الإنتخابات الفلسطينية بين جاهزية حماس واستعداد فتح
قبول حركة حماس الموافقة على إجراء الانتخابات العامة بشكل متتابع شكّل خطوة مفاجئة للنخب والأوساط السياسية الفلسطينية، التي لطالما وضعت حماس شرط الانتخابات المتزامنة ” رئاسية، تشريعية، مجلس وطني” كشرط لإجراء الإنتخابات العامة .
هذا القبول ردت عليه حركة فتح بالقول بإنها مستعدة هي الأخرى للانتخابات وإن قرار الانتخابات الذي أعلنه الرئيس الفلسطيني محمود عباس لا رجعة عنه، وهو مدخل أساسي ورئيسي لإنهاء حالة الانقسام، أملة في أن يكون موقف حماس حقيقي وجاد وليس من باب المناورة الإعلامية.
وعلى الرغم من التجارب المريرة التي استمرت لسنوات طويلة من عمر الإنقسام الفلسطيني، إلا أن هذه المرة تبدو دعوة الرئيس محمود عباس لاجراء الانتخابات تلقى قبولاً واسعا في الشارع الفلسطيني، خاصة في ظل تأكل المؤسسات الفلسطينية الرئيسية وانتهاء صلاحياتها القانونية .
جاهزية للانتخابات
وأعلنت حركة حماس على لسان رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية، أمس الاثنين، موافقتها الصريحة وجهوزيتها الكاملة للدخول في الانتخابات المقرر إجراؤها، واستعدادها لبذل الجهود وإنجاح العملية الانتخابية المقبلة.
وأبلغت حماس لجنة الانتخابات المركزية والفصائل الفلسطينية جهوزيتها للانتخابات، وذلك عقب الاجتماع الذي ضم وفد لجنة الانتخابات المركزية برئاسة حنا ناصر مع قيادة حماس والفصائل الفلسطينية .
وقال هنية، في مؤتمر صحفي بعد لقاء قادة حماس والفصائل بوفد لجنة الانتخابات المركزية: “إننا جاهزون لإجراء الانتخابات والاحتكام لصناديق الاقتراع واحترام إرادة شعبنا، وليس لدينا أي تردد أو قلق أو تخوف من الدخول في عملية انتخابية عامة وشاملة”.
دعوة للرئيس عباس
حماس ذهبت بعيدة في حال الانفتاح على الانتخابات من خلال الدعوة التي وجهها يحي السنوار رئيس حركة حماس في غزة، أمس الاثنين، للرئيس محمود عباس، من أجل القدوم إلى قطاع غزة للجلوس سويا على طاولة واحدة لوضع حلول لكل القضايا والمشاكل الفلسطينية العالقة .
وقال: “متأكدون أنه إذا جلسنا على طاولة واحدة سنجد الحلول لكل قضايانا”.
هذه الإيجابية عبر عنها رئيس لجنة الانتخابات المركزية حنا ناصر بالقول : “اتفقنا على عدد من البنود المتعلقة بالانتخابات والموقف الوطني وسنعود إلى رام الله وشعورنا أننا اقتربنا كثيرا من إجراء انتخابات واستعادة الوحدة الوطنية، وهذا بفضل تكاثف وتفهم الجميع للمرحلة الصعبة التي نواجهها”.
لقاء الرئيس عباس مع حنا ناصر
وعبّر عضو المجلس الثوري لحركة فتح، أسامة القواسمي عن أمله في موافقة حماس على إجراء الانتخابات التشريعية والرئيسية بشكل متتالٍ شكلاً ومضموناً، وليس فقط من أجل التصريحات والتغطية الإعلامية .
وأوضح القواسمي، في تصريح صحفي اليوم الثلاثاء، بأنه من المبكر الحكم على موقف حركة حماس إلا بعد الاجتماع مع رئيس لجنة الانتخابات الدكتور حنا ناصر، حال عودته من قطاع غزة اليوم ولقائه مع الرئيس أبو مازن، للاستماع إلى كافة التفاصيل والمشارات التي جرت مع حماس، لاتخاذ القرار المناسب، ونأمل ألا يكون هناك أي معيق لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية”.
وشدد القواسمي على موقف حركة فتح بإجراء الانتخابات العامة، كونها المدخل الرئيسي لإنهاء حالة الانقسام، من خلال الديمقراطية وصناديق الاقتراع والعودة للشعب الفلسطيني ليقول كلمته .
وقال: “نحن نرغب ونرى ونريد أن تجري الانتخابات في الضفة وقطاع غزة، وعلى رأسهم القدس الشرقية، ولدينا معركة أخرى مع الاحتلال فيما يتعلق بالقدس، لذلك لا نريد أن تكون المشكلة فلسطينية داخلية مطلقاً، نريد التوجه للعالم لإلزام إسرائيل بإجراء الانتخابات بالقدس الشرقية، كما جرى في 1995 وفي 2006”.
تطور مهم
ويقول الكاتب إياد القرا، إن ما أعلنته حركة حماس أمس الإثنين، حول موقفها الايجابي من إجراء الانتخابات، تطور مهم وإيجابي نحو توحيد الموقف الوطني الفلسطيني، ويتوافق مع وثيقة الوفاق الوطني الأخيرة التي دعت لإجراء انتخابات.
وأشار القرا، في حديث للغد ، إلى أن موقف حماس الذي أعلنته في أعقاب لقائها وفد لجنة الإنتخابات المركزية، يتطلب إعلان واضح من رئاسة السلطة بخصوص ذلك، وتعاطيها مع الإجماع الوطني بتحديد مواعيد الانتخابات كرزمة واحدة والتوافق على نظام الانتخابات وجدول إجراءها.
وأوضح القرا، أن إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني المدخل الحقيقي لإعادة تشكيل النظام السياسي وتجديد الشرعيات الفلسطينية، مشدداً علي أن الحكم على هذه القضايا المهمة وما أعلنته حماس سيتضح بعد لقاء لجنة الانتخابات المركزية مع الرئيس عباس وإعلانه الواضح عن موقفه وخطواته الفعلية لإجراء الانتخابات، وتجاوبه مع موقف الفصائل وبينها حماس.
خطوة ايجابية
بدوره، اعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني إعلان حماس جاهزيتها للمشاركة في الانتخابات خطوة إيجابية ينبغي أن تُستكمل في إطار عملية إجرائية، موضحاً أن هناك فرق بين قبول حماس للانتخابات وجاهزيتها لها، مبيناً أنه فيما يتعلق بالجاهزية فأن كل القوى جاهزة للانتخابات من حيث المبدأ وقبول الفكرة والإعداد.
وأضاف مجدلاني، في تصريح صحفي، أن قبول إجراء الانتخابات يجب أن يستكمل بمجموعة من المبادئ بإجرائها على التوالي، التشريعية ومن ثم الرئاسية، وأيضا قانون الانتخابات وضمان احترام النتائج وإجرائها بشفافية ونزاهة، إضافة إلى محكمة الانتخابات المركزية.
وتابع: “بصرف النظر عن التجارب السابقة غير المشجعة، إلا أن تجربة الانتخابات المقبلة، هي الفرصة الأخيرة لمصداقية قيادة حركة حماس، ومصداقية القوى الأخرى، فيما يتصل بإرادتها في إنهاء الانقسام، والبدء بالانتخابات كمسار لتحقيق المصالحة ووحدة النظام السياسي.
مخاوف واقعية
ومن جانبه، أكد القيادي في التيار الإصلاحي لحركة فتح “ساحة غزة” أسامة الفرا، أن الانتخابات مطلب الكل الفلسطيني وكافة القوى الوطنية والشعبية والأهلية تدعو لإجرائها، معربا عن امله في أن تكون بداية لمرحلة جديدة تنهي حالة الانقسام الذي استمرت لسنوات طويلة، بحيث يتمكن المواطن الفلسطيني من اختيار ممثليه.
ولم يخفى الفرا تخوفه من عدم مصداقية الأطراف الفلسطينية للاحتكام إلى صناديق الاقتراع نظرا لعدم توفر الإرادة الحقيقية لإجراء الانتخابات والتعقيدات الكبيرة التي تدور حولها، مضيفاً أن الحديث عن جدية الانتخابات مبكر حتى الآن.
ونوه الفرا إلى وجود جملة من القضايا الشائكة التي يجب التوافق عليها قبل التوجه للانتخابات، ومنها قضية المحاكم المتعلقة بالانتخابات، والأجهزة الشرطية التي ستؤمن هذه الانتخابات، وقضية حرية الرأي والتعبير .
وأوضح الفرا أن زيارة رئيس لجنة الانتخابات الدكتور حنا ناصر لغزة، تؤكد أن الكل مع إجراء الانتخابات، ولكن السؤال حول مدى الجدية التي تتمتع بها الفصائل لتذليل العقبات التي تواجه إجراءها، ونأمل أن يكون هناك إرادة للإحتكام للصندق الانتخابي.
ورأى الفرا، أن الدعوة للانتخابات دون توافق فلسطيني، سيؤدي لحدوث مشاكل كبيرة ستعزز معها حالة الانقسام ، مؤكدا أن التوافق الوطني الشامل على الانتخابات أحد أهم عوامل نجاحها .
يذكر أن الرئيس محمود عباس أعلن، خلال كلمته الأخيرة في الأمم المتحدة، نيته إجراء انتخابات شاملة، وتعهد بإصدار مرسومين رئاسيين متزامنين بإجراء الانتخابات التشريعية، والرئاسية، على أن تكون الرئاسية بعد التشريعية بثلاثة أشهر.
وكلف عند عودته، رئيس لجنة الانتخابات المركزية حنا ناصر، باستئناف الاتصالات فورًا مع القوى والفعاليات والفصائل والجهات المعنية كافة، من أجل التحضير لإجراء الانتخابات التشريعية، على أن يتبعها بعد بضعة أشهر الانتخابات الرئاسية، وفق القوانين والأنظمة المعمول بها.
