«الأمن الاجتماعي» فوق فوهة بركان في لبنان
مع اشتداد الأزمة الاقتصاديّة والمعيشيّة في لبنان، توجّه المواطنون إلى الطرقات منذ الأمس تعبيراً عن غضبهم وامتعاضهم من الأوضاع التي آلت إليها البلاد وسط غياب السّلطة، ممّا دفع بالمحتجين إلى قطع طرقات عدّة منذ الصبح الباكر في مختلف المناطق.
وترى الدوائر السياسية والإعلامية في بيروت، أن الأمن الاجتماعي، فوق فوهة بركان، مع توقعات «جنوح الوضع في لبنان إلى الفوضى عاجلاً أم آجلاً».
حراك «الانفجار الشعبي»
لقد بدأ حراك «الانفجار الشعبي»، مما ينذر بتداعيات «خطيرة جدا»، بحسب تقديرات المحلل السياسي اللبنانين زهير الماجد، مؤكدا للغد، أن المخاض الخطير في لبنان يضع الوطن بين احتمالين إما تشكيل «حكومة انقاذ» في أسرع وقت ممكن، والتنازل عن «ممحاكات» و«معوّقات»النخب السياسية «المدمرة لمستثبل لبنان»، وإما انفجارا شعبيا لن تستطبع قوى الأمن أو الجيش الاحتواء اوالسيطرة عليه.
- وفي الوقت الذي تزداد معاناة الناس الغارقين في بحور أزماتهم اليومية الحياتية والاجتماعية، ومع عودة الاحتجاجات الشعبية وبقوة إلى الشارع..تعج محطات المحروقات بطوابير السيارات، في مشهد لم يشهده لبنان حتى في عز الحرب الأهلية،
الحراك الشعبي خرج عن المألوف في الشارع
ويشير مراقبون في بيروت، إلى أن مؤشرات الانفجار الشعبي قد بدأت بالفعل، وبحسب تقرير صحيفة اللواء اللبنانية، فإن «النزال» قد احتدم على نحو خطير في الساعات الماضية بين الارتفاع الغامض، والهستيري، لسعر صرف الدولار، بحيث التهم الأخضر واليابس، وصار حديث الصغار والكبار على مشارف الـ20 ألف ليرة لكل دولار، والحراك الشعبي خرج عن المألوف، في الشارع، وتوجه إلى المؤسسات، تكسيراً وتحطيماً، مما أدى إلى اشتباكات مع القوى الأمنية، لا سيما في طرابلس، حيث اصيب عسكريون من الجيش اللبناني، لوقف الإشكالات، التي كادت ان تتحوّل أهلية، ودامية، وسط تأزم سياسي، وهو الأول من نوعه خلال السنوات الـ14 الماضية، وضمن انقسام أهلي، طائفي، بين المعنيين بالمبادرات أو تشكيل الحكومة.
لن يقوى أحد على التصدي لصرخة الجائعين
وبات واضحا ..أنه لن يكون من السهل بعد الآن وضع حد لانفلات الشارع في مواجهة الطبقة السياسية، كما أنه سيكون متعذراً على القوى العسكرية والأمنية وضع حد لما قد ينجم عن تصعيد حركة الاحتجاجات الشعبية المتوقع في الأيام المقبلة، بحسب تعبير المحلل السياسي اللبناني، عمر البردان، لأن أحداً لن يقوى على التصدي لصرخة الجائعين والمذلولين على الطرقات وأمام محطات الوقود، في وقت يعاني العسكري ورجل الأمن الأمرين جراء تدني القيمة الشرائية للرواتب، في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها اللبنانيون.
الأمن الاجتماعي في أعلى درجات الخطورة
وتؤكد مصادر سياسية، لصحيفة اللواء اللبنانية، أن «مماحكات أهل السلطة الذين يتقاتلون لتحصين حصصهم، تدفع الوضع الداخلي إلى الانفجار عاجلاً أم آجلاً، بعد انهيار المنظومة المالية والصحية، حيث بات الأمن الاجتماعي والحياتي في أعلى درجات الخطورة، بدليل فقدان غالبية المواد والسلع الغذائية التي رفع الدعم عنها، في وقت بدأت صرخات المستشفيات والقطاع الصيدلي تتعالى، منذرة بالأسوأ وما يمكن أن تركه من تداعيات على صحة اللبنانيين الذين فقدوا أدنى إحساس بالعيش الكريم الذي يتمناه كل مواطن».
- وهذا كفيل برأي المصادر، أن «يجر الأمور على الأرض إلى مزيد من الاحتقان، على طريق الانفجار الكبير الذي لم يعد بعيداً. وعندها لن يقوى أحد على الوقوف في وجه الناس الغاضبة التي ستتجاوز كل الخطوط الحمر، وتدفع الوضع إلى ثورة جارفة ستأخذ الجميع في طريقها».
الخيار المرجح.. لن يتم تشكيل حكومة في المدى المنظور
ومع ترقب الانفجار الشعبي، فإن التحركات على خط تشكيل الحكومة الجديدة، ليس بجديد، بل يعد فصلاً جديدًا من فصول «مسرحية» التشكيل المستمرّة منذ شهر اكتوبر/ تشرين الأول الماضي.. ومع وصول الأزمة الحكومية إلى الحائط المسدود، لم يعد أحد يرتجي خيراً من كل المساعي التي تريد فتح ثغرة في الجدار، وباتت هناك قناعة بأن المعنيين بالملف الحكومي لن يتوصلوا إلى تجاوز العقد التي تعترض الولادة الحكومية، وبالتالي فإن الخيار المرجح ألا يصار إلى تشكيل حكومة في المدى المنظور، وهذا سيأخذ لبنان إلى مزيد من التفلت على كل المستويات، دون أن يلتفت إليه أحد، وهذا أخطر ما في هذا الوضع المعقد الذي يواجهه البلد!
دعوة الى اعلان العصيان المدني الشامل
قال رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان (FENASOL)، كاسترو عبد الله ، في تصريح له اليوم الإثنين «لن نسكت بعد اليوم أمام الحاجات الضرورية لحياة المواطن والعمال وذوي الدخل المحدود وسائر الفئات الشعبية».. وأضاف : «يا عمال لبنان وكادحيه وابناء شعبنا العزيز هبوا وانتفضوا واعلنوا العصيان المدني الشامل الى شل تحركاتهم ولضرب الكارتيلات في اوكارهم وغرفهم السود. ويا أبناء انتفاضة 17 تشرين/ اكتوبر المجيدة، لقد آن الاوان لاسقاط هذه السلطة في الشارع».
صرخة البطريرك
ومن جهة أخرى، يكتسب موقف البطريرك الماروني بشارة الراعي، حول «سرقة» السلطة لأموال المواطنين من أجل تمويل انتخاباتها المقبلة، طابعاً بالغ الخطورة لجهة التوقيت، إذ إنه يأتي قبل أيام معدودة من اللقاء المسيحي الموسّع الذي دعا إليه البابا فرنسيس الأول في الفاتيكان في الأول من تموز المقبل، لبحث المسألة اللبنانية.
وتقول أوساط كنسية رفيعة، بحسب صحيفة الديار اللبنانية، إن البطريرك الراعي هدف من خلال تصعيده هذا، الى دقّ ناقوس الخطر، وتعمّد من خلال صرخته هذه، التنبيه الى دقّة وخطورة الوضع المالي، مع بدء ظهور معالم الإنهيار وتصدع الإستقرار الإجتماعي والمعيشي، وجنوح الوضع إلى الفوضى عاجلاً أم آجلاً.