احتلت قضية استقلال كردستان العراق مساحة كبيرة على الساحتين الإقليمية والدولية، واتفق الجميع، باستثناء إسرائيل، على رفض الاستفتاء، المقرر له الخامس والعشرون من سبتمبر الجاري.
تقاربت الآراء بشأن رفض وتأجيل الاستفتاء على استقلال كردستان بين بغداد والعواصم الغربية، وأكدت واشنطن رفضها إجراء الاستفتاء في الوقت الحالي، وطالبت بالتركيز على محاربة الإرهاب.
وفي آخر صيحة للمعارضين للاستفتاء على استقلال كردستان العراق، حضت تركيا، الخميس، رئاسة الإقليم على إلغاء الاستفتاء حول استقلاله، وحذر المتحدث باسم الرئيس رجب طيب أردوغان من أن هذا الاستفتاء سيؤدي إلى “عزل أربيل”.
وقال المتحدث إبراهيم كالين، في مؤتمر صحفي في أنقرة، “نتوقع من سلطات كردستان العراق في أربيل أن تتراجع عن هذا القرار السيئ من دون تأخير”، مؤكدا أن إجراء الاستفتاء “سيعزز عزلتهم، لأنه ليس هناك بلد واحد باستثناء إسرائيل يدعم تنظيم هذا الاستفتاء حول الاستقلال”.
رفض عربي
من جانبها رفضت الجامعة العربية استقلال الأكراد، وشددت على أن يظل العراق موحدا وفيدراليا ومتعدد المكونات والأعراق، فهو الأكثر جدوى للعراق بعربه وكرده وللأمة العربية كلها.
ودعا الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، الثلاثاء، إلى الحوار بين الفصائل الكردية في العراق والحكومة العراقية قبيل الاستفتاء، وقال “أوجه ندائي للإخوة الأكراد بإعطاء الفرصة للحوار حفاظا على الدستور الذي شاركوا في صياغته وصونا للنظام الذي يحفظ للعراق وحدته”.
وأصدر المجلس الوزاري للجامعة العربية، الأربعاء، قرارا بالإجماع يؤكد على رفض استفتاء الإقليم الكردي شمالي العراق المزمع إجراؤه في 25 من سبتمبر/أيلول الجاري.
ضغط عراقي
بينما صوّت البرلمان العراقي، الثلاثاء، برفض الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق، وفوض رئيس الوزراء باتخاذ كافة التدابير التي تحفظ وحدة البلاد، بعد أن انسحب الأعضاء الأكراد من الجلسة قبل التصويت، وأصدروا بيانات بعد ذلك ترفض قرار البرلمان.
وجاء في نص قرار البرلمان العراقي، “هذا الإجراء يفتقر إلى السند الدستوري، ويعد مخالفا للدستور العراقي”، ولم يحدد القرار الإجراءات التي ينبغي أن تتخذها الحكومة المركزية.
في الوقت الذي يرى الأكراد أن تصويت مجلس النواب برفض الاستفتاء ليس ملزما، وقال هوشيار زيباري، وزير الخارجية العراقي السابق، والمستشار الحالي لمسعود برزاني، رئيس إقليم كردستان العراق، إن برلمان كردستان العراق سيرد قطعا على القرار، وسبق أن قال إنه يريد الاستقلال من خلال الحوار ودون إشعال صراع.
وضاعفت بغداد، الخميس، ضغوطها على إقليم كردستان العراق بإقالة محافظ كركوك، المتنازع عليها، بعد تأييده الاستفتاء على استقلال الإقليم الشمالي المرتقب في 25 أيلول/سبتمبر الحالي. وصوت مجلس النواب العراقي بإجماع المشاركين على إقالة محافظ كركوك نجم الدين كريم.
إسرائيل المؤيد الوحيد
وعلى العكس من الجميع، كانت إسرائيل المؤيد الوحيد لاستقلال كردستان العراق، حيث قال رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، الأربعاء، إن بلاده تؤيد قيام دولة كردية. وأضاف نتنياهو، في تصريحات أرسلها مكتبه إلى المراسلين الأجانب “تؤيد إسرائيل جهود الشعب الكردي المشروعة لقيام دولته”.
وتقيم إسرائيل روابط سرية مع الأكراد في مجال المخابرات والأعمال والمجال العسكري منذ ستينيات القرن الماضي، وتعتبر الأكراد المشتتين في العراق وتركيا وسوريا وإيران عازلا لها عن العرب وهم خصوم للطرفين.
مبادرات للحل والتهدئة
وفي بادرة قد تكون نواة للحل، أو على الأقل للتهدئة من خلال تأجيل الاستفتاء، قالت رئاسة إقليم كردسان، إن زعيم الأقلية مسعود برزاني، تسلم مشروعا بديلا عن الاستفتاء من ممثلي دول أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، ووعد بدراسته مع الأطراف السياسية والرد عليه لاحقا.
وذكر بيان صادر عن رئاسة إقليم كردستان العراق، أن قادة الأكراد سيدرسون خطة وفد غربي لتأجيل الاستفتاء على استقلال الإقليم، الذي يتمتع بحكم ذاتي، لكن وفقا لوسائل إعلام محلية، فقد أبلغ برزاني حشدا مؤيدا للاستفتاء في زاخو بأن التصويت سيتم في موعده المقرر .
واجتمع وفد من الولايات المتحدة والأمم المتحدة وبريطانيا مع رئيس الإقليم مسعود برزاني، الخميس، وقدم له مقترحا بتأجيل التصويت المقرر يوم 25 سبتمبر/ أيلول، غير أن الوفد يشعر بالقلق من أن توقيت التصويت قد يعطل عملية التحالف العسكري ضد تنظيم داعش.
وقال بريت مكجورك، المبعوث الأمريكي الخاص للتحالف ضد داعش، إنه متفائل بأن قادة إقليم كردستان العراق سيقبلون بخطة لتأجيل الاستفتاء على استقلال الإقليم.
وأضاف خلال مؤتمر صحفي، أن المضي قدما في إجراء الاستفتاء يوم 25 سبتمبر/ أيلول الجاري سيكون تحركا “محفوفا بالمخاطر” للإقليم، لأنه لا يحظى بدعم دولي في هذه اللحظة.
