سعيا لتأكيد حسن نواياها، توجهت الشعبة العامة للصرافات، بالاتحاد العام للغرف التجارية، باقتراح إغلاق شركات الصرافة العاملة بالسوق المحلية لمدة 3 أشهر، لتهدئة الأوضاع، وإثباتا للبنك المركزي والحكومة بعدم مسؤولية الشركات عن السوق الموازية للدولار.
وتعليقا على ذلك أكد علي الحريري، سكرتير عام شعبة شركات الصرافة، لموقع الغد، أن «شركات الصرافة تتبع سعر الصرف الرسمي الذي يقره المركزي المصري، كما أنها تلتزم بكافة تعليمات المركزي فيما يخص التعاقدات والتعاملات اليومية».
وأوضح الحريري، أن «تقتصر التجاوزات على بعض تجار العملة الذين يلجأوا إلى التلاعب بسعر الدولار سعيا لجني المزيد من المكاسب، وهؤلاء التجار لا ينتمون للشركات الأعضاء في الشعبة».
وأضاف الحريري، «لجأت الغرفة إلى طرح هذا الاقتراح تأكيدا على عدم مسؤوليتها عن أسعار الصرف في السوق السوداء رغم أن هذا الاقتراح لا يصب في مصلحة السوق، لاعتماد المتعاملين بشكل كبير على شركات الصرافة لتوفير احتياجاتهم الدولارية».
يذكر أنه قد تم شطب وسحب تراخيص نحو 23 شركة صرافة، من جانب البنك المركزي، وإيقاف 14 شركة عن العمل والنشاط لمدة تتراوح بين عام، منها 4 شركات جرى وقفها أقل من سنة، و10 لمدة عام، من إجمالي عدد الشركات العاملة بالسوق، والبالغة نحو 111 شركة صرافة.
ورفع عدد من هذه الشركات دعاوى قضائية على البنك المركزي المصري تتظلم فيها من القرارات التى اتخذها البنك المركزي لمعاقبتها والتى وصفوها بالتعسفية.
وصرح علاء القاسم، العضو المنتدب لشركة ميدل ايست للصرافة، لموقع الغد، إن «إغلاق شركات الصرافة لن يحل أزمة الدولار بالسوق، بل سيؤدي إلى تفاقمها، لافتا إلى أن سعر صرف الدولار لم يشهد تراجعا ملحوظا، رغم إغلاق وشطب وإيقاف العديد منها بلغ 33 شركة».
وأضاف القاسم «لا يمكن تجاهل أو إلغاء دور شركات الصرافة في السوق المصرفية المصرية، فهى أحد الموارد الأساسية لتوفير العملة الصعبة للمتعاملين من أفراد وشركات، لافتا إلى أن إغلاق وشطب شركات الصرافة أدى إلى تشريد المئات من العاملين بها الذين فقدوا وظائفهم، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة، مما يعني أن شركات الصرافة والعاملين فيها أصبحوا كبش الفداء».
وأكد القاسم أن «السوق خاضعة لقانون العرض والطلب الذي يتحدد بناء عليه سعر صرف الدولار».
وانعكس تردد هذا الخبر على سوق الصرف المصرية، حيث صعد سعر الدولار فى السوق السوداء خلال التعاملات الصباحية، اليوم الأحد، مسجلا زيادة قدرها 5 قروش، ووصل السعر إلى 12.30 جنيه للشراء و12.55 جنيه للبيع مع تفاوت الأسعار من منطقة لأخرى وحسب الكميات.
وتوقع متعاملون ارتفاع أسعار الدولار خلال الساعات القليلة المقبلة، بالتزامن مع نقص المعروض بالأسواق من الورقة الخضراء.
وأرجع متعاملون صعود الدولار إلى ارتفاع الطلب مع نقص المعروض مع استمرار حالة الحذر والخوف التى تسيطر على السوق نتيجة الحملات الأمنية المكثفة على الصرافات طوال الاسبوع الماضى، وتردد خبر احتمال إغلاق شركات الصرافة خلال الأيام المقبلة، فضلا عن تصريحات طارق عامر محافظ المركزي الأخيرة.
ورغم الحملات الأمنية لم تتوقف حركة الشراء داخل بعض الصرافات ولكن بمبالغ قليلة فى حين امتنعت عن البيع الا لاهل الثقة حيث يتم عقد صفقات خارج مقار الشركات مع مستوردين وتجار.
على الجانب الآخر، صرحت علياء المهدي أستاذ الاقتصاد المصرفي، لموقع الغد، أن «أغلب شركات الصرافة ترتكب مخالفات جسيمة تضر بالاقتصاد القومى، حيث لايزال أصحابها يتعاملون بعقلية تجار العملة، ويلجأوا إلى المضاربات لجني المزيد من المكاسب».
وأضافت المهدي أن «المرحلة الراهنة والظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد تقتضى وقف نشاط هذه الشركات أو خلق منافس قوى لها من خلال إنشاء شركات صرافة تابعة للبنوك مع تحديد هامش ربح مغرى للمتعاملين».
كذلك اقترحت المهدي أن «يتم تغليظ العقوبات على المخالفين، واتخاذ كافة الإجراءات الإدارية للسيطرة على السوق المصرفية، وكبح جماح سعر صرف الدولار، فرغم محاولات المركزى السيطرة على سعر الدولار بالسوق الموازية وتصعيد الإجراءات اللازمة لذلك والتى بدأت بالإغلاق المؤقت إلى سحب التراخيص والحبس فى بعض الاحيان فإن السوق الموازية تعيش أزهى عصورها والذى بلغ فيه سعر الدولار 13 جنيها».
وتابعت المهدي، أنه «يمكن أيضا استرداد المبالغ المستحقة فى قضايا التصالح فى نهب المال العام بالدولار واليورو خاصة أن المال العام كان يتم تهريبه بانتظام فى حسابات بالنقد الأجنبى فى الخارج، ثم تأتى الحلول متوسطة وطويلة الأجل فى تحسين حالة المرور والأمن والإنتاج بغرض التصدير والإحلال محل الواردات مع الاستمرار فى مكافحة هدر واستنزاف الموارد عبر الفساد والإهمال».
يذكر أن الجنيه المصري هبط خلال الأيام الماضية إلى مستوى لم يسبق له مثيل أمام العملة الأمريكية في السوق السوداء ليتجاوز سعر الدولار 13 جنيها وسط توقعات بخفض قيمة الجنيه في ظل النقص الحاد للعملة الصعبة الذي يعرقل حركة التجارة في بلد يعتمد على الواردات.
وتواجه مصر نقصا في العملة الأجنبية منذ يناير 2011 لكن السياسات النقدية في البلاد شهدت اضطرابات كبيرة بعد يوليو تموز 2013 حيث عزل الجيش الرئيس المنتخب محمد مرسي وما أعقبه من اضطرابات أدت إلى ابتعاد السياح والمستثمرين الأجانب.
وفرض ذلك ضغوطا على الاحتياطيات الأجنبية المصرية التي نزلت من 36 مليار دولار في 2011 إلى نحو 17.5 مليار دولار الشهر الماضي.
ويعمل البنك المركزي على ترشيد صرف الدولارات والإبقاء على الجنيه المصري قويا من خلال عطاءات أسبوعية لبيع العملة الصعبة في حين تلجأ الشركات إلى السوق السوداء لتدبير احتياجاتها من العملة الأجنبية بعلاوات سعرية.
وكثفت مباحث الأموال العامة حملاتها على شركات الصرافة لظبط المتلاعبين بسعر الدولار في السوق السوداء.
وخفض البنك المركزي المصري قيمة الجنيه بنحو 14% من 7.73 جنيهات إلى 8.85 جنيات مقابل الدولار في مارس آذار ليقلص الفارق بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازية لفترة قصيرة. لكن الجنيه تراجع بعد ذلك إلى مستويات قياسية في السوق السوداء بما زاد الضغط على المركزي لخفض العملة مجددا.
