الأزهر يرفض «مقترح» تعديل قانون المواريث في مصر
سادت حالة من الجدل في الشارع المصري، بعدما أعلنت النائبة غادة صقر، عن عزمها التقدم بمشروع قانون لتعديل قانون المواريث رقم 77 لعام 1943، الذي يتضمن منح الزوجة جزءًا من ثروة زوجها عند الطلاق بنسبة معينة بحسب مدة زواجه، فضلا عن توزيع الميراث بالتساوي بدون تمييز.
وينص المقترح أيضا بحسب ما نشرته صحيفة الصباح المحلية، على وضع عقوبة لمن يحرم أحد الورثة الشرعيين من نصيبه الشرعي سواء ذكرًا أو أنثى، وذلك في إطار معالجة حالات الحرمان من الميراث.
ورغم عدم تقدم النائبة بهذا المقترح حتى الآن، ولم يبت فيه البرلمان، بسبب عدم انعقاده، فإن موجة الانتقادات لهذا المقترح لم تتوقف، خاصة من علماء الأزهر الشريف الذين اعتبروا أن هذا المشروع صادم لثوابت القرآن، ووصفوه بالاقتراب من حدود الله، مشددين على أن الإسلام لم يشرع المواريث وفق معايير الذكورة أو الأنوثة حيث تحكمه درجة القرابة فقط.
الشيخ نشأت زارع، إمام وخطيب بالأوقاف، قال في تصريحات له، أن قضية الميراث بين الرجل والمرأة تحكمها آيات قطعية الثبوت والدلالة راعت المصلحة والظروف والحالات الاجتماعية، مشددًا على أن المرأة لا ترث نصف الرجل في جميع الأحوال بل أحيًانا تتساوى معه، وأحيانًا ترث أكثر منه، وأحيانًا ترث وهو لا يرث، فقاعدة المواريث في الإسلام لا ترجع إلى معايير الذكورة والأنوثة، ولكن تحكمها درجة القرابة بين الوارث والموروث، فكلما اقتربت الصلة زاد النصيب من الميراث، وكلما ابتعدت الصلة قل النصيب من الميراث.
وأوضح زارع أنه ربما يصدم الكثيرون حين يعلمون أن هناك 4 حالات فقط ترث فيها المرأة نصف الرجل، وأكثر من 30 حالة ترث فيها المرأة مثل الرجل تمامًا، وهناك 10 حالات ترث فيها المرأة أكثر من الرجل، بالإضافة إلى أن هناك حالات ترث فيها المرأة ولا يرث الرجل، ومنها قوله تعالى: “يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين”، حيث جعل للمرأة أن ترث نصف الرجل.
وتابع: أما الحالات التي ترث فيها المرأة مثل الرجل، وهى كثيرة، كحالة ميراث الأم عند وجود ابن أو بنت، أو ميراث الإخوة أو الأخوات من جهة، أيضًا تتساوى المرأة مع الرجل في حالات انفراد أحدهما بالميراث، مشيرًا إلى أن القرآن خصص للمرأة الثلثين، وهي أعلى نسبة وُضعت للنساء في 4 حالات “البنتين، بنتي الابن، الأختين”، مشددًا على أن نسبة النصف لا يحصل عليها من الرجال سوى الزوج، وتعطى لأربع نساء هن البنت الواحدة وبنت الابن الواحدة والأخت الشقيقة الواحدة والأخت لأب الواحدة.
من جانبه أكد الشيخ هشام محمود الصوفي، واعظ بمجمع البحوث الإسلامية، أن المواريث أحكام قطعية الثبوت والدلالة، وأنها أحكام ثابتة، وما حكم الله به فليس لبشر كائنًا من كان أن يغيره، مشددًا على أنه لا يقدم على مثل هذه الأمور إلا من ضل في عقله ودينه.
وقال الصوفي: “إن أحكام الميراث ثابتة في الشرع، ولا مجال للاعتراض على ما حكم به الله، لا من قريب ولا من بعيد، وعلى من يحاولون بلبلة الناس في أفكارهم أن يتقوا الله؛ فإن القبر قريب واللقاء بالله حق”.
وقال الدكتور محمد الشحات الجندي عضو مجمع البحوث وأستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، أن هذا المشروع لا يمت للواقع بصلة ولن يحدث على الإطلاق، مؤكدا على رفضه القاطع لهذا المقترح لأنه يمس الثوابت الدينية.
وأضاف الشحات في تصريح لـ “الغد”: “كيف يتساوى الرجل والأنثى في الميراث، هذا الأمر مخالف لأحكام الشريعة، ولا يمكن أن يحدث، فهناك حالات كثيرة أوضحها القرآن لأحكام الميراث، ولا يمكن الخروج عليها” .
فيما قال الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف، في تصريح لـ “الغد”: “هذا الأمر مرفوض تمامًا، ولم يتجاوز الأمر حد التصريحات الإعلامية، ولم تتقدم به النائبة إلى البرلمان، ولم تناقشه اللجان، ولذلك أؤكد أنه لن يحدث على الإطلاق، فهذه الثوابت الدينية غير قابلة للتأويل أو التحريف ولا يجوز المساس بها”.
