الأمراض النفسية تتفاقم في غزة.. والسبب: الحصار الإسرائيلي
يعصف بنفسية الفلسطينيين في غزة
تسبب الحصار الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ 13 عاما في زيادة الأمراض النفسية والاجتماعية لدى كثير من الفلسطينيين، نتيجة انتشار البطالة، وعدم الحصول على فرص عمل مناسبة لهم، وتردي أوضاعهم الاقتصادية.
و خلال السنوات الماضية لم يكن قطاع غزة معرضا للحصار فقط، بل حاز على أعلى نسبة بطالة في العالم بين الشباب والخريجين تجاوزت 55% وارتفعت حالات الفقر في غزة لـ85%، الأمر الذي ألقى بظلاله على وجود اضطرابات نفسية وحالة من الاكتئاب لدى هؤلاء الشباب.
فقر وضغط نفسي
ويقول الخريج محمد الشيخ خليل 30 عاما ” تخرجت منذ 5 سنوات من الجامعة، ولا أجد عملا، والظروف الحياتية صعبة جدا، خاصة أن أسرتي عددها كبير وأبي لا يعمل، وهذا تسبب لي بضغط نفسي كبير وحالة من الاكتئاب الشديدة التي دفعتني للذهاب لمركز نفسي للاستشارة في محاولة للهرب من هذا الواقع المؤلم”.
ولم يكن واقع الشاب الشيخ خليل، بعيدا عن حالة الفلسطينية ريهام عبد الجواد 35 عاما، والتي تعرض ابنها عبد العزيز 9 سنوات لحالة من الخوف والصدمة الشديد، وتقول “منذ الحرب الأخيرة ، وبعد قصف أحد المنازل بجوارنا، تغير وضع عبد العزيز، فأصبح يصرخ دائما، يستيقظ من النوم وهو خائف ويقول” قصف، قصف” وفي بعض الأحيان هناك تقطيع و تأتأة في كلامة”.
وتضيف في حديثها لموقع قناة الغد “ذهبت به لأحد المراكز العلاجية في جمعية الهلال الأحمر بخان يونس أخبروني أن حالة ابني تحتاج لوقت للعلاج بسبب حالة الخوف و الصدمة الشديدة التي تعرض لها بسبب القصف الإسرائيلي”.
أما الموظف محمد فلفل 45 عاما، وهو أب لأسرة تتكون من 6 أفراد يقول “نحن نعيش ظروفا اقتصادية ونفسية صعبة جدا، لدينا خوف و رعب وقلق من هذه الحياة، لا شيء بها مستقر، كل الظروف أثرت علينا و أصبح لدينا صدمة كبيرة من الظروف المحيطة بنا، وهذا أثر على أعصابنا وأصبحنا نعيش الكثير من المشاكل والضغط النفسي الكبير “.
حياة صادمة
وذكر خبراء ومختصون في مجال الصحة النفسية، في أحاديث منفصلة لموقع قناة الغد، أن هذا الضغط أدى لارتفاع الحالات النفسية التي يعاني منها الفلسطينيون جراء جرائم الاحتلال الأمر الذي ظهر جليا في الصدمات النفسية وظهور أعراض ما بعد الصدمة النفسية لاسيما لدى الأطفال والنساء وكبار السن.
وذكر د. سامي عوضية أخصائي الطب النفسي في مستشفى الصحة النفسية بقطاع غزة، أن معاناة الفلسطينيين بقطاع غزة، بسبب الضغط النفسي أثرت على حياتهم في كافة المجالات المجتمعية والصحية، وما تعرض له قطاع غزة من حروب متواصلة تركت آثاراً نفسية كبيرة، بعضها يتعلق بالأحداث الصادمة وبعضها يتعلق بخسارة الممتلكات واستشهاد الأقارب، وغيرها الصدمات الأخرى.
وتابع حديثه، قائلا إن “الانقسام والحصار والاحتلال والقصف، كلها عوامل أثرت على الأوضاع النفسية للمواطنين، والتي بدورها أثرت على حياتهم الاقتصادية”.
الواقع النفسي للمجتمع
من جهته قال الدكتور محمود ضاهر مدير مكتب الصحة العالمية في قطاع غزة “كلما زادت صعوبة الحياة زادت الأوضاع الأمنية اضطرابا، في قطاع غزة هناك المئات من المواطنين أصيبوا باضطرابات نفسية نتيجة الأحداث والتعقيدات التي يعيشها السكان في قطاع غزة”.
وأوضح ضاهر، أنه في السنة الأخيرة هناك أكثر من 30 ألف أصيبوا في الأحداث بالقرب من السياج الفاصل لحدود قطاع غزة، وهذا أثر عليهم نفسيا هناك حالات من البتر لأطراف، وكذلك هناك إصابات في صفوف الأطفال كل ذلك أثر على المحيط والواقع النفسي للمجتمع .
وأضاف، “في كل نزاع هناك أناس يصابون بمشاكل نفسية تقدر من 5 – 10 % بسبب النزاعات، هذا ما قدرناه في قطاع غزة، ونجد أن فرد من بين كل عشرة أفراد يصابون بمشاكل نفسية معرضة للزيادة بسبب صعوبة الحياة وازدياد الوضع الأمني بسبب القصف و الحروب”.
وذكرت منظمة الصحة العالمية، أن الصحة النفسية للفلسطينيين تتأثر جراء التعرض للعنف وظروف الاحتلال المزمن، حيث يشكل اعتلال الصحة النفسية أحد أهم التحديات التي تواجه الصحة العمومية، ويمكن أن يتعرض أكثر من نصف الأطفال المتضررين من الاعتداءات الإسرائيلية في قطاع غزة لاضطراب الإجهاد التالي للصدمات، موضحة أن حوالي 210 ألف مواطن يعانون من اضطرابات صحية نفسية وخيمة أو متوسطة في قطاع غزة.
