كشفت الدوائر السياسية في العاصمة الأردنية عمّان، عن ضغوطا ناعمة على الأردن، لفتح حدوده الشمالية والشمالية الشرقية، مع سوريا، لتسهيل مرور اللاجئين، بزعم أن القرار يمثل ضرورة إنسانية لإنقاذ الهاربين من المواجهات العسكرية المشتعلة في سوريا.. وأن القيادة السياسية رفضت كافة الضغوط، تحسبا لمخاطر تهدد الأمن القومي الأردني.
وأكدت مصادر سياسية أردنية، أن جهات دولية؛ حكومية وأممية، لا تمل من تكرار دعواتها للأردن لفتح حدوده أمام عشرات الآلاف من اللاجئين المحتشدين على الجانب السوري من الحدود الأردنية، وجلهم قدموا من مناطق خاضعة لحكم تنظيم “داعش” الإرهابي.. وأن الأردن حريص على عدم تكرار تجارب سابقة، استهدفت أمن واستقرار المملكة، حين استغل الإرهابيون خط الإمداد الإنساني الذي أقامه الأردن لمساعدة هؤلاء، للتسلل من خلاله وتنفيذ عملية إرهابية بحق جنوده من حرس الحدود. وقد مثلت هذه العملية نقطة تحول في مقاربة الأردن الحدودية، دفعت في نهاية المطاف إلى إغلاق الحدود نهائيا، التزاما بالمصلحة الوطنية الأردنية بوصفها أولوية لا يمكن المساومة عليها.
وتسبق الضغوط الغربية على الأردن ، لفتح الحدود مع سوريا، اجتماع رفيع المستوى تستضيفه الأمم المتحدة الشهر المقبل لبحث قضية اللاجئين السوريين، وهو أقرب ما يكون لقمة عالمية، استبقها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بتصريحات منذ فترة وجيزة، بدا منها أن الأمم المتحدة تمارس ضغوطا ناعمة على الدول المستضيفة، لتحمل أعباء اللجوء، والتسليم بالواقع القائم، وإخلاء مسؤولية المجتمع الدولي تجاه أزمة إنسانية مفتوحة وبلا نهاية قريبة.
وقال الكاتب والمحلل السياسي الأردني، فهد الخيطان، لقد استبق الملك عبد الله الثاني، هذه المحاولات وحرص على تذكير المجتمع الدولي باقتراح سبق أن طرحه، يتضمن استعداد الأردن لتسهيل نقل هؤلاء اللاجئين عبر الأراضي الأردنية لبلد ثالث أو عدة بلدان، لاستضافتهم لحين عودة الاستقرار في سورية، ولا يسعى الملك من وراء هذا الاقتراح إلى إحراج الدول الغربية، بل إلى تذكيرها بأن مساعدة اللاجئين هي مسؤولية المجتمع الدولي برمته، وليس الأردن أو دول الجوار السوري التي ترزح تحت ضغط اللجوء، ولا تلقى الدعم الكافي لتحمل تداعياته الثقيلة.
وأضاف “الخيطان” في تحليله للغد، لقد تأكد الجميع أن قرار إغلاق الحدود مع سورية، واعتبار المناطق الشمالية والشمالية الشرقية مناطق عسكرية مغلقة، هو قرار استراتيجي للدولة الأردنية، تم اتخاذه على أعلى مستوى، ولا نية أبدا للمساومة عليه، أو مراجعته، ولذلك جاءت رسالة الملك عبر حديثه لصحيفة الدستور الأردنية، أمس، محمّلة بالإشارات والرسائل الصريحة والواضحة حيال هذا الموضوع، الذي يمس بشكل مباشر الأمن الوطني الأردني. وفي رسالة واضحة للأطراف الخارجية، قال الملك إن الأردن لن يقبل المزايدة والضغوط من أحد..ولهجة الملك كانت حازمة بهذا الموضوع.
وأوضح المحلل السياسي الأردني، أن هناك مؤشرات قوية على أن داعش بدأ يفقد السيطرة على مناطق تواجده وتمركزه، ومنذ أيام فقد معقله الاستراتيجي في مدينة منبج السورية، وخسر مناطق واسعة في دير الزور والمناطق المجاورة، أما مركزه الرئيس في الرقة، فبات محاصرا من كل الجهات ومن جميع الأطراف، وتحرير المدينة بات مسألة وقت..
وتساءل المحلل، لماذا لا تشرع المنظمات الأممية، وبالتعاون من الأطراف السورية المعنية، في وضع خطط لإعادة اللاجئين إلى ديارهم بعد تحريرها، بدلا من الضغط لتهجيرهم خارج سورية؟
ويرى الخيطان، أن موقف الأردن القاطع، ربما يساهم في دفع المجتمع الدولي للتفكير بهذا الخيار، والذي صار صار متاحا مع تقهقر “داعش” على كل الجبهات.