الإخوان المسلمون في السودان.. قوة نافذة «من وراء الستار»

حقائق المشهد السياسي في السودان، عبر عنها سياسيون ومفكرون بلعبة «شد الحبل» مع الجيش، والتي تديرها عناصر الإخوان المسلمين من وراء الستار لتعقيد الخيوط في يد المجلس العسكري الانتقالي.. وتشير الدوائر السياسية في الخرطوم إلى القوة النافذة والمحركة لجماعة الإخوان التي سيطرت على مقاليد الحكم أكثر من ثلاثين عاما نجحت خلالها في التمكين والأخونة لأجهزة الدولة ومؤسساتها، وتلعب الآن لإجهاض مطالب الثورة حتى لا تقضي على نفوذهم وتأثيرهم على رأس القمم السياسية والاجتماعية والاقتصادية .. ويقول السياسي والباحث السوداني، عثمان الميرغني، إن السودانيين أكثر خبرة فيما تعنيه دولة «الإخوان»، من حيث الممارسة والتطبيق، وكيف أنها تمكنت خلال ثلاثين عامًا من الحكم المتلون والشرس من بناء دولتها العميقة، التي سيستغرق تفكيكها وقتًا وجهدًا وتبصرًا.

 

ميليشيات وكتائب الظل الإخوانية

وكشف الميرغني، أن السودانيين  لُدغوا من تنظيم «الإخوان» في انقلاب عام 1989، الذي راوغ بمكر لإخفاء حقيقته الإخوانية، وخدع الناس بلعبة اذهب إلى القصر رئيسًا، وأذهب أنا إلى السجن حبيسًا، التي بمقتضاها ذهب حسن الترابي إلى السجن مع بقية القيادات السياسية التي اعتقلت بعد الإطاحة بالنظام الديمقراطي، بينما ذهب عمر البشير إلى سدة الحكم رئيسًا قبل أن يكشف عن هويته الإخوانية بعد أن تمكن النظام من مقاليد السلطة، واخترق الإخوان المؤسسة العسكرية والشرطة، وفرضوا سيطرتهم على جهاز الأمن الذي سخّروه تمامًا لخدمة مصالحهم وحماية نظامهم، وحولوه إلى جهاز للبطش وإرهاب الشعب، بممارسة التعذيب في بيوت الأشباح والمقار الرسمية، ولم يكتفوا بذلك، بل أنشأوا ميليشياتهم وكتائب الظل من الدفاع الشعبي إلى الأمن الشعبي والطلابي، وقوات عقائدية موازية للقوات النظامية.. ويؤكد الميرغني، أن من مصلحة السودان، بل المنطقة كلها، أن يتمكن السودانيين من تفكيك دولة «الإخوان» العميقة، ويكشفوا كل مفاصلها، وأذرعها وامتداداتها بميليشيات الظل التي شكلتها، والشركات الواجهة التي أقامتها، وشباكها التي نشرتها في الداخل والخارج.

 

محاولة الوقيعة بين المجلس العسكري وشباب الثورة

وحذرت قوى معارضة، من دور«في الظل» تلعبه ميليشيات الظل الإخوانية وعناصر كتائبها وكوادرها داخل حشود المعتصمين أمام القيادة العامة، ودورها عبر وسائل الإعلام الإخوانية ووسائط التواصل الاجتماعي، فضلا عن تحرك شبكاتها في الداخل والخارج، لأن نجاح الثورة في تحقيق أهدافها بتطهير البلاد من سلطات النفوذ الدينية والسلطوية والمالية يعني نهاية دور الإخوان بعد ثلاثة عقود من الهيمنة، وهو ما لا تضحي به جماعة الإخوان بسهولة، ولكنها ستمارس ألاعيبها ومناوراتها، وفي المقدمة محاولة الوقيعة بين المجلس العسكري الانتقالي وبين شباب ورجال الثورة، على غرار الدور الذي لعبته الجماعة «الأم» في مصر !

التشكيل المبكر لإخوان السودان قبل 70 عاما

ويعد «إخوان السودان» من أقرب فروع الإخوان إلى «الجماعة الأم» في مصر، نظرا للجوار الجغرافي وقرب المسافة بين  دولتي وادي النيل، ونظرا للتشكيل المبكر لإخوان السودان في العام 1949  مع مجيىء وفد إخواني من مصر للسودان وعقد كثيرا من الاجتماعات لشرح فكرهم وايديولوجيتهم بقيادة جمال الدين السنهوري، وقد سبق الوفد المصري الإخواني، تأثير الطلاب السودانيين في مصر، حيث تعرف الكثير منهم على أيديولوجيا الإخوان، وعادوا ليبشروا بها في السودان، وفي شهر أبريل/ نيسان  1949 ظهر أول فرع للإخوان في السودان، وكان الطلاب الجامعيين هم الداعم  الأكبر للحركة الإخوانية في السودان، التي ضمت أكثر من مجموعة تحت مسميات مختلفة، وفي العام 1954 وبعد أن حاصرت الثورة المصرية الفكر الإخواني عقب محاولة الإخوان الفاشلة إغتيال الزعيم جمال عبد الناصر في ميدان المنشية بالإسكندرية، عقد مؤتمر سوداني، لتوحيد المجموعات تحت منظمة واحدة، تتبنى أفكار حسن البنا الأب الروحي للإخوان المسلمين.

 

أحزاب وجبهات إخوانية

وشهد تاريخ الإخوان في السودان، التنقل بين مسميات عديدة (أحزاب وجبهات)، بسبب تعرض حركات الإخوان المسلمين حول العالم إلى الهجوم والقمع من الأنظمة، وللابتعاد عن المشاكل.. مثل تأسيس «جبهة الميثاق الإسلامي»، وهو تحالف إسلامي بين الإخوان المسلمين والسلفيين والطريقة التجانية الصوفية، من أجل خوض انتخابات 1968، وهذا التحالف لم يلغ اسم الإخوان المسلمين بل كانوا جزءا منه، وفي العام 1969تم انتخاب د. الترابى أمينا عاما لجماعة الإخوان المسلمين. وخرجت قلة من الجماعة رافضة هذا الانتخاب، وكانوا يكفّرون  د. الترابى ويدعون الناس لعدم الصلاة خلفه، وهؤلاء كانوا النواة لجماعة الإخوان الحالية..وفي عهد الرئيس السوداني الأسبق، جعفر النميري، والذي كان لا يعترف بالأحزاب ويستشعرخطورتها، قام الترابي ـ وقتها ـ بحل تنظيم الإخوان المسلمين، مما جعل جماعة أخرى تظل تحمل اسم الإخوان المسلمين تتمسك بالاسم والتوجه بقيادة الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد، وهي التي يعترف بها التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.

 

حزب البشير الإخواني «المؤتمر الوطني» سيطر على مفاصل الدولة

وقام د. حسن الترابي بتشكيل الجبهة الإسلامية القومية 1986 – 1989 ولم يكن كثير من الناس يفرقون فعليا بين الإخوان المسلمين وبين حسن الترابي وفريقه، لأن حسن الترابي كان المراقب العام للجماعة لفترة مهمة، وكان أغلب تنظيم الجبهة فعليا من الإخوان المسلمين.. وفي المقابل كان هناك تنظيم إخواني آخر بزعامة الحبر يوسف نور الدايم..والجبهة التي أسسها الترابي 1986 دعمت حق المرأة في التصويت والترشح، وكانت أهداف الترابي الرئيسية هي أسلمة المجتمع وتأسيس حكم الشريعة الإسلامية في السودان،  واخترقت الجبهة الإسلامية البرلمان والحكومة والجيش والمنظمات المحلية والإقليمية ومنظمات رعاية المرأة والشباب، وقامت أيضاً بإنشاء منظمات الرعاية الخاصة بهم مثل شباب البناء، ورائدات النهضة، كما أقاموا الحملات التعليمية لأسلمة المجتمع من خلال الدولة، والسيطرة على مؤسسات إسلامية خيرية من أجل الترويج لأفكارهم..وعندما كانت الأوضاع السياسية مضطربة في السودان استطاعت الجبهة الإسلامية، بقيادة عمر حسن البشير السيطرة على مقاليد الحكم في السودان في ثورة الإنقاذ التي جاءت بإسلاميين للحكم ومن ثم تحول الاسم من الجبهة الإسلامية إلى حزب المؤتمر الوطني الذي اعتبر وعاء يضم جميع الطوائف  السودانية..وبعد أن أبعده البشير عن موقع القرار، أسس «الترابي» حزبا معارضا للحكومة باسم(المؤتمر الشعبي) في العام 1999

 

«إخوان السودان».. أقل من معارضة وأكبر من حكومة

وأصبح «إخوان السودان» أقل من معارضة وأكبر من حكومة، يسيطرون على أجهزة الدولة على المستوى التشريعي والتنفيذي والولائي والاتحادي..كان منهم وزير الثقافة، والشباب، والرياضة، والناطق الرسمي باسم حكومة ولاية البحر الأحمر، واثنين من معتمدي الرئاسة، ووزير الدولة بوزارة الرعاية الاجتماعية وشئون المرأة والطفل، ووزير ولائي، والباقون كانوا ممثلين على مستوى المجالس التشريعية، «البرلمان السوداني، والمجالس التشريعية الولائية».

 

  • ويقول مراقبون في الخرطوم، إن المجلس الانتقالي العسكري السوداني، بدا حاسماً لكشف جماعة الإخوان المسلمين التي استمرأت في جرجرة السودان نحو الهاوية السياسية والاقتصادية، منذ شكل حسن الترابي، في العام 1986، الجبهة الإسلامية القومية، وعمل على أن تخترق الجبهة أجهزة وهيئات ومؤسسات الدولة السياسية والأمنية ، فما عاد الشعب السوداني يميز بين تلك الجبهة وإخوان حسن البنا.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]