تصاعدت حدة موجات الغضب الشعبي في الأردن، احتجاجا على اتفاقية الغاز مع إسرائيل، وعقب تظاهرات “جمعة الغضب” أمس، التي انطلقت من مساجد المملكة، في العاصمة عمان وإربد والكرك بعد صلاة الجمعة، تندد بتوقيع الحكومة على اتفاقية استيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل لمدة 15 عاما وبصفقة تقدر قيمتها بنحو 10 مليارات دولار.. وهدد برلمانيون بتقديم استقالاتهم من البرلمان، ردا على توقيع اتفاقية يرفضها الشعب ومن انتخبهم ليمثلهم في مجلس النواب.
وتبنى سياسيون ونشطاء، الدعوة لإطفاء الأنوار يوم غد الأحد، لمدة ساعة تبدأ من التاسعة مساء وحتى العاشرة، تحت عنوان “غاز العدو احتلال”، احتجاجا على توقيع اتفاقية شراء الغاز من إسرائيل.
وكانت شركة الكهرباء الوطنية وقعت مع شركة نوبل إنيرجي الأميركية الاثنين الماضي اتفاقية؛ تسري في العام 2019 لاستيراد 40 % من حاجة الشركة من الغاز الطبيعي المسال لتوليد الكهرباء من حقل “ليفاياثان” الإسرائيلي، مما أثار جدلا واسعا حول دستورية الاتفاقية وأهميتها اقتصاديا، والأمر الذي أثار ردود فعل شعبية غاضبة.
ومع التصعيد الشعبي لرفض اتفاقية الغاز، تغير موقف أعضاء البرلمان، من توقيع مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة، إلى التلويح بتقديم استقالة من عضوية مجلس النواب “في حال مضي الحكومة” بالتوقيع على الاتفاقية مع إسرائيل.. ووقع على المذكرة، التي تلوح بالاستقالة من المجلس، 15 نائبا حتى الآن، ومن أبرز الاسماء الموقعة على المذكرة، النائب الشهير عبدالهادي المجالي، الذي ترأس مجلس النواب لعدة سنوات ودورات نيابية، وقرر النواب الموقعين على المذكرة عقد مؤتمر صحفي في اليوم عينه، الذي ستقوم به الحكومة بتوقيع اتفاقية الغاز مع إسرائيل.
ويرى نواب أن الاتجاه للتلويح بالاستقالات ، يشكل عامل ضغط قوى على الحكومة، لمنعها من المضي باتفاقية الغاز، خاصة اذا ما وصل عدد النواب المؤيدين للاستقالة إلى أكثر من 20 أو 25 نائبا، وهو المتوقع ، استجابة لنبض الرأي العام الأردني، حيث يعني ذلك عمليا وسياسيا، بث رسالة شديدة الوضوح للحكومة ولدوائر صنع القرار.
وكشفت صحيفة الغد الأردنية، مضمون مذكرة أعضاء مجلس النواب، وجاء فيها على لسان الموقعين: “اننا نرفض الصمت ازاء مخططات المس باستقلال الأردن، ورهن مستقبله للعدو الإسرائيلي، وتكبيل ارادة شعبه، ووضعه تحت رحمة العدو، وتدمير قدرات اقتصاده، بربطها مباشرة بالغاز الاسرائيلي لنحو 15 عاما”.
وقالت المذكرة : “وردا على استقواء الحكومة، وضربها عرض الحائط، بإرادة مجلس النواب المنتخب، وخروجها على ارادته، فإننا نتقدم باستقالتنا من مجلس النواب، ونخلي مسؤوليتنا التاريخية، من عار تمرير صفقة الغاز الاسرائيلي، على حساب الاردن، ومستقبل أجياله”.
ويؤكد النواب أن عدم وجود نص دستوري، يجبر الحكومة على عرض نص الاتفاقية على مجلس النواب، كمشروع قانون، لا يعفي المجلس من دوره الأدبي والأخلاقي، الذي يتعين عليه القيام به، ولا يعطي المجلس مجالا للتملص من المسؤولية”.
التلويح بالاستقالة، يمثل سابقة في تاريخ البرلمان الأردني، وهو ما يراه سياسيون وحزبيون، فعلا غير مسبوق بهذا الحجم الكبير، يمكن أن يخلق حالة من الشد والجذب، في الساحة السياسية الأردنية، ويضغط على السلطة التنفيذية، ويدفعها للتفكير أكثر من مرة، قبل الاقدام على التوقيع على الاتفاقية مع إسرائيل، بحسب تقرير صحيفة الغد الأردنية.
وطالب آلاف المشاركين في مسيرات “جمعة الغضب” أمس، بإلغاء اتفاقية استيراد الغاز الطبيعي من دولة الاحتلال الإسرائيلي. وهتفوا في المسيرة “الشعب يريد إسقاط الاتفاقية “و”غاز العدو الاحتلال”، داعين لقطع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي وإلغاء اتفاقية وادي عربة، واعتصم العشرات من ممثلي الفاعليات النقابية والشعبية، احتجاجا على اتفاقية الغاز مع اسرائيل.
وطالب المحتجون، من المشاركين في “جمعة الغضب”، من ممثلي الأحزاب القومية، واليسارية، والحراكات الشعبية، وقيادات من الحركة الاسلامية، بإلغاء الاتفاقية التي تصب في صالح العدو الصهيوني والبحث عن بدائل أخرى، معتبرين أن شراء الغاز من دولة محتلة هو كشراء ثروات مسروقة. ودعا المشاركون الحكومة إلى إلغاء الاتفاقية ووقف التعاون مع الكيان الصهيوني المحتل.
من جانبه قال النائب علاء الخوالدة ، إن الاتفاقية ستجلب إلى الأردن العار، وأن الشعب الاردني بكافه أطيافه يرفض الاتفاقية ويعتبرها تصب في مصلحة العدو الصهيوني، وهي تعد اعترافا صريحا بحقوق إسرائيل في الغاز الفلسطيني.. وحذر السياسي حسين الدغمين من أن الاتفاقية تشكل خطرا على مستقبل الأردن، اذ يصبح احتياجتها من الطاقة أو جزءا كبيرا منها بيد العدو الصهيوني، مطالبا بإيقاف الاتفاقية فورا، وتحويل من وقعوا عليها الى التحقيق، والعمل على ايجاد بدائل أخرى من دول عربية مثل الجزائر.
