الأزمة على طريق مسدود.. اللبنانيون سحبوا الاعتراف بالطبقة السياسية

السؤال الكبير المطروح داخل الدوائر السياسية في بيروت: إلى أين يتجه لبنان؟ وما هي السيناريوهات المتوقعة؟ سؤال على هامش فعاليات الانتفاضة الشعبية اللبنانية التي دخلت شهرها الثاني بسحب الاعتراف بالطبقة السياسية، والتي فقدت بدورها «الكيمياء السياسية» فيما بينها، وقد تجلت مظاهر هذه الحالة في الاحتفال الهزيل بذكرى عيد الاستقلاق ـ بوم الجمعة ـ الذي نظَّمته بقايا سلطة لا يجمعُها مبدأٌ ولا تتفِّقُ على رؤية، بل تفقد مع مرور كل يوم ما تبقى من مبرِّرات لوجودها، وفي المقابل كان  الاحتفال الحقيقي الذي نظمه الشعب ـ «لبنان الناس» أو «لبنان الأول» ـ داخل الساحات والميادين العامة، والذين سحبوا اعترافهم بطبقة سياسية أمعنت في المتاجرة بهم، بحسب تعبير المحلل السياسي اللبناني إياد أبو شقر، والذي يرى ان هناك عاملين اثنين. ساهما في محافظة الانتفاضة الشعبية على زخمها و قوة دفعها:

  • العامل الأول، هو سوء تصرّف أهل السلطة ومواقفهم ومواقف وتصرّفات أتباعهم الاستفزازية.
  • والعامل الثاني، إحجام الجيش – حتى تاريخه، لعدة أسباب موضوعية ـ عن القمع العنيف المباشر على الطريقتين السورية والعراقية.

خيارات  ضرب الانتفاضة

ويرى «أبو شقرا»، إذا كان هذان العاملان، مهمّين جداً بالنسبة للثورة الشعبية اللبنانية فإنه لم يعد أمام السلطة ـ بحسب تقديرات الدوائر السياسية اللبنانية ـ سوى  خيارات  ضرب الانتفاضة، سواءً عبر تهم «العمالة للخارج» والتخوين الممنهج، أو رفض بدء المشاورات النيابية المُلزمة من أجل تشكيل حكومة جديدة، أو الانقلاب الفعلي على روح «اتفاق الطائف» الذي بات جزءاً من الدستور، أو الرهان على عامل الوقت لإنهاك أو إجهاض نبض الانتفاضة.. لكن «الحراك الشعبي» أسقط كل الرهانات، على أن عامل الوقت سيؤدي حتماً إلى إطفاء شعلة الانتفاضة التي تشغل حالياً معظم الساحات على امتداد الوطن.

 

  • ويرى مراقبون في بيروت، إذا كانت أوراق التلاعب والدسّ والتطويق وزرع العملاء، قد سقطت من يد السلطة، إلا أن خطر حرف الانتفاضة عن مسارها النقي احتمال يظل قائماً، طالما ظل موقف السلطة برموزها العلنية وقواها المستترة، كما هو، وهذا واقع يجب أن يظل في البالن فضلا عن خطر الغلو في أي مطلب والمزايدة في أي شعار موجود، مما يستغلُّه أولئك الطامعون بجرّ المنتفضين إلى معاركهم وأزقتهم.

«الحكومة الجديدة» ستارة لتعويم «الحكومة المستقيلة»

ونفى مصدر وزاري، في تصريحات لصحيفة اللواء اللبنانية، صحة ما  يردده البعض حول تمكّن فرنسا من تسجيل خرق دولي لصالح لبنان، ودعا إلى الكف عن المكابرة والهروب إلى الأمام لأن الاتصالات الدولية لم تحقق حتى الساعة أي تقدم يؤسس للانتقال بلبنان إلى مرحلة سياسية جديدة تفتح الباب أمام الولوج إلى مخارج للأزمة..وقال  المصدر الوزاري، إن المجتمع الدولي لا يحبّذ أن تكون «الحكومة الجديدة» بمثابة ستارة لتعويم «الحكومة المستقيلة»، لأن «الحراك الشعبي» سيكون بالمرصاد لمن يصر على تعويم الحكومة السابقة، وهو يتمتع الآن بتأييد شعبي ليس عابراً للطوائف فحسب، وإنما لقدرته على تسجيل خروق كبيرة في الأحزاب والتيارات التقليدية التي باتت محرجة أمام جمهورها ومحازبيها الذين افترقوا عنها وتوزّعوا على الساحات.


السيناريوهات المحتملة على مسار لبنان إلى أين ؟! 

وبينما تنشغل الحركة السياسية بمسألة «التكليف والتأليف» الحكوميين، في ظل «غربة السياسيين» عما يدور في الشارع اللبناني، و«الغربة» عن تفاقم الأزمة الاقتصادية – المعيشية.. بقي التساؤل الكبير عن السيناريوهات المحتملة على مسار لبنان إلى أين ؟! ويرى الباحث والمحلل السياسي اللبناني، حسام عيتاني،  أن السيناريوهات لن تتجاوز:

 

  • استمرار حال المراوحة من دون تكليف: يستخدم فريق الرئيس ميشال عون الثغرة الدستورية التي لا تُلزم رئيس الجمهورية بمدة زمنية محددة للبدء بالاستشارات الملزمة، للسعي إلى توسيع خياراته من بين الأسماء المرشحة للتكليف، ولإظهار إمساكه بمفاصل الدولة والحكم والحفاظ على «هيبة» التيار العوني ورئيسه في مواجهة الشارع ولمنع تفكك آليات السيطرة على الإدارة العامة.

 

  • والسيناريو الثاني، تكليف الحريري بتشكيل حكومة مستقلين: ويمثل هذا السيناريو «النقطة الحرجة» ـ إذا جاز التعبير ـ بالنسبة إلى الانتفاضة، ذاك أنه يصعب الحفاظ على تعاطف قسم من الطائفة السنية مع الانتفاضة في حال سقط هذا التكليف في الشارع..ويطرح تكليف الحريري تشكيل حكومة مستقلين أسئلة أكثر مما يجيب عن تلك الموجودة: كيف تحدد الخطوط العريضة للسياسات الاقتصادية وما الخطة الإنقاذية للوضع برمته؟ كيف ستكون موازين القوى في حال أصر أصحاب المصارف على رفض المساهمة في تحمل أعباء العلاج؟ ما موقف لبنان من سياسة المحاور الإقليمية، وكيف ستدار العلاقة مع المؤسسات النقدية الدولية التي قد تقترح إجراءات ذات طبيعة سيادية؟ والأهم هل تستطيع هذه الحكومة الخروج من المحاصصة والزبائنية وفكرة «الدولة ـ الغنيمة» التي تكرست على مدى عقود؟

 

  • التصور الثالث.. حكومة مستقلين من دون الحريري: وتنسجم هذه الحكومة مع مطالب الثورة بإبعاد أي حكومة مقبلة عن المنظومة السياسية ـ الطائفية الفاسدة. بيد أن انسجامها هذا هو بالضبط ما يجعل تشكيلها المهمة الأصعب في ظل موازين القوى الحالية. فممارسة أحزاب السلطة لرقابتها عليها ستكون معقدة ما يترك مجالاً لتفلت المستقلين من إملاءات السياسيين التقليديين. وهو ما لن تتساهل به الجماعة الحاكمة. من جهة أخرى، ستكون مسألة التوازنات داخل حكومة مستقلين مسألة غامضة وخاضعة لعوامل ومعطيات جديدة. فمَن الذي سيشكّل الثلث المعطَل؟ وما الخطوط الفاصلة بين الوزراء؟ هل هي مدارسهم الاقتصادية ورؤاهم المختلفة للحلول أم انتماءاتهم الطائفية وانحيازاتهم السياسية المضمَرة؟ ولا بد من التساؤل أيضاً عن مستوى الدعم الدولي الذي ستحظى به حكومة المستقلين وقدرتها على إقناع المجتمع الدولي والبلدان العربية بجودتها وقدرتها على اجتراح تغيير حقيقي في المسار الاقتصادي والقضائي، والبدء بالإصلاحات السياسية.
  • التصور الرابع.. سيناريوحكومة تكنو ـ سياسية برئاسة الحريري: ويقدم حزب الله وأنصاره، هذه الحكومة على أنها المخرج المثالي بل الوحيد من الانسداد الراهن.. وهذا التصور الذي يروجون له، ينطوي على مزيج من ممثلي أحزاب السلطة (باستثناء القوات اللبنانية  وربما من دون نواب الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي يتزعمه وليد جنبلاط ).. محرك هذا التصور هو الرهان على «التعب» وحملات تخوين الانتفاضة وتحطيم صورتها ومعانيها وإلصاق بعض الانتهازيين بها كممثلين عنها وصانعين لها.

 

وهكذا يبقى لبنان رهين التصورات والسيناريوهات المحتملة.. بينما الانتفاضة الشعبية تراهن على إزاحة النظام السياسي والنخبة السياسية دون استثناء.. من أجل إعادة تأسيس قواعد الجمهورية الثالثة.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]