رغم أن وصول الرئيس الأمريكي بارك أوباما للبيت الأبيض قبل ثماني سنوات، كان بمثابة انتصار لحق السود الأمريكيين، وبمثابة الإعلان عن نهاية فترة العنصرية ضد السود في أمريكا، باعتباره وصل أول رئيس يحمل البشرة السوداء على البيت البيضاوي.
لكن إحصائية أمريكية أعلنت مؤخراً عكس ذلك تماما، إذ أشارت إلى الفترة الثانية من عهد أوباما (2012- 2016) تعد من أكثر الفترات التي شهدت مستويات مرتفعة للحالات المرتكبة من الشرطة بحق السود الأمريكيين، مما شكل صدمة بتصاعد حدة الكراهية لهذه الشريحة التي تمثل إحدى أهم مكونات المجتمع الأمريكي، خاصة أن ظاهرة قتل السود على يد الشرطة، أدت لتزايد المظاهرات من قبلهم اعتراضاً على تعامل الشرطة معهم.
وكشفت الاحصائيات في الولايات المتحدة، عن مقتل 566 من الرعايا الأمريكيين على يد الشرطة، ومعظمهم من السود ما بين يناير/ كانون الثاني ويوليو/تموز من العام الجاري. واستحوذت مدينة لوس أنجلوس على إلى المناطق التي شهدت مقتل الرعايا الأمريكيين على يد الشرطة. واحتل السود من الحوادث 26 % من ضحايا الحوادث الناتجة عن الشرطة، رغم أن يمثلون حاليا 13 % من إجمالي السكان في أمريكا. وأكدت الأحضائيات أن سنة 2015، سجلت 704 ضحايا على يد الشرطة الأمريكية.
وشهدت بلدية شارلوت في ولاية كارولينا الشمالية، شرق الولايات المتحدة، اضطرابات وصدامات على خلفية مقتل أحد المواطنين من السود كيث لاموت سكوت على يد الشرطة، هذه الأخيرة التي اشتبهت في كونه من اللصوص، بينما تبيّن من التحقيقات أن المعني لم يكن مسلحا.
يذكر أن الشرطي الأسود برينتلي فينسون، المسؤول عن مقتل سكوت أوقف عن العمل، وكان على رأس فريق من الشرطيين مكلفين بتوقيف أحد المشتبهين بهم، إلا أن كيث لاموت سكوت لم يكن الشخص الذي يجري البحث عنه، إلا أنه كان متواجد في سيارة في مرآب المبنى، وبحوزته سلاح ناري، كما قالت الشرطة، إلا أن أقرباءه أكدوا أنه لم يكن يحمل إلا كتابا بيده.
ارتفاع الاحتقان بين السود
تسبّب الحادث مجددا في ارتفاع حدة الاحتقان في أوساط السود الأمريكيين، الذين اعتبروا أن تعدد مثل هذه الحوادث التي تمس السود بكثرة، تعكس تنامي ظاهرة العنصرية مجددا، بعد أن لاحت في الأفق بوادر أمل لديهم من أن تزول مظاهر الصدام داخل المجتمع الأمريكي، خاصة بعد اعتلاء أول رئيس من السود الأمريكيين سدة الحكم والرئاسة، كمظهر من مظاهر التغيّر الكبير الذي طرأ على المجتمع الأمريكي.
انتخابات الرئاسة
وتأتي أحداث غضب السود الأمريكان في وقت يحتدم فيه الصراع على الرئاسة الأمريكية، بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، مع تقدم ممثلة الديمقراطيين هيلاري كلينتون على غريمها دونالد ترامب، إلا أن من شأن مثل هذه الأحداث أن تساهم في ردود فعل سلبية لدى السود الأمريكيين، الذين عادة ما يجدون أنفسهم أقرب إلى الديمقراطيين من الجمهوريين، في توجهات الناخب الأمريكي.
خاصة في عهد الرئيس أوباما، جاءت أعلى نسب الاعتداءات للشرطة الأمريكية في حق السود، وهو ما أبرز مخاوف من وجود توجهات ترمي إلى تقويض بعض المكاسب المحصلة على المستويين السياسي والاجتماعي لهذه الشريحة، التي أضحت تمثل قوة نامية، لا سيما بعد أن أضحى العديد من السود الأمريكيين يقتحمون دوائر المال والأعمال والسياسة بقوة.
ويتضح أن إدارة أوباما تشعر بالحرج إزاء توالي مثل هذه الأحداث، فبعد مقتل أحد الرعايا السود في يوليو / تموز 2016 بولاية مينيسوتا، خرج الرئيس باراك أوباما بتصريح شديد اللهجة، معبرا عن قلقه إزاء الأمر، حيث أكد أن قتل الشرطة للسود أضحى يمثل مشكلة خطيرة في الولايات المتحدة.