يعيش الأسرى الفلسطينيون داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، أوضاعاً تعد هي الأصعب في تاريخ الحركة الأسيرة، حيث ترتكب مصلحة إدارة السجون جرائم وتتخذ إجراءات مخالفة للقانون الدولي الإنساني بحق هؤلاء الأسرى.
ويقول مختصون في شؤون الأسرى، إن الاحتلال يستغل غياب المحاسبة والمساءلة الدولية، الأمر الذي شجعه في التمادي بانتهاكاته بحق الأسرى، حيث تعتبر “إسرائيل” نفسها دولة فوق القانون ولا يمكن لأحد “محاسبتها أو محاكمتها أو الرقابة على جرائمها”.
وتشير إحصائية رسمية حصلت عليها “الغد”، إلى أن الاحتلال يعتقل في سجونه زهاء (6500 أسيرا)، منهم (300 طفلا)، و(62 أسيرة)، و(12 نائب)، و وزيرين سابقين، و(500 أسيرا ) إداريا، و(1800 أسيرا) يعانون من أمراض مختلفة، و(44 أسيرا) مضى على اعتقالهم أكثر من 20 عاما، من بينهم 9 أسرى مضى على اعتقالهم اكثر من 30 عاما، و (28 صحفيا).
ويشتكي الأسرى داخل سجون الاحتلال من الاهمال الطبي واستمرار الاقتحامات لأقسام السجون والاعتداءات المتكررة واستخدام القوة المفرطة والعزل الانفرادي والمضايقات على الحياة الداخلية، ومنعهم من التواصل مع ذويهم، فيما يحظر على الكثيرين من ذوي الأسرى رؤية أبنائهم بحجة “المنع الأمني”، علاوة على حرمان الأطفال من رؤية آبائهم، وحرمان الأسرى من التعليم، ومنعهم من تلقي العلاج بشكل منتظم، وفرض الغرامات المالية على الأسرى الأطفال، وإصدار أحكام وقوانين قاسية وخطيرة بحقهم، وجميعها مخالفة للقانون الدولي، كما شرح عبد الناصر فروانة مدير وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون اﻷسرى الفلسطينية.
ويصف فروانة في حديثه مع “الغد”، الظروف الحياتية والإنسانية للأسرى داخل السجون بأنها “صعبة” وتمس كرامتهم، مشيراً إلى أن كل تلك الإجراءات والانتهاكات دفعت الأسرى لاتخاذ قرار خوض الإضراب عن الطعام في 17/ نيسان من الشهر الجاري.
تحرك فلسطيني متواضع
ويشير فروانة إلى الجهود التي بذلت وتبذل من قبل القيادة الفلسطينية السياسية والشعبية لدعم و إسناد قضية الأسرى وإبرازها، وذلك من خلال توثيق الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى، وعرضها أمام المؤسسات الدولية والأمم المتحدة، والوفود الاجنبية، وأمام المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية والمؤسسات العربية، مطالباً المؤسسات الدولية بتحمل مسؤوليتها تجاه ما يتعرض له الأسرى من جرائم داخل سجون الاحتلال.
ويعترف فروانة أن كل تلك الجهود التي تبذل لا زالت حتى اللحظة “متواضعة ولا ترتق إلى مكانة قضية الأسرى وكم الجرائم التي تقترف بحقهم، وبقيت انتهاكات الاحتلال مستمرة والاعتقالات تتزايد بشكل خطير، مقارنة مع الأعوام السابقة”.
ويوضح أن “الجهود التي تبذل بحاجة إلى عملية تحشيد وتعبئة الرأي العام المحلي والدولي والإتفاق على رؤية موحدة لدعم الأسرى تتضمن خطوات محددة بهدف الضغط على المؤسسات الدولية لاتخاذ خطوات أكثر جدية تجاه ما يقترفه الاحتلال بحق الأسرى
ويدعو فروانة المؤسسات الحقوقية ومحكمة الجنايات الدولية ومنظمة الصحة الدولية للتدخل العاجل لإنقاذ الأسرى وفتح تحقيق جدي في الجرائم التي يقترفها الاحتلال بحقهم.
ويرى المسؤول أن غياب المحاسبة والمسائلة الدولية هو ما شجّع الاحتلال في التمادي بانتهاكاتها بحق الأسرى والإمعان في انتهاكاته.
ويقول فروانة إن “المطلوب فلسطينيا تفعيل قضية الأسرى في ظل تقاعس بعض المؤسسات الدولية وفشل مؤسسات أخرى في إلزام إسرائيل باحترام المواثيق الدولية”.
الخيار الصعب
وفيما يتعلق بالإضراب الذي أعلن الأسرى عن الخوض فيه، يقول فروانة إن “لجوء الأسرى لهذا الخيار الأصعب والأخطر رغم عنهم، للدفاع عن كرامتهم وانتزاع حقوقهم التي حرمهم إياها الاحتلال”.
ويضيف “هذا خيار قاسي ومؤلم رغم إدراكهم المسبق أن القرار قد يدفع بهم للأذى ويدهور أوضاعهم الصحية، لكنهم مرغمون على خوض هذه الخطوة في ظل فشل كل الخطوات الأخرى إن كانت داخل السجون أو خارجها التي لم تنجح حتى اللحظة في وضع حد للانتهاكات الإسرائيلية بحقهم”.
وزاد “المطلوب التحرك بشكل أكبر شعبيا لدعم هذه الخطوات وعدم ترك الأسرى وحدهم يقرعون جدران الخزان، خاصة وان الكل مقتنع بأن العامل الخارجي المتمثل بالتحرك الشعبي وعلى المستوى الدولي وفي مستوياته المختلفة عامل مساعد ومهم وحاسم في تحقيق انتصارهم ونصرتهم”.
