حمل تكليف الرئيس التونسي قيس سعيد، لوزير الداخلية في حكومة “إلياس الفخفاخ”، هشام المشيشي، لتشكيل الحقبة الوزارية الجديدة، ارتياحا لدى رجل الشارع التونسي.
يأتي ذلك في ظل تنامي الغضب من النخب الحزبية التي ذهبت إلى التناطح من أجل مكاسب سياسية، دون النظر إلى احتياجات الشارع وسط تردي الأوضاع الاقتصادية.
رئيس حكومة دون توجه حزبي
ويقول في هذا السياق، مراسلنا من تونس ياسر دبابش، إن هناك ارتياحا في الشارع التونسي إلى حد كبير لاختيار “المشيشي” نظرا لما له من خبرة في الإدارة ورجل مستقل ليس له أي توجه حزبي.
وأشار إلى أن ذلك يأتي وسط تساؤلات حول ضم الحكومة شخصيات من “النهضة”، “ائتلاف الكرامة”، “قلب تونس”، لافتا إلى أن الحكومة الجديدة تحتاج إلى ثلثي أصوات نواب البرلمان أي 109 من 217 عضوا في البرلمان المشتت الذي تتصدر فيه “النهضة” المرتبة الأولى لكن عدد مقاعدها لا تؤهلها لمنح الثقة لأي حكومة قادمة.
ترحيب قلب تونس قد يربك النهضة
وتحدث مراسلنا عن مدى تفاعل القوى السياسية مع تكليف رئيس الجمهورية لـ”المشيشي”، موضحا أن قياديا بارزا في “قلب تونس” قال إن ليس لدى الحزب أي تحفظ على الرجل في إشارة لتكليف الرئيس لـ”المشيشي”، وأيضا كتلة الإصلاح الوطني المكونة من 16 نائبا، ومعظمهم من التيارات الحداثية، باركت خطوة رئيس الجمهورية.
أما حركة النهضة فهي تلتزم الصمت، وعلى لسان قيادي بارز فيها، قال إن مجلس شورى الحركة سينعقد للإعلان عن الموقف الرسمي للحزب حول تكليف “المشيشي” بتشكيل الحكومة، في الوقت الذي رحبت فيه حركة الشعب بالتكليف.
وأوضح مراسلنا أن التساؤلات الآن تثار حول أعضاء التركيبة الحكومية لـ”المشيشي” في ظل تباين الآراء ووجهات النظر بين القوى السياسية والتي تتخوف من الذهاب إلى انتخابات برلمانية حال فشل “المشيشي” في مهمته.
وبالعودة إلى أسباب الارتياح الشعبي حول تكليف “المشيشي” ، فمن الواضح أنها تقوم على نفس الرؤية التي عمل عليها رئيس الجمهورية حول اختيار “المشيشي”.
مميزات “المشيشي” في الإدارة والأمن
وفي هذا الصدد، يقول الكاتب والمحلل السياسي التونسي نجم الدين العكاري، إن رئيس الجمهورية اختار “المشيشي” على اعتبار أن الأخير ابن الإدارة وله دراية كبيرة وخبرة في قيادة الشؤون، حيث عمل في العديد من الوزارات في مناصب تحتية كمدير مكتب الوزير، ليتدرج في العديد من المناصب حتى أصبح وزيرا للداخلية.
وأشار “العكاري” إلى أن الشارع وقف كثيرا أمام تعامل “المشيشي” مع الهاجس الأمني والعمل بطريقة استباقية في إحباط العمليات الإرهابية، فضلا عن كونه رجل وفاق لدى بعض القوى السياسية.
بينما أكد مراسلنا بلال مبروك، أن تكليف “المشيشي” مفاجئ لحركة النهضة، وبحسب مراقبين، فإن الأخيرة لا تنظر بعين الرضا، وكانت من المعارضين لتسمية “المشيشي” على رأس وزارة الداخلية في حكومة إلياس الفخفاخ، ولم ترضخ إلا في اللحظات الأخيرة.
وتابع: هناك أقاويل بأن عمل حركة النهضة على سحب الثقة من حكومة “الفخفاخ”، كان هدفها إقالة “المشيشي” من “الداخلية”، ليأتي الرئيس ويكلف “المشيشي” بتشكيل الحكومة الجديدة.
هجوم على الرئيس من حليف “النهضة”
وأشار إلى أن هذا التكليف دفع ائتلاف الكرامة وهو التيار الحليف والرديف لحركة النهضة، لشن حملة على رئيس الجمهورية والقول إنه أصبح عبئا على الانتقال الديمقراطي في تونس، وسط انتظار لمجاهرة “النهضة” بهذا الرأي أم السير في مقاربة سياسية، لاسيما أن حليفه الآخر ، حزب “قلب تونس” الذي قال رئيس كتلته إنه لا يمانع في تقلد “المشيشي” لرئاسة الحكومة، وقد يحظى الأخير وفقا للتصريحات الأولية بأغلبية مريحة.
