وكأن قدر الأطفال الفلسطينيين، أن يكونوا دوماً في دائرة استهداف قناصة الاحتلال على حدود قطاع غزة الشرقية، حيث يواصل جنود الاحتلال هوايتهم المفضلة في قتل الأطفال الفلسطينيين الأبرياء، رغم مطالبات دولية وأممية مستمرة بوقف سياسة استهداف المدنيين على الحدود الشرقية للقطاع.
عويضة وأيوب
في الجمعة الخامسة من مسيرات العودة كان الطفل عزام هلال عويضة (14 عاماً)، من سكان مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، الضحية الجديدة لمسلسل استهداف الطفولة المحاصرة والمثقلة بالهموم والأعباء، حيث انتزع الاحتلال وقناصته حياة الطفل عويضة على الحدود الشرقية والذي كان قد تناول لتوه تناول طعام الغداء قبل أن يحمل طائرته الورقية للعب واللهو على مقربة من تلك الحدود.
وأطلق قناص إسرائيلي النار على عويضة قبل أن يمارس حقه في اللعب أسوة بأطفال العالم. تقول عائلته، “عزام طفل صغير لا يشكل خطرا على قوات الاحتلال المدججة بالسلاح على الحدود”، لتتساءل بعدها: “ما ذنب طفل بريء ليرحل عن الحياة بالرصاص؟”.
وتنوي عائلة طفل آخر هو الشهيد محمد أيوب الذي بالكاد طوى عامه الخامس عشر رفع دعوة ومقاضاة دولة الاحتلال ورئيس حكومتها بنيامين نتنياهو لقتل طفلها الذي قالت إنه كان أعزلا ولم يشارك في أي مواجهات أو يحمل سلاحاً.
تبرير القتل..
وتمعن قوات الاحتلال في مواصلة سياسة القتل واستهداف الأطفال الفلسطينيين رغم إدراكها المسبق على أن هؤلاء الأطفال لم يشكلوا خطراً، وبحسب قائد المنطقة الجنوبية السابق في جيش الاحتلال، تسفيكا فوجل فإن قتل أي أحد من المتظاهرين عند حدود غزة “لا يعد عفويًا أو عابرًا”، وإنه غير مضطر للاعتذار عن قتل أي من الأطفال الفلسطينيين على حدود غزة.
وأضاف : “لا يتم النظر إلى عمر من يطلق عليه الرصاص أو جيله الزمني، ولا شيء عفوي. بدت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي وكأنها تمنح الاحتلال تبريراً لاستهداف الأطفال وقتلهم، واتهمت حركة حماس باستخدام الأطفال “دروعا بشرية”، وذلك على هامش جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي الخميس الماضي لمناقشة الأوضاع في غزة.
وجاء ذلك رغم توالي فصول الدعوات والتنديدات والمطالبات بوقف استهداف المدنيين وخصوصاً الأطفال في مسيرة العودة السلمية التي تقام على الحدود الشرقية لقطاع غزة لم يمنع جيش الاحتلال من ممارسة هواية القتل المفضلة لديه، حيث استشهد أربعة أطفال منذ انطلاق مسيرات العودة في الثلاثين من الشهر الماضي، إلى جانب إصابة (665) طفل ومنهم من تعرض لإعاقة دائمة.
وقال مدير عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” في غزة ماتياس شمالي، على أنه “يجب ألا يكون أطفال غزة أهدافاً” لجيش الاحتلال، في حين أقرت الأمم المتحدة أن إسرائيل تجاهلت التحذيرات بشأن استخدام القوة المميتة ضد الفلسطينيين”، ووجهت انتقادات حادة إلى “إسرائيل” على إثر استخدامها القوة المميتة ضد المواطنين في قطاع غزة.
وتطالب مراكز حقوقية، المدعية العامة لـلمحكمة الجنائية الدولية، إلى فتح تحقيق رسمي في الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، وصولا إلى ملاحقة ومحاسبة كل من تورط في إصدار القرارات في جيش الاحتلال على المستويين السياسي والأمني ومن نفذها .
جرائم حرب
ويؤكد منسق اللجنة الوطنية في الهيئة العليا لمسيرة العودة صلاح عبد العاطي في حديث لموقع “الغد” أن الاحتلال يحاول إيقاع أكبر قدر ممكن من الخسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين وفي مقدمتهم الأطفال ضارباً بعرض الحائط كل المواثيق والأعراف الدولية التي تتحدث عن حماية المدنيين، مشيراً إلى أن ما يمارسه الاحتلال يمثل جرائم حرب تتطلب ملاحقته ومحاكمته عليها.
وأرجع عبد العاطي إصرار الاحتلال وإمعانه في استهداف الأطفال وممارسة سياسة القتل ضدهم إلى عدم وجود رادع وبالتالي فقد أمن جيش الاحتلال العقاب، وبالتالي هو يمعن في هذه السياسة، مطالباً المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته في حماية الأطفال والمدنيين العزل، وأشار على أن بقاء هذا الحال يكرس واقع بان الاحتلال غير مكثرث ولا يلقي بالاً لكافة الانتقادات والتنديدات الدولية وحتى تلك المطالبة بتشكيل لجان تحقيق.
وأشار عبد العاطي إلى أن هناك تعليمات بالقتل وممارسة هذه السياسة من قبل مستويات عليا في دولة الاحتلال, فهناك اعترافات ومقاطع فيديو ومشاهد تؤكد على ذلك وهو ما يعني تحلل هذه الدولة وقادتها من كل الالتزامات الدولية المتعلقة بالأعراف والمواثيق التي تصون حق الإنسان في الحياة ونضاله السلمي.
وكشف عبد العاطي النقاب عن بلاغات ومراسلات وشكاوي وجهت إلى الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان بهذا الخصوص مطالباً بتحرك دولي جاد لا تتوقف عند حد وقف هذه السياسة الإجرامية بل ملاحقة مرتكبيها ومحاسبتهم على جرائمهم وذلك من خلال إحالة ملفات جرائم الاحتلال إلى محكمة الجنايات الدولية عملاً بالمادة “14” وان هناك مسؤولية ملقاة على عاتق السلطة الفلسطينية بهذا الخصوص للقيام بالدور المنوط بها في عقد جلسة لمجلس حقوق الإنسان والدفع باتجاه لجنة تقصي حقائق توقف جرائم الاحتلال هذه، وبدون ذلك سيمعن في استهدافه للأطفال وسيرى في حالة العجز الدولي التي لم تتعدد التنديدات والمطالبات ضوءاً أخضر لارتكاب المزيد من سياسة قتل الأطفال والمدنيين العزل عموماً.
