الأزمة الليبية.. القاهرة تنحاز للسلام وأنقرة تريدها فوضى
لا تتوقف أنقرة عن إشعال الأزمة الليبية في الوقت الذي تسعى فيه القاهرة جاهدة لحل الخلاف بين الأطراف الليبية، خوفا من عودة الرصاص في الميادين.
المساعي المصرية مكثفة لإيجاد حلول لأهالي ليبيا، حيث استقبلت القاهرة وفدا من الجنوب الليبي لدفع الحوار السياسي، لكن المساعي التركية مستمرة في عسكرة الأزمة الليبية، خاصة بعد موافقة البرلمان التركي على تمديد مهام القوات التركية في ليبيا.
ليبيا أولا
لم تتعامل القاهرة في الأزمة الليبية وفقا لسياسة المصالح والبحث عن الاستفادات من ثروات بلد منهك من الحروب، لكنها تسعى دوما في إيجاد حلولا للأزمة.
واستقبلت القاهرة أكثر من 75 شخصية من شيوخ وأعيان ونخب الجنوب الليبي في زيارة تستغرق 3 أيام يتم فيها عقد عدد من الاجتماعات.
وتستهدف الاجتماعات دفع الحياه السياسية، ودعم الاستقرار، والحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي الليبية من المحاولات التي تحاول أن تنال من استقرار البلاد.
وفي سياق متصل، أفاد مراسل الغد من القاهرة، بأن وفد الجنوب الليبي، الذي وصل إلى القاهرة أمس الثلاثاء، سيلتقي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي واللجنة المصرية المعنية بالملف الليبي.
وقال مراسلنا، إن اللقاءات ستناقش احتياجات ومطالب الجنوب الليبي، الذي يعاني من التهميش والتدهور الاقتصادي.
وأشار إلى أن مصر تدرك أن الجنوب الليبي مفتاح استقرار ليبيا ووحدتها، لذلك تعمل القاهرة على دعم القبائل في الجنوب الليبي وحل مشاكلهم.
وأوضح أن القاهرة ستناقش المطالب السياسية للقيادات الليبية المنتمية للجنوب الليبي، والتي تعاني من تهميش واضح في المفاوضات السياسية الجارية.
وشدد على أن وفد الجنوب الليبي يطالب مصر بنقل مطالبهم إلى الأمم المتحدة، وأبرزها دخول الجنوب في عملية المفاوضات التي تراعاها البعثة الأممية.
وأضاف أن اجتماعات الوفد الليبي تهدف لدراسة مطالب الجنوب لدفع جهود الحل السياسي للأزمة الليبية.
مصر ترفض التدخل
رفض التدخلات الأجنبية في ليبيا كان عنوان لقاء اللجنة الوطنية المصرية المعنية بليبيا مع وفد الجنوب الليبي، حيث أكد اللواء أيمن بديع، رئيس رئيس اللجنة الوطنية المصرية المعنية بليبيا، أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حريص على وحدة الأراضي الليبية، ومتمسك بحل سلمي عاجل للأزمة، مشددا على رفضه الكامل للتدخل الأجنبي.
جاء ذلك في لقاء بديع ووفد الجنوب الليبي الموجود في القاهرة لبحث تطورات الموقف وسبل حلحلة الأزمة وتحقيق الأمن والاستقرار.
وأكد بديع دعم مصر التام والمطلق لجميع التطلعات المشروعة للشعب الليبي وممثليه.
من جانبه، طالب الوفد الليبي بضرورة إسهام مصر في حلحلة الوضع الصعب في جنوب ليبيا وتيسير حياة المواطنين هناك.
واستعرض أعضاء الوفد عددًا من المشكلات والمصاعب الحياتية التي يتعرض لها الشعب الليبي بما في ذلك أهل الجنوب من تردى للخدمات العامة من كهرباء ومياه وصحة وتعليم والآثار غير المباشرة للأزمة على حياة المواطنين وانهيار القطاع الزراعي وتوقف الإنتاج.
وأفاد مراسل الغد في القاهرة محمد الحمراوي بأن مصر بحثت مطالب وفد الجنوب الليبي، لافتا إلى أن أبناء الجنوب يطالبون بالانخراط في العملية السياسية والمسار السياسي الخاص بالشأن الليبي، وأن يكون لهم تمثيل في الاجتماعات التي تجري برعاية الأمم المتحدة مثل اجتماعات البرلمان أو الاجتماعات المتعلقة بالدستور أو الاجتماعات الخاصة بآلية اختيار السلطة التنفيذية اللليبية الجديدة.
ليس شرق ليبيا فقط
أكد مستشار منظمة ليبيا لدراسات الأمن القومي، رمزي الرميح، أن مصر تهتم بكل أقاليم ليبيا وليس الشرق فقط.
وأضاف الرميح، أن زيارة وفد الجنوب الليبي للقاهرة هدفها التأكيد على ضرورة توحيد الأقاليم الثلاث في ليبيا.
وأوضح أن الجنوب الليبي أكثر منطقة عانت بشدة في الـ10 سنوات الماضية من تهميش وتدهور أحوال اقتصادية واجتماعية.
وشدد على أن القاهرة حريصة على وحدة ليبيا وسيادتها، مؤكدا أن الجنوب الليبي مخترق من تجار المخدرات والمجرمين.
وأشار إلى أن حل الميليشيات شرط أساسي لنجاح أي مفاوضات سياسية وعسكرية لحل الأزمة الليبية.
تركيا والحرب
على النقيض تبذل تركيا كل جهدها لعسكرة الأزمة الليبية وضمان مكاسبها المادية والاقتصادية من الثروات الليبية مستغلة الفوضى، حيث أقر البرلمان التركي، اليوم الثلاثاء، مذكرة تقدمت بها الرئاسة لتمديد مهام القوات التركية في ليبيا.
وتم التصويت بنعم بدعم أعضاء البرلمان من حزب العدالة والتنمية الحاكم، وحزب الحركة القومية المتحالف معه، فيما رفضته أحزاب المعارضة.
وكانت الرئاسة التركية قدمت قبل 10أيام مذكرة إلى رئاسة البرلمان لتمديد مهام القوات المسلحة في ليبيا لمدة 18شهرا إضافيا.
وتم التصويت بنعم بدعم أعضاء البرلمان من حزب العدالة والتنمية الحاكم، وحزب الحركة القومية المتحالف معه، فيما رفضته أحزاب المعارضة.
تاريخ من الإرهاب
الدور التركي في ليبيا يتلخص في مرتزقة وميليشيات، وتبلور التدخل التركي في نوفمبر 2019 تم توقيع مذكرتي تفاهم -ترسيم مناطق الصلاحية البحرية والوضع العسكري والأمني- وكانت تركيا وضعت أقدامها في ليبيا في 27 من نوفمبر لعام 2019.
ووقع أردوغان ورئيس حكومة الوفاق مذكرتي تفاهم الأولى تتعلق بترسيم مناطق الصلاحية البحرية، والثانية تتعلق بالوضع العسكري والأمني، حيث تدعم أنقرة حكومة السراج في مواجهة البرلمان والجيش الليبي، عن طريق إرسال آلاف المرتزقة ومستشارين عسكريين وطائرات من دون طيار.
وعلى مدار هذه الفترة أرسلت تركيا، آلاف المرتزقة السوريين إلى ليبيا فضلا عن مستشارين عسكريين وطائرات من دون طيار، و12 طائرة إف-16.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فألمحت مصادر أمريكية وأممية إلى اعتزام تركيا إرسال مقاتلات “إف 16” إلى قاعدة “الوطية” الليبية بعدما فرضت أنقرة سيطرتها عليها في مايو الماضي.
وبحسب ما تسمى «بالقوة الوطنية المتحركة» التابعة لحكومة الوفاق، أرسلت تركيا 12 طائرة من طراز “إف 16” إلى إحدى القواعد التركية في ليبيا.
غزو تركي
قال الكاتب الصحفي والمحلل الليبي، حسين مفتاح، إن حكومة السراج غير معتمدة من البرلمان وغير مرغوب فيها شرعيا من قبل الشارع، مشيرا إلى خروج مظاهرات ضد ما يسميه الغزو لا التدخل التركي في ليبيا، إذ تجاورت أنقرة مرحلة التدخل إلى مرحلة الغزو.
وأوضح أن الاتفاق السياسي الذي تم بين السراج وتركيا لا يعتد به إلا بعد موافقة البرلمان الليبي عليه وهو ما لم يحدث وحدث التفاف على مجلس النواب.
وألمح إلى أن ارتباط تركيا بالسراج وليس غيره يرجع إلى أن حكومة الوفاق تقودها الإخوان والمجلس الرئاسي المكون من 5 أعضاء منهم عضو بارز في جماعة الإخوان وهو ما يجعلهم مرتبطين بأنقرة بشكل مباشر .
وأشار إلى أن حكومة السراج تعتمد في وجودها على العامل الخارجي وعندما رأت حكومته أنها سوف تخسر الجولة أمام الجيش الليبي اضطرت إلى الاستعانة بتركيا.
لاعب جديد يغادر
بعدما استعدت الساحة الليبية لاستقبال لاعب جديد وهو الدبلوماسي البلغاري نيكولاي ملادينوف إلا أنه قدم اعتذار للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأنّه لن يتمكّن من تولّي منصب المبعوث الأممي إلى ليبيا العام المقبل، بحسب ما قال متحدّث باسم المنظّمة الدوليّة.
وأبلغ ملادينوف جوتيريش بأنّه سيستقيل من الأمم المتحدة عندما تنتهي وظيفته الحاليّة في 31 كانون الأول/ديسمبر، بحسب ما قال المتحدّث باسم المنظّمة ستيفان دوجاريك.
وأوضح دوجاريك، أنّ “ملادينوف أبلغ الأمين العام في رسالة، بأنّه اتّخذ هذا القرار لأسباب شخصيّة وعائليّة”، مضيفًا أنّ الأمم المتحدة تبحث عن مرشّحين محتملين”، لكنّ المبعوثة بالإنابة ستيفاني ويليامز ستبقى في المنصب في الوقت الحالي.
