الفكرية، بسبب وحدة المرجعية المذهبية بما لا يؤثر في النهاية على القضايا الأساسية لدى الشيعة.
وأكد الأحوازي، في تصريح لـ«الغد العربي»، أن فكر النمر مرفوض داخل إيران ولكن تؤيده إيران في خارج حدودها، مشيرا إلى أن أي فكر أو نشاط داخل السعودية توافق عليه إيران، شريطة أن يكون ضد النظام الحاكم هناك، حتى دون أن يتبنى هؤلاء عقيدة إيران المذهبية.
وأشار إلى أن وقوف إيران إلى جانب النمر عقيدة أساسية في دوائر صنع القرار بإيران للحفاظ على هيبتها، التي شكلت لدى عموم الشيعة في الخليج والمنطقة، لافتا إلى أن هناك انقساما داخليا بشأن التعامل مع قضية النمر، حيث يرى فريق روحاني ومنظري تيار الإصلاحي المقرب لحكومة روحاني، أن تصرف الحرس الثوري مع أزمة النمر ستؤثر بشكل مباشر على الاتفاق النووي الإيراني مع مجموعة 5+1.
ويرى هذا الفريق أن ما يهم إيران ومصلحة إيران القومية هو إنهاء الصفقة النووية، ورفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران من قبل مجلس الأمن والاتحاد الأروبي والولايات المتحدة الأمريكية.
المصالح السعودية في خطر
النمر حقق بالفعل أهداف إيران في المنطقة العربية، ففي القطيف، وجهت المقاومة تهديدات بمهاجمة مصفاة رأس تنورة مصدر البترول الرئيسي في المنطقة الشرقية ذات الأغلبية الشيعية، والذي يمثل أحد أهم الأهداف بالنسبة لإيران، وكذلك من المناطق الاستراتيجية داخل السعودية، التي تضخ من خلالها معظم إنتاجها من البترول بما قد يمثل تهديدا مباشرا علي المملكة.
وفي العراق، أطلقت كتائب حزب الله المدعومة من إيران والمصنفة إرهابيا من الولايات المتحدة، إصدارا باللغة الإنجليزية لتهديد السعودية، بما مثل رسالة غير مباشرة للغرب، فضلا عن فيديو يتضمن ناقلات تحول صواريخ وميليشيات مسلحة تتجه إلي الحدود العراقية السعودية، وقالت كتائب حزب الله إن إعدام النمر أعطى الضوء الأخضر لاستهداف المصالح السعودية في العراق.
