عشية تحضيرات القمة العربية في عمان، نهاية الشهر المقبل، مارس/ آذار، بات واضحا أن هناك تحولا “ما” في السياسة الأردنية تجاه سوريا، واعتماد استراتيجية جديدة في الملف السوري ” سياسيا وعسكريا” ، يراها عدد من السياسيين الأردنيين، مدخلا لمرحلة بناء الثقة مع النظام السوري، والتمهيد لتنقية الأجواء، خاصة وأن الرأي العام الأردني، يطالب بفتح صفحة جديدة مع “الجارة” سوريا، والتنسيق معا لمكافحة الإرهاب وردع التنظيم الإرهابي “داعش”، وطالب البعض بمبادرة أردنية ، لاستعادة سوريا مقعدها المجمد بالجامعة العربية، مما يتيح لها المشاركة في “قمة عمّان” العربية المقبلة.
ويرى محللون سياسيون في عمّان، أن اللقاء الفريد الذي عقده العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني مساء الاثنين الماضي، مع ممثلي وسائل الإعلام المحلية، كشف عن
مضمون الرسائل الملكية، بالحديث مباشرة عن ضرورة العمل على «هدنة» منطقية ودائمة في سوريا، مما يشير إلى أن إستراتيجية عمان الجديدة في الملف السوري تركز حصريا على «هدنة ووقف إطلاق نار بميزات دائمة وفعالة». لأن الهدنة المستمرة في أكبر رقعة جغرافية ممكنة في سوريا تساهم في «خطوات بناء واستعادة الثقة» بين النظام السوري والمعارضة السورية المسلحة المعتدلة.
وأن مسألة بناء الثقة هذه، حيوية وأساسية للأردن، لأنها تساهم في العودة للمربع الأول في استراتيجية الملك عبدالله الثاني وهو «الحل السياسي» للأزمة السورية، وما تريده عمان بناء ثقة بين النظام السوري، والمعارضة المسلحة، انتقالا لعملية سياسية أشمل، استنادا إلى أن نمط «الهدنة الطويلة» هو وحده الكفيل بصناعة «شريك للحل السياسي» من داخل الأطر السورية ووحده الكفيل بتكثيف إطلاق النار على المجموعات «الإرهابية» والسلاح العقائدي المتطرف والأهم حصريا على عدو وخصم الأردن الأول تنظيم « داعش».
وأشار العاهل الأردني، في اللقاء، إلى أهمية بقاء وإدامة «التوافق الأمريكي الروسي» على ما يحصل أو سيحصل في سوريا، الأمر الذي تدعمه عمان ، بتحرك دبلوماسي للحفاظ على دور إقليمي حيوي عبر ترويج وتسويق التفاهمات بين واشنطن وموسكو.
التحرك السياسي الأردني، تزامن مع التحرك العسكري، لتحقيق ثلاثة أهداف وراء قصف الأردن لتنظيم “داعش” جنوبي سوريا .. ويؤكد خبراء عسكريون أردنيون، أن قصف الجيش الأردني لمواقع تابعة لتنظيم “داعش” جنوبي الجارة سوريا يأتي ضمن جهود عمان لتوجيه ضربات وقائية للتنظيم الإرهابي، للقضاء على أي أهداف قد تشكل خطورة مستقبلية، والتمهيد لإقامة المناطق الآمنة، إضافة إلى إعادة سيطرة النظام السوري على الجانب السوري من الحدود مع المملكة بدلا من داعش، وهذا يتطلب إنهاء (وجود) جيش خالد بن الوليد الموالي للتنظيم الإرهابي.
واستهدف القصف الأردني، موقعا عسكريا كان قد احتله داعش، ويعود سابقا للجيش السوري (التابع لنظام الأسد) وأن ما جرى هو توطئة للمناطق الآمنة، وتنظيف لدرعا والسويداء وحوض اليرموك (في الجنوب السوري)
ويؤكد الخبراء العسكريون، أن هذه الضربات تُبعد داعش، وتُحاصره في المناطق الشرقية، فجيش العشائر، الذي أسسه الأردن، وله علاقة كبيرة مع النظام السوري، غير كاف لمواجهة هذا التهديد، وهذه الضربات ترتبط بزيارات الملك عبد الله الثاني الأخيرة لموسكو وواشنطن ولندن، فدور الأردن أصبح ناشطا بشكل أكبر.
