احتجاجات إيران.. هل يستغلها الغرب للضغط على نظام طهران؟
يتعرض تيار المحافظين التقليديين في إيران منذ فترة للتهميش في مقابل تمكين لتيار المحافظين الأصوليين، رغم احتجاجات متواصلة تشبه كثيرا ما يعرف بالثورة الخضراء التي اندلعت عقب انتخاب الرئيس الأصولي أحمدي نجاد عام 2009.
أول مظاهر هذا التهميش لتيار المعتدلين كان مع عزوف وزير الخارجية السابق جواد ظريف عن الترشح لانتخابات الرئاسة، بعد ضغوط من تيار المحافظين الأصوليين.
كذلك رفض مجلس صيانة الدستور ترشح نائب الرئيس السابق إسحاق جهانجيري لرئاسة الجمهورية، في رسالة للجميع عنوانها منع تيار المعتدلين من الوصول إلى سدة الحكم.
ومع فوز الرئيس المتشدد إبراهيم رئيسي، تمت الإطاحة بداعمي الاتفاق النووي، حيث عزل رئيس وفد التفاوض النووي ومساعد وزير الخارجية للشئون السياسية.
ويبدو أن المحافظين الإصوليين أحكموا قبضتهم أيضا على مجلس تشخيص مصلحة النظام، بعدما أبعد عنه الرئيس الأسبق حسن روحاني.
كذلك خلا التشكيل من أسماء القيادات إسحاق جهانجيري ومحمد جواد ظريف، وعلي أكبر ناطق نوري وهم جميعا محسوبون على تيار المحافظين المعتدلين.
وهذه الحملة الممنهجة ضد المعتدلين داخل إيران بدأت عقب خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2017 و اشتدت بعد اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، حين اتهم النظام الإيراني المعتدلين بالرغبة في التقارب مع الغرب.
لكن التشدد السياسي ليس سمة تيار المحافظين الأصوليين الوحيدة، فثمة تشدد ديني أيضا، بعدما حظيت في عهدهم شرطة الأخلاق بنفوذ كبير كان من نتائجه اغتيال الفتاة الكردية مهسا أميني بتهمة ارتداء زي غير محتشم وما أدى إلى احتجاجات عارمة تجتاح ايران.
اندلاع الاحتجاجات
من لندن، قال طه ياسين نائب رئيس المنظمة الأحوازية لحقوق الإنسان إن ما يحدث من النظام ليس عنفا بل هذا قتل وإجرام تم خلال العشرة أيام الماضية منذ اندلاع الاحتجاجات وسقط أكثر من 100 شهيد في هذه الانتفاضة من جميع مكونات الشعب الإيراني.
وأضاف قائلا، لبرنامج “مدار الغد”، إن المطلب الحالي للمتظاهرين هو إسقاط النظام وأن النظام الحالي بات منتهي الصلاحية بارتكابه العديد من المجازر على مدار سنوات ضد الشعب الإيراني، مؤكدا أن هذا النظام في تطرفه لا يختلف عن داعش.
الاتفاق النووي
ومن بروكسل، قال حسين عمر الكاتب والباحث في العلاقات الدولية إنه بعد عام 2017 هناك تشدد داخل إيران أكثر من ذي قبل خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار بعد الاتفاق النووي هناك جولات وصولات للمرشد في سبيل إبعاد كل الشخصيات التي أيدت الاتفاق النووي عام 2015 والتي وقعت على ذلك الاتفاق وأدى هذا الاتفاق إلى انفتاح داخل المجتمع الإيراني قليلا.
ويضيف الباحث قائلا، لبرنامج “مدار الغد”، إن هناك نقطة مهمة جدا يجب أخذها بعين الاعتبار وهي أن هناك إطار عام داخل السلطة الإيرانية هو أن الرؤساء السابقين والحالي هم جميعا داخل إطار معين رُسِم بدقة من قبل المرشد السابق والمرشد الحالي وهذا الإطار لا يستطيع أحد الخروج منه
وتناول الجزء الثاني من برنامج “مدار الغد” مسألة، هل يستغل الغرب تطورات الداخل لفرض واقع جديد يفاقم الضغط على طهران؟
من واشنطن، قالت الكاتبة المتخصصة نيجار مرتضوي، إن الاحتجاجات في إيران هي حركة أصيلة من البلد نفسها وطبقات من الغضب بين الإيرانيين، غضب سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي خاصة فيما يتعلق بحقوق المرأة ألا يكون هناك عنف أو تحرش من قبل الدولة تجاه الفتيات.
وأضافت، خلال برنامج “مدار الغد” أن الدولة الإيرانية لم تظهر أي مسؤولية تجاه ما حدث خلال الأحداث الأخيرة وتجاه الفتيات.
وقالت: “أعتقد أن هذه الأحداث ليست نتاج تدخل خارجي وإنما هي من داخل البلاد للإعراب عن الغضب وعلى الدولة أن تتحمل مسؤوليتها تجاه هذه الأحداث”.
ومن طهران، قال صالح القزوين، الكاتب والباحث في الشئون الإيرانية إن بعض الدول التي ليست على وفاق مع إيران تلعب دورا في تأجيج الاحتجاجات، ففي كل لحظة تنشر في وسائل الإعلام الغربية مقاطع عن الاحتجاجات وصور وأخبار عنها، وتتجاهل بالكامل التظاهرة المليونية التي خرجت في إيران يوم أمس والتي كانت ترفض أعمال الشغب وتدافع عن النظام
وأضاف الباحث، خلال برنامج “مدار الغد”، أن تزامن هذه الاحتجاجات مع زيارة الرئيس الإيراني إلى نيويورك بالتأكيد أحرجته ورفعت سقف مطالب الطرف الآخر بضرورة أن يلتزم النظام الإيراني بالمواثيق الدولية.